رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لو كانت هى الأضعف لما حُوصرت بالأغلال

«المرأة» فى ثقافتنا العربية الإسلامية وفى الموروثات التى ندرسها ونقرأها وفى مقررات التعليم وفى أسلوب تربية الأسرة الأبوية وفى مفاهيم الشرف وبنود قوانين الأحوال الشخصية والمواد الإعلامية واللغة الذكورية التى نتحدث ونكتب بها وفى المعانى التى ترددها الأغانى وغالبية الأعمال الدرامية فى الإذاعة والتليفزيون والسينما- هى «كائن» غير مستقل بذاته ليس حرًا بالفطرة ليس كاملًا فى العقل والتمييز والأهلية دوافعه شيطانية انتقامه بشع وكيده مرعب «مخلوق» بطبيعته نجس مصافحته تنقض الوضوء.
اسم المرأة عار لا تعطيه لبناتها وأولادها، جسم المرأة من أوله لآخره عورة، حركتها، مشبوهة، محرضة على الشهوات والغرائز، وجودها أصلًا عبء فضيحة، يجب بمجرد البلوغ «أو ربما قبله» أن يتم سترها وقبل الستر يجب الختان، والمثل يقول: «يا جايبة البنات يا شايلة الهم للممات».
وظائف المرأة التى تعطيها شرعية للبقاء، هى طاعة الرجل دون نقاش خاصة فى إمتاع شهوات الرجل البدائية الحسية، الطعام والنكاح وولادة الذرية، وهى لا تستحق إلا ذلك لأنها مخلوقة من ضلع أعوج.
والنتيجة أن المعلوم من الدين ومن الثقافة ومن الفضيلة بالضرورة، هو أن الوصاية على النساء واجبة، وأن امتلاك المرأة مقدس لا نقاش فيه، ألا نسمع مقولات «مراتى وأنا حر فيها» و«أختى أنا اللى أحكمها» و«الست بتاعتى» وغيرها من مقولات الاستعباد المقنن والتبعية المقدسة والتناقضات الواضحة، فى هذه الموروثات البدوية الصحراوية هى كيف تكون المرأة الكائن الأضعف ورغم ذلك فهى القادرة بمجرد إظهار خصلات من شِعرها وإن كانت طفلة أن «تعفرت» غرائز وشهوات الرجال - الكائن الأقوى - تنسيهم تعاليم دينهم وتدفعهم بسهولة متجاهلين معصية الله وغضبه، وأستحضر هنا مقولة نزار قبانى: «ينعتون الأنثى بالمخلوق المعوج وهم على إعوجاج خصرها يتقاتلون».
كيف تكون المرأة «الكائن الأضعف» الشيطانى، المدنس، المشبوه، ثم نعهد لها بالمسئولية عن «شرف الذكور» و«عرض الذكور» سواء قبل الزواج من الأب والأخ والعم والخال أو بعد الزواج من الزوج والذين يتباهون بالقتل والذبح لاستعادة شرفهم؟
حتى القانون يعطى حكمًا مخففًا للزوج الذى قتل زوجته الزانية على فراش الزوجة، هى وعشيقها لأن «شرفه» الموجود حصريًا فى جسد زوجته تمرمط فى الطين وعرضه مدفوع الأجر، المهر والشبكة والعفش، قد استهزئ به على سريره الشرعى، أهذه عدالة قانونية؟ كيف يخفف الحكم على جريمة قتل؟
وكيف تكون المرأة المشكوكة فى شهادتها أمام المحاكم وحسن تمييزها للأمور تعطى أذنيها دون مقاومة لتحريض إبليس على الرذيلة (المحصورة فقط فى النصف السفل من جسدها) هى «المسئولة» عن تربية الأطفال وتحديد نوعية رجال ونساء الدولة فى المستقبل؟ المهمة التى لا نتوقف عن تمجيدها وتقديسها ومن أجلها تترك المرأة تعليمها الرفيع وعملها المرموق إذا تعلمت وعملت؟
كيف يكون الرجل هو الأقوى عقليًا ونفسيًا مكتمل الأهلية يحسن التمييز قادر على ضبط انفعالاته، وهو «يرمى يمين الطلاق» فى لحظة غضب أهوج لأن زوجته تأخرت فى تحضير الغذاء أو جريت لرؤية أمها المريضة قبل أن تموت، أو ليس لها مزاج للنكاح أو نسيت تأخذ إذنًا من سيدها الزوج وخرجت لشراء أكياس قمامة مثلًا أو عارضته لتكمل الابنة المتفوقة تعليمها أو اكتشفت تحرشاته وخيانته وتعاطيه للممنوعات ونكاحاته فى بيت دعارة وفلوسه غير القانونية.
بكل بساطة، المرأة تخوض حربًا شاملة منذ الميلاد وحتى الموت تمنعها أن تكون إنسانة تملك نفسها وليست فى «عهدة ذكر» أو على «ذمة زوج» أو فى «كنف مِحرم» أو «وراء ضل راجل» وأغلب الفقهاء الذين يقدسهم المسلمون والمسلمات رسخوا لهذه الحرب وخططوا لها معاركها وأسلحتها المتجددة.
حرب شرسة متنمرة تأبى إلا أن ينتصر «الذكور» لأنهم «خلفاء الله فى الأرض» حراس الفضيلة والشرف الذكورى الذى لا ينتفض إلا بسبب الجنس حتى لو أحاطته مظاهر عدم الشرف من كل اتجاه.
كيف المرأة هى «الأضعف» ولكنها فعليًا فى العرف والثقافة والموروثات الدينية هى «المحاصرة» بجميع الأسلحة «المملوكة» من جميع ذكور العائلة وذكور الجيران وذكور الحى؟
لو كانت المرأة ضعيفة كما يقولون فإنها لا تحتاج إلى كل هذا الكم من الأغلال والقيود والفرض والإجبار واتجمع الحشود الغاضبة لتبقى تحت السيطرة هكذا يقول المنطق السوى، فنحن لا نحاصر الضعفاء بل فقط الأقوياء.
أعتقد أن هناك خوفًا هائلًا من الرجال إذا تركوا المرأة حرة تملك نفسها وجسمها وقراراتها واختياراتها وعقيدتها وأخلاقها وتحدد مصيرها من الألف حتى الياء كما يفعل الرجال.
من بستان قصائدى.. لا تكن حبيبى 
- قبل أن نبدأ هذا قدرنا
- علينا أن ننتهى رغم وسامتك لن أحبك
- رغم اشتياقى لن تحبنى لا تكن يومًا حبيبى
- فقصص الحب فى بلادى وصمة عار وفضيحة
- حلم عصى المنال وأغنية جريحة لن أعطيك رقم هاتفى
- لن تصحبنى للرقص والعشاء
- لقاءات الحب فى بلادى
- بلاء نستره وقلة حياء
- لا تكن يومًا حبيبى
- اسكب النسيان على آمالك وآمالى
- افترقنا أو احترقنا شئنا.. انتحرنا
- منْ يبالى؟