رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتب الفرنسى يوسف هندى: «الجماعة» طعنت أوروبا فى الظهر بـ«الجواسيس» والمؤامرات

الكاتب الفرنسى يوسف
الكاتب الفرنسى يوسف هندى

"هزيمة تاريخية"، هذا هو العنوان العريض الذى يعبر عن حال جماعة الإخوان الإرهابية، من وجهة نظر الكاتب الفرنسى، يوسف هندى، صاحب كتاب "الإسلام السياسى"، حيث يرى أن الجماعة تعانى من فضيحة دولية تسببت فى خسارة نفوذها فى مصر وتونس وعدة دول عربية، وأدت لتغيير مواقف عدة دول أوروبية حيالها، وباتت تسن القوانين والتشريعات التى تحظر تداول الرموز والأفكار الإخوانية، وتتربص بالجمعيات والمنظمات التى تديرها، وتلاحق خطوط التمويل لتوجيه ضربات استباقية للخلايا الإرهابية والجواسيس الذين تديرهم جماعة الإخوان.

وحذّر، فى حواره لـ"الدستور"، من خطورة السماح للإخوان بالاختباء فى المجتمعات الأوروبية والانفراد بالمجموعات المسلمة والسيطرة عليها، وتحويل المسلمين إلى جواسيس ومتآمرين يطعنون الدول الأوروبية فى الظهر.

 

■ لماذا فقدت الجماعة موقعها وسيطرتها فى تونس ومصر ودول أخرى؟

- لا توجد إجابة واحدة عن هذا السؤال، فالسياق السياسى يختلف فى كل دولة. ففى تونس كانت سياسات "النهضة" فاشلة، وفاقمتها الانقسامات الداخلية، وأعلن الرئيس التونسى، قيس سعيد، فى ٢٥ يوليو ٢٠٢١، حالة الطوارئ، وأمر بتعطيل عمل مجلس النواب، وعزل رئيس الوزراء، وجاء ذلك بعد ١٠ سنوات من الإدارة الكارثية لحركة النهضة بتونس. 

علاوة على ذلك، أثار قرار الرئيس التونسى فرحة الجماهير التى استشاطت غضبًا من سياسة الإخوان فى السلطة، وفى مصر أيضًا سقطت الجماعة.

والإخوان مثل العديد من الحركات الإرهابية، خبراء فى التخريب، لكنهم لا يعرفون كيف يحكمون الدول بشكل ديمقراطى، وسبق أن قال الكاتب الفرنسى أناتول فرانس. "١٨٤٤-١٩٢٤": "إن الجمهورية تحكم بشكل سيئ، لكنها تدافع عن نفسها بشكل جيد". وهذا ينطبق أيضًا على الإخوان.

■ ما أبرز مخططات وأهداف الجماعة الإرهابية بشكل عام؟

- هدف مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، هو الاستيلاء على السلطة، لكن لم يكن لديه برنامج سياسى، وعندما أصر حلفاؤه، على سبيل المثال، على إعداد برنامج، خاصة الاقتصادى والاجتماعى، أجاب حسن البنا، وقتها، بأن شبكات الإخوان المسلمين ليست نشطة للغاية، ولكن ربما تحتاج القوى الغربية غدًا إلى الإخوان مرة أخرى.

ولهذا فإن الجماعات الإرهابية التكفيرية هى ورثة الوهابية، وكان حسن البنا من تلاميذ رشيد رضا، وهو إصلاحى ومروج للوهابية، وبطريقة ما ولدت الإخوان من اندماج الوهابية والإصلاحية الإسلامية، التى جاءت من المحافل الماسونية، فأيمن الظواهرى، الزعيم الحالى للقاعدة، عضو سابق فى الإخوان.

جذور الإرهاب والإخوان أعمق بكثير مما يقوله معظم الخبراء، وهذا ما أظهرته فى كتابى "الإسلام السياسى".

■ ما مخاطر جماعات الإسلام السياسى والإخوان المسلمين بشكل عام؟

- شهدت فرنسا حضورًا كبيرًا لجماعة الإخوان فى عهد الرئيسين نيكولا ساركوزى وفرانسوا هولاند، وهى جماعة إرهابية، تعمل منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام ١٩٢٨ فى الخفاء، وهى منظمة تخريبية متخصصة فى زعزعة استقرار الدول، وتاريخها فى مصر، خاصة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وفى المملكة العربية السعودية، ومؤخرًا فى سوريا، يشهد بذلك.

فى أوروبا، لا تمتلك جماعة الإخوان القوة والقدرة على ضرب استقرار الدول، كما هو حال الجماعة فى الدول العربية، لكنها مصدر رئيسى لتهديد الاستقرار والسلم، وجميع العناصر الذين ارتكبوا اعتداءات فى فرنسا كانوا على اتصال بطريقة أو بأخرى بـ"الإخوان المسلمين".

هناك أيضًا بعض رجال الجماعة الموجودين فى أوروبا والمدرجين على قوائم البوليس الدولى "الإنتربول"، ولكن تحميهم القوانين فى بعض الدول الأوروبية، على سبيل المثال الطاهر المبارك، المسئول عن العمليات الخاصة، أى الهجمات الإرهابية التى وقعت فى تونس بين ١٩٨٧ و١٩٩١، كان يختبئ فى فرنسا حين كان مطلوبًا لدى "الإنتربول".

■ هل نشهد حاليًا هزيمة عالمية لـ"الإخوان" بعد كشف حقيقتها؟ 

- منيت جماعة الإخوان بالهزيمة فى سوريا، وكذلك فى عدد من الدول العربية التى لطالما قدمت الدعم للجماعة، وفى أوائل عام ٢٠١٧ تخلت الإدارة الأمريكية عن دعمها لها، ومع انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لم يعد الديمقراطيون الذين دعموا الإخوان المسلمين، خلال الثورات العربية فى ٢٠١١، موجودين فى دائرة صنع القرار الأمريكى.

وأؤكد لك أن الإخوان فى طليعة الجماعات التى تعمل على زعزعة استقرار ليبيا ومصر وتونس وسوريا اعتبارًا من عام ٢٠١١.

■ لماذا تحاول الإخوان اختراق المجتمعات الأوروبية وتحديدًا ألمانيا وفرنسا والنمسا؟

- هذه بلدان يوجد فيها عدد كبير من المسلمين، وهدف الإخوان هو السيطرة عليهم والتلاعب بالجغرافيا السياسية للأديان فى أوروبا، ومن الممكن أن يتحول هؤلاء المسلمون لجواسيس وعناصر تخريبية ينفذون المؤامرات فى الدول الغربية، ويطعنون أوروبا فى الظهر.

كما أن هناك محاولات لإخوان الغرب، لزعزعة استقرار الدول العربية والبلدان الإسلامية، من الخارج، فالجماعة خطر حقيقى فى الدول الغربية، حيث تعمل على إرهاب السكان، من خلال الهجمات الإرهابية والتفجيرات، وهذا يسمح لقادة الولايات المتحدة وأوروبا بتصنيف المسلمين كتهديد، كجزء من استراتيجية صدام الحضارات.

■ ما تقييمك للإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة النمساوية لردع جماعات الإسلام السياسى، خاصة الإخوان؟

- على وجه الدقة، النمسا لم تحظر جماعة الإخوان المسلمين، لكنها ببساطة حظرت استخدام الشعارات والرموز الإخوانية أو نشرها أو ارتداء الملابس المطبوعة عليها هذه الشعارات، أو حملها أو توزيعها.

عناصر الإخوان لا يقدمون أنفسهم للمجتمعات الأوروبية على أنهم إخوان، ولكنهم يختبئون خلف صورة المسلمين المعتدلين، وهذا يسمح لهم بتأسيس منظمات وجمعيات وشركات دون الاصطدام بالقانون تحت ستار العمل الخيرى والأنشطة التجارية، ويعطيهم الفرصة للانتشار والتغلغل واختراق دوائر صنع القرار، لكنهم يفقدون قوتهم منذ هزيمتهم فى سوريا، وهذا ما يفسر مواد القانون النمساوى الجديدة التى تحارب شعارات ورموز الإخوان، وكذلك تغير الموقف الرسمى للنظام الفرنسى تجاه التنظيم.

■ عناصر جماعة الإخوان يختبئون بشكل دائم خلف ستار الضحية ويصدرون خطابًا ديمقراطيًا، لكنهم ينفذون أجنداتهم فى الخفاء، كيف يمكن كشف أساليبهم؟

- أعتقد أن أفضل طريقة لكشف أساليب جماعة الإخوان المسلمين وهو العودة إلى أصولها، إلى زمن حسن البنا ومناوراته، خاصة فى الأربعينيات. وفى كتابى "الإسلام السياسى"، تتبعت تاريخ الإخوان وحللت مناهج وسياسات حسن البنا.

علّم حسن البنا أتباعه أنهم دعاة ثوريون، وهو صاحب مقولة "أنتم دعاة لحقيقة وسلام وإذا ثاروا علينا وسدوا الطريق أمام دعوتنا، فقد سمح الله لنا بالدفاع عن أنفسنا، وأنتم المتمردون والظالمون"، كما ورد فى جريدة "الإخوان المسلمين" العدد الصادر يوم ٢٠ مايو ١٩٥٤. ولهذا ألصق "البنا" المصطلحات الإسلامية بالعقيدة الثورية التى استخدمت الدين كأداة لأغراض سياسية.