رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحوار الوطنى وقضايا المرأة المصرية

كان من الطبيعى عند الحديث عن الحوار الوطنى أن تنطلق عدة حوارات نوعية من كافة فئات الشعب المصرى «المتعطشة للحوار» لتناقش التحديات والأزمات والحلول والبدائل والمطالب التى تدفع المجتمع للأمام والأمان.
وكان من الطبيعى مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى أواخر عام 2021 وإطلاق عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى، أن يبدأ حوار كبير ومتنوع حول قضايا المرأة، من مؤسسات وجمعيات أهلية وأحزاب ومراكز وشخصيات معنية بحقوق المرأة وارتفعت الأصوات من (المجلس القومى للمرأة ومؤسسة المرأة الجديدة والجبهة الوطنية لنساء مصر ومركز قضايا المرأة المصرية وأمانات المرأة فى الأحزاب) مطالبة بأولوية مناقشة مجتمعية واسعة حول القوانين المقترحة والمقدمة لمجلس النواب وعلى رأسها قانون الأسرة المصرية المعنى بالإنصاف والمساواة والعدالة للرجل والمرأة والطفل تمهيدًا لإصداره. 
ومن الأولويات أيضًا قانون العمل وما يشمله من مواد خاصة بالمرأة، وقانون لمواجهة العنف ضد المرأة، والذى قامت بإعداده 10 منظمات تعمل فى قضايا المرأة وهو قانون موحد وشامل لكل قضايا العنف الأسرى والمجتمعى.
وفى السطور التالية سأتحدث عما جاء فى قانون الأحوال الشخصية المقترح من مركز قضايا المرأة المصرية، حيث شاركتُ فى مائدة حوار بعنوان «قانون أسرة أكثر عدالة» فى الخامس والعشرين من مايو 2022، والتى أدارها بجدارة الأستاذ عبدالفتاح يحيى المحامى بالنقض، وذلك بدعوة كريمة من الأستاذة عزة سليمان رئيس مجلس أمناء المركز وشاركت فيها الأستاذة النائبة نشوى الديب عضو مجلس النواب والتى قامت بتبنى مقترح القانون وجمعت علية توقيعات 60 نائبًا ونائبة وقدمته فى المجلس لدخوله إلى لجنة التشريعات.
كما شارك فى الحوار الأستاذ معتز أبوزيد القاضى وخبير تشريعات حقوق الإنسان، وسط حضور حشد من المجتمع المدنى المعنى بقضايا المرأة من الجمعيات الأهلية والمنظمات النسائية وأمانات المرأة بالأحزاب وعدد من الصحفيين والإعلاميين.
ومن المعروف أن قانون الأحوال الشخصية الذى تم وضعه عام 1920 هو القانون الذى يحكم العلاقات الزوجية حتى الآن (مع إدخال بعض التعديلات فى السنوات الأخيرة)، وذلك رغم ما جرى من متغيرات اقتصادية واجتماعية على المجتمع طوال قرن من الزمان، ورغم ظهور سلبيات كثيرة مع تطبيق القانون أثرت على استقرار الأسرة المصرية وبالتالى على استقرار المجتمع ونهضته وتقدمه. 
لذا نحن فى حاجة إلى قانون عادل للأسرة تقوم فلسفته كما تقول مقدمة القانون المقترح من مركز قضايا المرأة المصرية على «الاستناد إلى مبادئ حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق النساء والأطفال بشكل خاص داخل الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية التى وقَّعت عليها مصر، والمسئولية المشتركة للأسرة، وجعل الولاية حقًا للمرأة الرشيدة تمارسه وفق اختيارها ومصلحتها، مع الأخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية القائمة على العدل والمساواة والإنصاف والآراء الفقهية المستنيرة».
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة قضايا المرأة المصرية تعمل منذ عام 2003 على الخروج بمقترح قانون أحوال شخصية أكثر عدالة لجميع أفراد الأسرة يحدد حقوق وواجبات كل الأفراد ويضبط أمور الزواج والطلاق، ورعاية الأطفال، والأمور المالية أثناء العلاقة الزوجية أو بعد الطلاق.
ويهمنا أن نشير فى السطور التالية إلى عدد من أهم ملامح القانون المقترح:
الخطبة: حيث أشار القانون إلى أهمية إدراج فترة الخطبة وما فيها من التزامات على كافة الطرفين مع وضع حلول للمسائل المترتبة على فسخها أو العدول عنها.
سن الزواج: النص على أن تكون سن الزواج 18 سنة وتجريم الزواج المبكر للأطفال.
تناسب أحكام النفقات مع الحد الأدنى للأجور، حيث النفقة هى كل ما يلزم لحياة الأم والأبناء، وتتناسب النفقة أيضًا مع زيادات الأسعار والتضخم.
الطلاق بيد المحكمة: يتم الطلاق أمام المحكمة، وعند الحكم بالطلاق يحكم القاضى بإعطاء الزوجة كافة مستحقاتها من عدة ومتعة ومؤخر الصداق وتحديد نفقة الأطفال، وهذا يؤدى إلى توفير الكثير من الوقت والتكاليف والجهود، مما يساعد على الاستقرار النفسى والمعنوى لكثير من الأسر والأطفال.
تنظيم تعدد الزوجات: 
يتناول مقترح القانون تقديم الرجل طلبًا للقاضى مع بيان حالته الصحية والاجتماعية والاقتصادية، مع إعلام الزوجة الأولى وحضورها، وفى حالة رفض الزوجة الأولى وطلب الطلاق يتم تطليقها وإعطاؤها حقوقها المالية والقانونية وتحديد مسكن ونفقة لأولادها، وبعد الانتهاء من جميع الإجراءات واستيفاء كامل الحقوق، تتم الموافقة للرجل من الزواج من أخرى.
زواج الأم لا يمنع حضانتها: جاء مقترح القانون بمادة تنص على احتفاظ الأم بحضانة أطفالها فى حالة زواجها للمرة الثانية، مع مراعاة المصلحة الفضلى للأطفال وفقًا لمعايير (قانونية ونفسية واجتماعية) وبما يساعد على حياة مستقرة للأطفال.
الولاية المشتركة للأبناء: ينص المقترح على أن تكون الولاية على الأبناء مشتركة بين الأبوين أثناء العلاقة الزوجية أو بعد الطلاق.
ملف أسرة واحد أمام قاضٍ واحد:
تختص محكمة الأسرة بنظر جميع نزاعات الأسرة فى ملف واحد أمام قاضٍ واحد ليكون ملمًا بكل التفاصيل ويكون أمام بصيرته مصلحة الأطفال من جميع النواحى.
جهة تنفيذية مختصة بأحكام الأسرة: إنشاء جهة تنفيذية معنية بتنفيذ كافة أحكام محاكم الأسرة الخاصة بملف الأسرة الواحد، كما تختص بتنفيذ أحكام النفقات.
كما أجمع الحضور على مسئولية الدولة الاجتماعية تجاه المطلقة والأطفال لضمان استقرار المجتمع.