رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمالة الأطفال.. عن حكايات مواجهة الموت في الصغر

عمالة الاطفال
عمالة الاطفال

يتزايد في مصر معدّل عمالة الأطفال كل عام، لاسيما العامين اللذين شهدا جائحة كورونا إذ يعمل الأطفال بلا تأمين أو حماية لهم، ما يعرّضهم للحوادث وفقد ذويهم لهم دون أي رقابة أو تعويض.

وشهدت الفترة الأخيرة عددًا من الحوادث الخاصة بعمالة الأطفال راح ضحيتها أطفال كانوا يعملون في سن غير قانوني، وأصيبوا بإصابات بالغة أدت إلى أذيتهم وقد يتطور الأمر في بعض الوقائع إلى وفاتهم.

ويمر اليوم العالمي للحد من عمالة الأطفال في تزايد العمالة داخل مصر، ووقائع لوفاة الأطفال العاملين مثلما حدث في البحير من غرق 8 أطفال كانوا عائدين من العمل محملين على تروسيكل غرق بهم في مياه النيل.

وتختلف الأسباب التي تدفع الأطفال إلى سوق العمل، منها ظروف الجائحة وأكثرها هو عدم وجود مصدر رزق آخر للأسرة سوى عمل الطفل في وقت لا يكفي ما يجلبه الوالدين للأسرة شهريًا.

◘ محمد.. من المدرسة إلى بائع في المترو

محمد.ش، طفل يبيع الجوارب داخل عربات المترو، عمره 15 عامًا، أحد الأطفال الذين زجت بهم كورونا في سوق العمل، فاضطر إلى الحصول على بضائع تبلغ 1000 جنيه خلال تلك الفترة من أحد المصانع وبيعها في المترو والطرقات.

يحصل محمد في اليوم الواحد من 70 - 80 جنيهًا ويعمل من الثامنة صباحًا حتى الحادية عشر قبل منتصف الليل: «بيبع على الكورنيش والمترو وفيه مضايقات كتير من الأمن لأن ممنوع ولأني شاب صغير».

توفى والد محمد خلال الشهور الأولى من انتشار الجائحة، ووالدته سيدة مسنة كانت تعمل في الحياكة إلا إنها توقفت بسبب إعيائها، ولدى محمد أخ كبير يعمل في ورشة أثاث وشقيقه صغرى تبلغ من العمر 10 سنوات: «قبل كورونا كان عمل والدي ووالدتي بيكفّونا، لكن لما والدي توفى ووالدتي توقفت عن العمل بقت المسؤولي عليا أنا وأخويا الكبير، فكان لازم اشتغل، واضطريت أسيب المدرسة في الوقت دا عشان أطلع مصاريفي».

يتمنى محمد أن يتعلم صنعة جديدة تليق به مثل صناعة الذهب أو الدخول إلى كلية الهندسة، بالرغم من عمله في ظروف قاسية عودته للمدرسة، إلا أن يقسم أوقاته بين العمل والدراسة حتى يكون قادرًا على الإيفاء باحتياجاته.

◘ أين وصل قانون عمالة الأطفال؟

يعتبر طفلًا كل من بلغ الرابعة عشر من عمره أو تجاوز سن إتمام التعليم الأساسي ولم يبلغ 17 سنة كاملة، بحسب القانون رقم 12 لسنة 2003، والذي ألزم كل صاحب عمل يستخدم طفلًا دون سن السادسة عشر بمنحه بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل وتعتمد من مكتب القوى العاملة المختص.

وتناول قانون منع تشغيل الأطفال في مصر، بعض العقوبات الرادعة حال تشغيل الأطفال أكثر من 6 ساعات، فيتم المعاقبة بدفع غرامة لا تزيد عن ألفين جنيه ولا تقل عن ألف، وفي حال العودة، يتم غلق المنشأة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

◘ بلاغات عمالة الأطفال

في 2020، أعلن خط نجدة الطفل أنه تلقى 496 بلاغًا يخص الأطفال مثلت عمالة الأطفال به 14.6% من إجمالي البلاغات، بواقع 453 بلاغ استغلال أطفال في أعمال تسول، 36 بلاغ عمالة أطفال بدافع من الأسرة، وبلاغان تجارة بالأطفال.

بينما إجمالي البلاغات التي وصلت للخط في العام 2019 كانت نحو 2331 بلاغ بزيادة قدرها 11.4% عن العام 2018، منهم 2056 بلاغًا يخص استغلال الأطفال في أعمال تسول، وهو يعد جزء من عمالة الطفل قانونًا، و263 بلاغ عمالة أطفال، و12 بلاغ تجارة بالأطفال.

ووفقا للمسح القومي الأخير لعمل الأطفال في مصر والصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد تم استبيان وجود 1.6 مليون طفل في سن ما بين 12 لـ17 سنة، بمعدل طفل من 10 أطفال.

◘ علي يعمل في فرن بلا حماية

لم تختلف حكاية علي.م، 15 عامًا، وأحد الأطفال الذين أصبحوا في سوق العمل خلال الوقت الحالي، إذ أصبح يعمل في فرن للخبز تابع لوالد أحد أصدقائه منذ العام 2020 أي وقت الجائحة أيضًا.

يقول إنه اضطر إلى ذلك حتى يستطيع إيفاء مصروفاته وكذلك مساعدة والده في البيت: «ساعات العمل من 5 الفجر لحد 2 الظهر في وقت الإجازة، ووقت الدراسة بمشي بدري في ميعاد المدرسة عشان أقدر أوفق بين المدرسة والدراسة».

مهمة علي هو حمل العجين ووضعه في ما يسمى «الأدوس» ومن ثم إدخاله الفرن وخروجه من على السير الخاص به: «مفيش أدوات حماية لأنه فرن آلي عادي، وفيه شباب كتير في نفس سني بيشتغلوا في الفرن وأدوارهم مختلفة».

بنشيل العجين من العجّانة ونحطها في الأدوس الوزن بالظبط بعد كدة ع الخمارة والفرادة ويعدي على السحلة لو الرغيف مش مظبوط بيظبطه بيلف في الفرن فوق، بعد كده بياخد الحرارة بيلف من بين السيور عشان يرد بدل ما يعجن.

يحلم “علي” بالالتحاق بكلية الهندسة، إلا أنه لا يعرف هل سيكمل تعليمه في وسط تلك الظروف المادية الصعبة أم لا: «نفسي أدخل كلية هندسة واشتغل في المجال دا، لكن لحد دلوقتي مش عارف هكمل في التعليم ولا هكتفي بشغلي في الخارج».

* أسماء الأطفال المستخدمة مستعارة؛ للحفاظ على هويتهم.