رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا فرنسيس: جميعنا مسئولون عن الخير العام وقداسة الكنيسة

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

قال قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في رسالة الفيديو التي وجّهها إلى المشاركين في الجمعيّة العامة للجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية: "لنتنبّه من الرياديّة الفرديّة ولنراهن على خلق وتعزيز عمليات تسمح لشعب الله، الذي يسير في التاريخ، بأن يشارك بشكل أفضل في مسئوليّتنا المشتركة بأن نكون كنيسة".

جاء ذلك بمناسبة انعقاد الجمعيّة العامة للجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية من الرابع والعشرين وحتى السابع والعشرين من مايو الجاري.

ووجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة فيديو إلى المشاركين، قال فيها: «قبل الدعوة لانعقاد السينودس حول السينودسية في الكنيسة، كنت أتمنى أن تجتمعوا للتحاور حول هذا الموضوع، إذ إنّه قد تمَّ التعبير عن خبرة الكنيسة في أمريكا اللاتينية، بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، ببعض العناصر السينودسية بشكل ملحوظ.. لا أنوي بأي حال من الأحوال أن أستعيد هذا الموضوع، ببساطة، على سبيل المثال، دعونا نفكر أن "الشركة" و"المشاركة" كانتا الفئتين الرئيسيتين لفهم وتنفيذ المؤتمر العام الثالث لأساقفة أمريكا اللاتينية، الذي عقد في بويبلا.. من جانبه، كان "الارتداد الرعوي" مفهوماً مهمًّا في المؤتمر العام الرابع في سانتو دومينغو، ومن ثمَّ اكتسب المزيد من المركزية في المؤتمر العام الخامس في أباريسيدا».

وتابع بابا الفاتيكان قائلاً: عندما يعتقد المرء أنه يعرف كل شيء، فلا يمكنه عندها أن ينال العطيّة.. عندما يعتقد المرء أنه يعرف كل شيء، لا يمكن للعطيّة أن تربّينا لأنّها لا يمكنها أن تدخل إلى القلب، بعبارة أخرى، لا يوجد شيء أكثر خطورة على السينودسية من التفكير في أننا نفهم كل شيء، وأننا نتحكم في كل شيء.

وواصل: العطيّة هي أمر لا يمكن التنبؤ به، إنها مفاجئة وتتجاوزنا على الدوام.. العطيّة هي مجانيّة تمامًا ولا تطلب أي شيء في المقابل.. لا توجد طريقة للحصول على العطيّة.. العطيّة هي غير مستحقة ولا يمكن لأحد أن يمتلكها لكي يسيطر عليها.. العطيّة هي الروح القدس، الذي لا يفرض نفسه بالقوة، بل يستدعي بلطف عاطفتنا وحريتنا لكي يصوغنا بالصبر والحنان، فنتمكن هكذا من أن نأخذ شكل الوحدة والشركة الذي يريده في علاقاتنا.. عندما نشعر بدفع الروح القدس، تظهر الحياة تدريجيًا كعطيّة، ولا يسعنا إلا أن نجعل من حياتنا خدمة مستمرة للآخرين.. أما عندما نعتقد بسبب "المعرفة المغلقة"، أو التفكير المنغلق، أو الطموح أننا نسيطر على كل شيء، فإننا نقع بسهولة في تجربة السيطرة الكاملة، تجربة احتلال المساحات، للوصول إلى الأهمية السطحية لمن يريد ويرغب في أن يكون الرائد الأساسي، كما هو الحال في برنامج تليفزيوني.. احتلال الأماكن هو التجربة، أما إطلاق العمليات فهو الموقف الذي يسمح بعمل الروح القدس.

وتابع البابا فرنسيس: عندما قررت أنّه على اللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية أن تستمر وتتجدد في إطار إصلاح الكوريا، لم تكن هذه الأفكار بعيدة عن قلبي، ولذلك تُدعى اللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية لتكون منظمة خدمة تتعاون لكي ندخل نحن جميعًا في أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي في أسلوب سينودسي لكوننا كنيسة، يكون فيه الروح القدس، الذي يدعونا أيضًا من خلال شعب الله المقدس، هو الرائد وليس نحن.. لذلك، فاللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية هي خدمة يجب أن تُظهر بشكل أساسي مودة واهتمام البابا تجاه المنطقة، خدمة تساعد مختلف الدوائر الفاتيكانيّة على العمل بشكل تآزري وفهم أفضل للواقع الاجتماعي والكنسي في أمريكا اللاتينية.. إنَّ اللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية ليست مدعوّة لكي تكون مكتب جمارك يتحكم في أمور في أمريكا اللاتينية أو البعد الإسباني لكندا والولايات المتحدة.

وتابع: إن وجودها كواقع للخدمة تبرره الهوية والأخوة اللتين تعيشهما أمم أمريكا اللاتينية.. إنَّ اللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية هي منظمة تابعة للكوريا الرومانيّة، وهي جزء لا يتجزأ من دائرة الأساقفة، التي لديها سكرتيران علمانيان- الآن رجل وامرأة- طلبت منهما، بناءً على خبرتهما وملفهما الشخصي، أن يُساعدانا جميعًا على تكوين ديناميكيات جديدة وينزعانا من بعض تقاليدنا وعاداتنا الإكليروسيّة، سواء هنا في الكوريا أو في كل مكان توجد فيه جماعات من أمريكا اللاتينية.. لا ننسينَّ أبدًا أن الإكليروسية هي انحراف "هادئ" وبهذا المعنى يجب على اللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية أن تساعدنا على السير، لا أن تكون رائدة لكي لا تتحوّل إلى واقع إكليروسي.

مختتمًا: على اللجنة الحبريّة لأمريكا اللاتينية من خلال جميع أعضائها، أن تُعزّز السينودسيّة الحقيقية على أوسع نطاق ممكن.. يمكن للشركة بدون السينودسية أن تفسح المجال بسهولة لبعض الثبات والمركزية غير المرغوب فيها.. يمكن للسينودسية بدون شركة أن تصبح مجرّد شعبوية كنسية.. على السينودسية أن تقودنا لكي نعيش بشكل أعمق الشركة الكنسية، التي يتم فيها دمج تنوع المواهب والدعوات والخدمات بشكل متناغم من خلال المعمودية عينها، التي تجعلنا جميعًا أبناء في الابن.. لنتنبّه إذن من الرياديّة الفرديّة ولنراهن على خلق وتعزيز عمليات تسمح لشعب الله، الذي يسير في التاريخ، بأن يشارك بشكل أفضل في مسئوليّتنا المشتركة بأن نكون كنيسة.. جميعنا شعب الله.. نحن جميعًا تلاميذ مدعوون لكي نتعلّم ونتبع الرب.. نحن جميعًا مسئولون عن الخير العام وقداسة الكنيسة.. أشكركم على حضوركم وأوكل عملكم خلال هذه الجمعيّة العامة إلى العذراء مريم سيّدة غوادالوبي، أم الإله الحقيقي الذي نعيش من أجله.. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.