رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعاون وتبادل خبرات وجسور تنمية فى «مصر تستطيع بالصناعة»

من المؤكد أن الدورة السادسة من مؤتمرات «مصر تستطيع» قد أثبتت نجاحها منذ اللحظات الأولى لافتتاح المؤتمر. فلقد حرصت على حضور افتتاح النسخة السادسة التى حملت عنوان «مصر تستطيع بالصناعة»، التى أقيمت بالعاصمة الإدارية مع غيرى من الحريصين على حضور ومتابعة هذا المؤتمر المهم الذى يتحدث عن الصناعة التى هى عماد أساسى فى الاقتصاد المصرى نتطلع جميعًا إلى تقدمه وتطوره، وزيادة قدرته التنافسية فى العالم، وبالتالى زيادة الدخل القومى لبلدنا.

ومن المؤكد أن كل محب لمصر يتمنى أن نعبر بالصناعة إلى آفاق جديدة، وأن تصبح مصر من القوى الصناعية الكبرى فى العالم، ولا شك أن لدينا مقومات كثيرة يمكنها أن تحول الحلم إلى حقيقة، فلدينا القوى البشرية، ولدينا الكفاءات القادرة على التجويد والمنافسة، إنما يبقى أننا فى حاجة إلى الاستفادة من خبرات الآخرين الذين سبقونا فى بعض المجالات وفى استخدام التكنولوجيا الحديثة.

ولا شك فى رأيى أن هذا الحضور الكبير من الخبرات الدولية ومن المصريين فى الخارج ومن رجال الأعمال من الدول الإفريقية الذين ملأوا القاعة الكبرى بفندق الماسة بالعاصمة الإدارية- قد أضفى على المؤتمر نجاحًا وتميزًا منذ اللحظات الأولى للافتتاح، ولا شك أن وراء هذا الحضور الكبير جهودًا كبيرة بدأت منذ شهور لوزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، التى أقامت المؤتمر بالتعاون مع وزارات أخرى وجهات معنية، كما أضفت اهتمامًا خاصًا على المؤتمر الدولى إقامته تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وحضر عدد كبير من رجال الدولة المصرية، ما أضفى عليه اهتمامًا أيضًا، فقد كان فى مقدمة الحضور د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الذى أكد فى مداخلة أثناء الجلسة الافتتاحية أهمية اتجاه الدولة كأولوية إلى بناء وتأسيس البنية التحتية، وذلك لأهميتها فى إنجاح مصر فى دفع حركة التنمية والتقدم فى مجالات الصناعة والاستثمار والسياحة. وهكذا جاءت النسخة السادسة لمؤتمرات مصر هى الأقوى، من حيث فاعليتها وتميز مناقشاتها، وقدرتها على بناء جسور جديدة للتنمية والتعاون وتبادل الخبرات، والتحالفات فى مجال الصناعة، خاصة بناء جسور جديدة مع القارة الإفريقية. ومن المؤكد أن وراء نجاح المؤتمر وزيرة متميزة تدرك مسئوليتها، ولديها مبادرات ناجحة، وعلى قدر كبير من الكفاءة، مما مكنها من جذب نماذج ناجحة من المصريين بالخارج، جاءوا إلى بلدهم الأم ليسهموا فى تقدمه، وفى إقامة مشروعات حديثة جديدة وإعطاء خبراتهم بكل أمانة، وتقديم اقتراحات لحل الكثير من العوائق التى يرون أنها قد تقف حجر عثرة أمام تقدم مصر.

وكما لمست فإن المصريين بالخارج كانوا فى حاجة إلى من يشجعهم، ويدعوهم إلى الحضور للإدلاء بخبراتهم الدولية، أو المشاركة فى مشروعات تخدم الوطن، وفى خطة التنمية المستدامة التى تقوم بها مصر ٢٠٣٠.

وكان المؤتمر قد عقد على مدى يومين، ونظمته وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج، بالتعاون مع وزارات التجارة والصناعة والإنتاج الحربى وقطاع الأعمال العام وعدد من المؤسسات والجهات المعنية.

ومن الثمار العديدة للمؤتمر ما تم التوصل إليه خلال الجلسات التى بلغت ١٢ جلسة من توصيات مهمة، أولاها: تشجيع الشراكة الفعالة بين المؤسسات الصناعية والتعليمية من خلال قيام تحالفات استراتيجية تهدف لرأب الفجوة بين التعليم والصناعة، ودعم المراكز البحثية والاستفادة من الخبرات العلمية الدولية فى الأبحاث التى تخدم صناعة التكنولوجيا الرقمية ومكونات الطاقة المتجددة.

وثانيتها: الاهتمام بالتوسع فى صناعة مكونات المركبات الكهربائية، مثل البطاريات وأنظمة الشحن حيث إنها تعتبر سوقًا واعدة بالنسبة لمصر، مع التوسع فى تجهيز محطات الشحن تمهيدًا للتوجه العالمى المستقبلى فى التحول لاستخدام المركبات الكهربائية. 

وثالثتها: تحديد استراتيجية التنمية المستدامة والتحول الأخضر وتمكين الصناعات الصديقة للبيئة والصناعات الخضراء، وتعزيز استخدام الهيدروجين الأخضر، وكذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل إنترنت الأشياء فى مراقبة الانبعاثات، وتوزيعها على نطاق جغرافى لتحديد نسب الانبعاثات وعلاقته بالكتلة البشرية.

ورابعتها: تعزيز الآليات التنفيذية لدعم الصادرات ذات الميزة التنافسية العالية وتيسير كل سبل النفاذ إلى الأسواق الدولية، وتنمية الصادرات المصرية للخارج، وتعزيز وضعها التنافسى فى الأسواق العالمية.

وخامستها: توطين صناعة تكنولوجيا المعلومات والحلول الإلكترونية، وكذلك التوسع فى التعاون مع الشركات الرائدة فى المنطقة العربية والدولية لإعادة هندسة التكنولوجيا وترجمة المتطلبات العملية والتشغيلية، لتوفير حلول تكنولوجية لتقديمها لمؤسسات القطاعين العام والخاص.

وسادستها: التوسع فى استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحقيق نظام صحى ذكى لكل مواطن؛ لتسهيل عملية تتبع الحالة الصحية للمرضى، ومن ثم التخطيط بكفاءة أكثر للمبادرات الصحية التى تتبناها الدولة فى المستقبل، وأيضًا توطين وتنمية قدرات وتطوير صناعة المستلزمات والأجهزة الطبية الإلكترونية فى مصر. وسابعتها: العمل على مطابقة المنتجات الغذائية مع معايير السوقين الإقليمية والعالمية، والعمل على إزالة المعوقات التى تواجه الصناعات الغذائية المصرية فى السوق الإفريقية، ودعم البحوث والدراسات فى مجال الصناعات الغذائية. وثامنتها: ضرورة فتح قنوات اتصال فعالة بين المصريين بالخارج والجهات الحكومية ذات الصلة فى مصر، لضمان الحصول على كل المعلومات والوقوف على المستجدات فى مجال الأعمال. وتاسعتها: تيسير الإجراءات الإدارية لبدء الأنشطة الصناعية، وتذليل العقبات ذات الشأن مع التوسع فى توفير المناطق والمجمعات الصناعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بتسهيلات فى السداد من خلال نظم التمويل العقارى أو حق الانتفاع، ولا بد من أنه من ثمار المؤتمر الذى شهد جلسات عديدة فيها الكثير من المناقشات حول أهمية الاتجاه إلى الصناعة بشكل حديث، إنه قد تم توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الهجرة وأكاديمية البحث العلمى لتعظيم الاستفادة من خبرات المصريين بالخارج، وشهدت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، والمهندس محمد أحمد مرسى، وزير الدولة للإنتاج الحربى، مراسم توقيع البروتوكول. وبمقتضى هذا البروتوكول يمكن تعظيم الاستفادة من خبرات أبناء مصر بالخارج من العلماء والخبراء فى دعم خطط التنمية القومية. وأكدت الوزيرة أيضًا فى هذا السياق أن سلسلة مؤتمرات «مصر تستطيع» تمكنت من خلالها من تأصيل مشاركة العلماء والخبراء ورجال الأعمال والمستثمرين المصريين بالخارج فى قطاعات التنمية المتعددة فى الدولة المصرية؛ للعمل على تعزيز التعاون البناء والجهود المشتركة بينهم وبين مؤسسات الدولة المختلفة؛ للعمل على استغلال القدرات العلمية والعملية لهم، وبما يسهم فى زيادة الاستفادة من ثروة مصر العلمية والفكرية من المصريين بالخارج فى المشروعات التنموية، والاستفادة من التجارب الدولية وتطبيق الأنظمة التكنولوجية الحديثة فى شتى القطاعات، بما يسهم فى تحقيق أهداف استراتيجية التنمية المستدامة طبقًا لرؤية مصر ٢٠٣٠. كما قامت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، بتكريم عدد من الشركاء فى المؤتمر، الذين أسمتهم شركاء النجاح، والذين شاركوا فى مؤتمر «مصر تستطيع بالصناعة»، ومنهم، على سبيل المثال، دكتور هانى دميان، الخبير الاقتصادى ووزير المالية الأسبق، والسفير ألبرت موتشنجا مفوض الاتحاد الإفريقى للتجارة والصناعة، ود. أمانى عصفور، رئيس مجلس الأعمال الإفريقى ود. أكرم سليمان، عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا فرع الإسكندرية، والدكتور إسماعيل عبدالغفار إسماعيل، رئيس الأكاديمية والراعى العلمى للمؤتمر، ودكتور شيرين حلمى، رئيس مجلس إدارة شركه فاركو. كما تم تكريم عدد من رواد الصناعة، مثل اسم الراحل المهندس محمد فريد خميس واسم الراحل الحاج محمود العربى، والمهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، وأستاذ تامر مجدى العضو المنتدب لشركة أسمنت سيناء. وكان من اللمسات المضيئة أن قام رواد الأعمال الأفارقة بتكريم وزيرة الهجرة فى ختام مؤتمر مصر تستطيع بالصناعة فى هذه الدورة التى هى الأكبر ضمن سلسلة مؤتمرات مصر تستطيع فى نسختها السادسة. وأكد السفير ألبرت موتشنجا، المفوض الاقتصادى للاتحاد الإفريقى، عن تقديره جهود السفيرة نبيلة مكرم، ووجه لها الدعوة لزيارة الاتحاد الإفريقى والتعرف على أنشطته، وأشار موتشنجا إلى أن تجمع الموجودين فى مؤتمر مصر تستطيع بالصناعة هو إنجاز كبير لوزارة الهجرة المصرية. ولا بد أن أذكر أيضًا أن كثيرًا من الوزراء قد حرصوا على المشاركة فى الجلسات والتحاور مع الموجودين، مما أحدث أثرًا إيجابيًا لدى المشاركين الأجانب والأفارقة ومنهم مثلًا وزيرة التخطيط د. هالة السعيد، ود. نيفين جامع، وزيرة الصناعة والتجارة، ووزيرة البيئة ياسمين فؤاد، والسفير أحمد الملا وزير البترول كما حضر كثير من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين من كبار رجال الصناعة المصرية.

ومن المؤكد- بعد أن شهدت الجلسات والمناقشات الجانبية- أن هذه المؤتمرات التى اتخذت اسم «مصر تستطيع» خاصة مع انتهاء «مصر تستطيع بالصناعة» بنت جسور تواصل فعالة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة لمصر٢٠٣٠، وهى جسور تعاون وتنمية مهمة تسهم فى نهضة مصر، من خلال التعاون وتشجيع ودعوة الناجحين من المصريين بالخارج، ليقدموا خبراتهم الدولية العريضة فى مجالات متعددة؛ مما سيسهم بالضرورة فى دفع وتسريع حركة التنمية والتقدم فى مصر الحديثة.