رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نقيب المهندسين: التعليم الهندسى قضية أمن قومى لمصر

طارق النبراوي
طارق النبراوي

أكد المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، أن التعليم الهندسي قضية أمن قومي لمصر، ومشكلاته متعددة في الاتجاهات كل، لافتًا إلى أن النقابة تعاني من هذا الملف نظرًا لأن بعض الخريجين ليسوا على المستوى اللائق والمطلوب، إضافة إلى أعداد الخريجين التي تفوق احتياجات سوق العمل، ولهذا الأمر تبعات خطيرة.

جاء ذلك خلال حديثه في "جلسة استماع حول مشكلة التعليم الهندسي في مصر" التي عقدت أمس بنقابة المهندسين المصرية بحضور المهندس الاستشاري يسري الديب أمين عام النقابة، والمهندس أحمد صبري، الأمين العام المساعد والمتحدث الإعلامي للنقابة، والتي شهدت حضور عدد من شباب المهندسين المهتمين بقضية التعليم الهندسي، ولفيف من أساتذة الهندسة بالجامعات المصرية المختلفة، المهتمين بهذا الشأن .

وقال النبراوي خلال كلمته إن زيادة أعداد الخريجين أدت إلى حدوث بطالة شديدة، وتعد سببًا مباشرًا في انخفاض الرواتب نتيجة لزيادة العرض على الطلب، لافتًا إلى أن الوضع في المنطقة العربية التي أصبحت طاردة للمهندس المصري أمر يؤسف له نتيجة المستوى غير المقبول لبعض الخريجين، الأمر الذي يستلزم المناقشة مع قامات علمية وهندسية كبيرة للخروج بعدة اقتراحات وتوصيات من شأنها معالجة العوار الذي يشوب هذا الملف.

وصرح بأن النقابة بصدد عقد مؤتمر للتعليم الهندسي يشارك فيه جميع المعنيين بالتعليم الهندسي لوضع حلول يتفق عليها الجميع للارتقاء بالتعليم الهندسي في مصر.

وأوضح أن النقابة تدرس عقد اختبار اختياري مجاني لمن يريد ممارسة مهنة الهندسة على أن يتم قيد جميع خريجي المنشآت التعليمية الهندسية المعترف بها لدى النقابة، مشيرًا إلى أن النقابة أولت لهذه المشكلة اهتمامًا بالغًا بين عامي (2014-2017)، حيث جرى تواصل مع المجلس الأعلى للجامعات، ولجنة التعليم فى مجلس النواب، وأصرت النقابة وقتها على أن يكون لها دور في هذا الملف.

ولفت إلى أن النقابة قد أصدرت قرارًا صدق عليه المجلس الأعلى والجمعية العمومية فى هذا الشأن بأن يكون الفرق فى القبول بالنسبة للتعليم الهندسي الحكومي والخاص، لا يزيد على 10% فى الثانوية العامة ثم تتناقص هذه النسبة بعد ذلك.

وأشار نقيب المهندسين أن الخطوة الثانية التي كان من المفترض أن يتم تفعيلها كانت تقليل الأعداد، حيث أصدرت النقابة قرارًا عام 2015 فى هذا الشأن، وتنفيذه كان من المقرر تفعيله فى 2020، ولكن لم يتم.

كما أكد النبراوي أن النقابة لا تتدخل من قريب أو من بعيد في المناهج الدراسية، ولكن تتعرض فقط لقضية المجموع ومستوى الخريجين والمنشآت التعليمية الهندسية، داعيًا أن يتم توحيد أو التقريب إلى حد كبير في الاختبارات التي تعقد في المنشآت التعليمية الهندسية، أو اتخاذ إجراء يكفل بأن يكون هناك حد أدنى للمستوى العلمي للخريج، موضحًا أن تخفيض عدد الساعات الدراسية الأسبوعية أمر خطير لا بد من الالتفات إليه، وهو أحد المواقف الواضحة للنقابة.

من جانبه دعا المهندس أحمد صبري الحضور إلى توحيد الجهود والوقوف صفًا واحدًا خلف نقابة المهندسين دون النظر إلى تقسيم قضية التعليم الهندسي إلى تعليم هندسي خاص أو حكومي، لأن ما يهم النقابة صالح المهنة ومستوى الخريج، إضافة إلى دراسة كل سلبيات هذا الملف بما فيها أعداد الخريجين ومتطلبات سوق العمل.

وقد تم عرض، عدة إحصائيات خلال الجلسة تكشف جذور وأبعاد الأزمة، وأشارت الإحصائيات إلى أنه حتى عام 1960 لم يكن في مصر سوى 5 كليات هندسة فقط، وجميعها كانت كليات حكومية، ثم تم إنشاء 5 معاهد صناعية في شبرا والمنصورة وبورسعيد ومنوف والمنيا، وفي 1974 تحولت تلك المعاهد إلى كليات هندسة وتكنولوجيا، ثم صارت كليات هندسة فقط عام 1980، وشهدت مصر أول معهد هندسي في عام 1988، وتم تخريج أول دفعة منه عام 1994، وحتى 2005 لم يكن في مصر سوى 4 معاهد هندسية فقط، ولكن خلال الفترة من 2007 حتى 2011 منحت وزارة التعليم العالي 70 رخصة بإنشاء معاهد هندسية، وحتى 2007 كان عدد الملتحقين بالتعليم الهندسي لا يتجاوز 5% من الحاصلين على الثانوية العامة، وبعدها تزايد العدد عامًا بعد آخر حتى وصل العام الماضي إلى 12% من الحاصلين على الثانوية العامة. 
و"حتى 2007 كان الحاصلون على الثانوية الصناعية يخوضون امتحان معادلة للالتحاق بكليات ومعاهد الهندسة، وكان هذا الامتحان موحدًا، ويُعقد في جامعة القاهرة فقط، وكان عدد من يتجاوز هذا الاختبار سنويًّا يتراوح بين 50 و100 طالب فقط، ولكن بدءًا من 2008 تم تخصيص 4 أماكن لامتحانات المعادلة في أسيوط والزقازيق، وحلوان وكفر الشيخ، وارتفع عدد الناجحين ليكون بالآلاف، وفي 2012 تم السماح لطلاب الثانوية الصناعية نظام 5 سنوات بالالتحاق مباشرة بكليات ومعاهد الهندسة دون امتحان معادلة".
كما أشارت الإحصائيات إلى أن"نسبة المهندسين إلى عدد السكان في مصر تتجاوز كثيرًا النسبة العالمية التي تُقدر بمهندس واحد لكل 200 شخص، بينما نسبتها في مصر هي  مهندس لكل 8.5 مواطن".
"طبقًا للمعدلات العالمية، فإنه إذا كان عدد المواليد في مصر حوالي 2 مليون طفل سنويًّا، فمعنى هذا أنه من المفروض ألا يلتحق بكليات الهندسة سنويًّا سوى 10 آلاف  طالب فقط، في حين أن من يلتحقون بكليات الهندسة سنويًّا يتجاوز 40 ألف طالب ".

وقد أوضحت مناقشات الحضور أن عدد المؤسسات التعليمية الهندسية في مصر حاليًا بلغ 122 مؤسسة، منها 30 كلية هندسة حكومية و15 كلية هندسة خاصة و62 معهدًا خاصًّا و5 كليات هندسة بالجامعات الأهلية، مما يشير الي أن عدد الكليات الهندسية سيزيد 15 كلية بالجامعات الأهلية و10 كليات بالجامعات الخاصة، وهو ما سيزيد من أعداد المقبولين.

واقترح الحضور ضرورة الالتزام بتطبيق المادة 82 من قانون تنظيم الجامعات، التي تقضي بضرورة وجود لجنة ثلاثية تحدد المواد التي يتم تدريسها في سنة البكالوريوس، وتتولى ذات اللجنة الإشراف على تصحيح امتحانات بكالوريوس الهندسة، مشددين على ضرورة الالتزام بقواعد المجلس الأعلى للجامعات والتي تنص على أن العدد الأقصى لطلاب كليات ومعاهد الهندسة يجب أن يكون 40 طالبًا لكل عضو هيئة تدريس. 

وأضافت أن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد لم تعتمد في مصر سوى 20 كلية هندسة حكومية، و5 كليات خاصة ومعهدين خاصين فقط، وأشارت المقترحات إلى ضرورة أن تولي النقابة أهمية خاصة لتدريب المهندسين، بحيث توفر فرص تدريب لكل من يريد من خريجي كليات الهندسة وشباب المهندسين. 
وعلى مدى 3 ساعات كاملة، استعرض المشاركون في جلسة الاستماع عددًا من المقترحات، مؤكدين أنه إذا كان من حق كل خريجي كليات ومعاهد الهندسة الانضمام للنقابة بنص القانون، فمن حق النقابة أيضًا وبنص القانون ذاته، أن تتداخل وتشارك كل الجهات المعنية بالتعليم الهندسي للارتقاء به وضمان جودته ورفع المستوى العلمي والمهني لخريجي كليات الهندسة، ومن حقها وضع معايير مهنية وعلمية لمن يزاولون مهنة الهندسة من خريجي الكليات والمعاهد الهندسية. 

وشهدت المناقشات مقترحًا بضرورة وضع اختبار موحد لبكالوريوس الهندسة في جميع الكليات والمعاهد الهندسية، وهو ما سيضمن أن يكون خريجو الهندسة على قدر علمي مقبول، وإذا لم يتم امتحان موحد لبكالوريوس الهندسة، فعلى النقابة أن تعقد امتحانًا موحدًا لكل خريجي الكليات والمعاهد الهندسية، ومن يتجاوز هذا الامتحان يصبح من حقه مزاولة مهنة الهندسة، ومن يفشل في اجتيازه يكون من حقه القيد بالنقابة والحصول على كل المزايا النقابية، ولكن لا يمارس المهنة.  

كما تضمنت المقترحات، ضرورة وضع لائحة لمزاولة مهنة الهندسة، على أن تتم إضافتها لمشروع قانون النقابة الجديد الموجود حاليًا بالبرلمان، مع ضرورة العودة لامتحانات المعادلة، والالتزام بقرار الجمعية العمومية لنقابة المهندسين، بألّا يقل مجموع من يلتحقون بكليات الهندسة الخاصة والمعاهد الهندسية عن 10% من تنسيق كليات الهندسة الحكومية. 

وتضمنت المقترحات أيضًا ضرورة الالتزام بالأعداد التي يحددها قطاع التعليم الهندسي بالمجلس الأعلى، كما تم اقتراح تعاون جمعية المهندسين مع النقابة في وضع امتحان مزاولة المهنة لخريجي كليات الهندسة، مع الأخذ في الاعتبار بعدم  تطبيق نظام الساعات المعتمدة في كليات الهندسة، لأن: "نظام الساعات المعتمدة يتم تطبيقه في دول، من يتخرج في كليات الهندسة بها يسمى (مهندس تحت التدريب)، ولا يُسمح له بممارسة المهنة إلا بعد خضوعه للتدريب لمدد تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام، وبعدها يكون من حقه ممارسة مهنة الهندسة، أما في مصر فخريج كلية الهندسة من حقه ممارسة المهنة فور تخرجه من الكلية أو المعهد الهندسي، وبالتالي فإن نظام الساعات المعتمدة لا يتناسب مع مصر".

يذكر أن هذا اللقاء يأتي في إطار اهتمام نقابة المهندسين بقضية التعليم الهندسي، وهو أول لقاءات وجلسات استماع بخصوص هذا الملف، وسيليه لقاءات أخرى بناءة، كما سيتم عقد ورش عمل متتالية، وتشكيل فريق عمل من أعضاء المجلس الأعلى وأساتذة الجامعات ورؤساء الشعب، وعرض المقترحات المنبثقة على المجلس الأعلى للنقابة.