رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كمال الطويل: الملحنون تهربوا من عبدالحليم حافظ

كمال الطويل
كمال الطويل

تحدث الملحن كمال الطويل عن علاقته بعبدالحليم حافظ، وذلك في مقال كتبه بمجلة الكواكب، في هذا التوقيت كان "الطويل" يعمل في الإذاعة مراقبًا للموسيقى، ولم يكن يهمه التلحين ولم يفكر فيه، كان كل اهتمامه منصبًا على الواجب الإذاعي الملقى على عاتقه، يقول: "كان نظام العمل بالإذاعة يسير على نحو رتيب، وهو أن يختار الملحن مطربيه الذين يسند إليهم ألحانه في الأركان التي يلحن لها، وطلبت الكثير من الملحنين أن يضموا حليم إليهم ويعطوه بعض ألحانهم".

كان الملحنون يتفننون في الرفض لتقديم "حليم"، وبرغم إيمان "الطويل" به وتأكده من موهبته لكنه فشل في أن يجد فرصة له، الكل يتهرب منه ولم يفكر أحدهم في منحه ولو فرصة واحدة، وكان "الطويل" مضطرًا لأن قوانين الإذاعة كانت تحتم ألا يدخل مطرب إلا إذا غنى لواحد من ملحنيها.

وهنا كان القرار الذي سيقلب حياة كمال الطويل رأسًا على عقب: "قررت أن ألحن له أغنية أقدمه بها للإذاعة، كانت لجنة الاستماع مكونة مني وحافظ عبدالوهاب وعبدالحميد عبدالرحمن، واجتمعنا نستمع لحليم، وأبدى عبدالحميد اعتراضه الكبير في عمل حليم كمطرب، كان من رأيه أن عازف "الأوبوا" لا يمكن أن يكون مطربًا، وأعلن انسحابه من اللجنة، ولم يبق غيري وحافظ عبد الوهاب".

كان حافظ عبدالوهاب متحمسًا لحليم أكثر من "الطويل"، وبذل الاثنان جهودًا كبيرة في مساعيهما تجاه "حليم" كمطرب، وتكلل مجهودهما بأن نجحا في الحصول على قرار بإذاعة أغنية لحليم لحنها كمال الطويل، ونجحت بشكل مبهر، وبعدها كان القرار الذي التصق بحليم باق عمره: "لم يعجبني اسم شبانة، وربما يختلط الأمر على الأخوين، ورحنا في رحلة بحث عن اسم لحليم، وعندما استعرضت الأسماء قفز اسم حافظ إلى ذهني ولعل اختياري لاسم حافظ هو اعترافًا بجميل الرجل ووافق حليم".

بعدها كانت هناك خطوة من أهم الخطوات التي ينبغي عليه فعلها ليشتهر، وهي أن يغني في الحفلات العامة وينال استحسان الناس، يقول الطويل: "ذات صيف اتفق حليم على أن يغني فوق أحد مسارح الإسكندرية، وكان البرنامج المسرحي يضم شكوكو وفرقته، وكنت أحضر هذه الحفلات تشجيعًا له؛ لأنه كان حديث العهد بمواجهة الجمهور، وفي اليوم الأول شعر حليم بأشياء غير عادية تحدث في كواليس المسرح، زادت في اليوم الثاني لدرجة أنه راح يحدثني بها قائلًا إنه يخشى على مركزه كمطرب، وصارحني بأن شكوكو وقد كان يومها في أوج شهرته يحاربه ويكره له النجاح، ويحاول تدبير المقالب له خفية ليقضي عليه، وفي هذا اليوم قوبل عبدالحليم عندما صعد للمسرح ليغني باستهجان الجمهور واستخفافه به، واعتقدنا أن هذا لا بد من تدبير شكوكو، وانتحي يومها بحليم جانبًا لأقول له: "ولا يهمك الجمهور، اعتبر نفسك وسط شلة الأصدقاء تغني لهم في حفل خاص، أن ذلك سيساعدك على ألا تشعر بما يدبر لك وراء ظهرك".

يكمل: "وعمل حليم بنصيحتي فسجل نجاحًا كبيرًا طغى على كل تدبير خفي يمكن أن يعزله عن الجمهور، وكسب حليم الجولة وكسب جمهوره أيضًا".

كان حليم كثيرًا ما يقضي الصيف صحبة كمال الطويل والموسيقار أحمد فؤاد حسن، وكان لهما الكثير من المواقف معًا: "كنا نمرح ما استطعنا إلى المرح سبيلًا، ونأخذ من الحياة كل ما هو بهيج رائع فيها، ودارت الأيام وأصبح حليم قبلة للملحنين جميعهم، وهم الذين كانوا يتهربون منه في البادية ولا يقبلون بتلحين أغنية واحدة له فقط، وكان سببًا في اتجاهي للتلحين، ولكن حليم لم يغن سوى لاثنين من الملحنين في الإذاعة هما عبد الحليم نويرة، وخليل المصري في الركن الخاص بكل منهما في الإذاعة".