رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرشدون وقتلة.. المؤسس (1)

بحثنا عما يمكن أن نكتبه عن شخصية حسن البنا، فلم نجد أفضل ولا أهم مما قاله عنه أقرب المقربين له، ممن عاصروه أو ممن اجتهدوا في البحث عن جذوره وبداياته وأهم صفاته، فكان لا بد من الارتكان لشهادة الشيخ أحمد السكري، المؤسس الحقيقي للجماعة ووكيلها حتى عام 1946، والذي رحل عن عالمنا عام 1991، أيضًا من الشهادات المهمة شهادة الشيخ محمد الغزالي، المفكر والكاتب الإسلامي الكبير، الذي رحل عام 1996، إلى جانب الأستاذ عباس محمود العقاد، صاحب سلسلة كتب "العبقريات"، والذي رحل عام 1964، إلى جانب ما توصل إليه الباحث الدكتور ثروت الخرباوي، المتخصص في شئون الجماعة، في كتابيه المهمين "سر المعبد 1 و2"، أطال الله في عمره، وتمس كل شهادة منهم جانبا مهما من حياة البنا، وكل شهادة منهم وبعد أن أحدثت صداها حاولت الجماعة محوها، إما بالتشويه أو بالسرقة.

فمذكرات الشيخ أحمد السكري اختفت بعملية سطو فجة قامت بها مخابرات جماعة الإخوان على منزله فى محافظة البحيرة؛ بهدف إخفائها نهائيًا، والحفاظ على صورة حسن البنا أمام أتباعه.
أما سبب سرقة وإخفاء مذكرات الشيخ أحمد السكري فكان ما كشفه بنفسه في بعض المقالات التي نشرها في بعض صحف ما قبل 1952 كصوت الأمة، وانفرد بنشر أجزاء منها مؤخرًا الباحث في شئون الجماعات الإسلامية الزميل "ماهر فرغلي" وآخرون، وكشف فيها السكري سبب فصله عن جماعة الإخوان وخروجه منها عام 1946، خاصة بعد فضيحة عبدالحكيم عابدين، صهر حسن البنا وسكرتيره الخاص، في واقعة التحرش بنساء الجماعة، وموقف البنا من القضية بمحاولته التكتم عليها.
يقول الشيخ أحمد السكري، في جريدة "صوت الأمة" بتاريخ 11 أكتوبر عام 1947، فى مقال بعنوان "وكيل عام الإخوان المسلمين يفضح تآمر الشيخ حسن البنا": "أردت أن تبطش بأخيك الذي عاش معك أكثر من ربع قرن، عرفك بالمحمودية وأنت لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرك، واستعان بك أول الأمر في الدعوة المباركة، حتى إذا ما صلب عودك وأتممت دراستك وزاولت عملك في الإسماعيلية، وأنشأت فيها شعبة أخرى، وفتح الله لك القلوب وتعددت فروع الجماعة، آثرك على نفسه، وبايعك على الرياسة وطلب إلى الناس أن يبايعوك".
وهنا وجّه السكري كلامه للبنا ليعلمه بأنه أول من أسس جماعة الإخوان في مدينة المحمودية، قبل أن يسرق فكرتها البنا ويعيد تأسيسها في مدينة الإسماعيلية!

وفى فقرة أخرى يقول الشيخ أحمد السكري عن خلافه مع حسن البنا: "إن من أسباب الخلاف بيننا هو تخبّط البنا في السياسة تخبطاً أنساه حقوق الدعوة ومبادئها، وانزلق في مهاوٍ كنا نستعيذ الله منها، وخيّب آمال الناس في هذه الدعوة، وسأترك المسائل الخلافية لأريح أنوف الناس من روائحها الخبيثة، ثم كيف تأرجحت (دعوة الإخوان) وتذبذبت وساءت سمعتها في كل مكان رغم هذا الطبل الأجوف والدعايات الزائفة التي يموه بها الأستاذ البنا على الناس؟ وكيف أخذت الدعوة في التدهور والانحلال بسبب تصرفاته وتخبطه المستمر؟". 

وتحت عنوان «المرشد الكذاب» كتب السكري: «كان البنا يموه على الإخوان ويختلق لكل فئة لونًا خاصًا من التمويه، حتى إذا ما ألح عليه السائلون ثار ونفر، ثم أدبر واستكبر، وقال البنا عني: (إن السكري يميل إلى الوفد ونحن نريد أن نحاربهم لأنهم أعداؤنا ويجب القضاء عليهم)». 

ويعود السكري ويذكر بما كتب البنا بخط قلمه في مجلة الإخوان بتاريخ 12/ 7/ 1943 وقال: "لست أنسى ليلة 24 من رمضان، إذ شرفنا بزيارة صاحب المعالي فؤاد سراج الدين باشا، وتناول الحديث الإخوان ودعوتهم وموقفهم، كان فيها يحاكم المسائل بروح القاضي العادل والمحقق المنصف"، إن هذا يبين إلى أي مدى كان يتملق رجال الوفد، يوم كان بيدهم السلطة والسلطان، وإلى أي مدى كان تمسّحه في أعتابهم، ثم كيف تنكّر لهم الآن.
وللحديث بقية..