رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كان يكفيه أن ينحت رأسا لا تبرح الذاكرة».. كيف وصف عبد الرحمن الأبنودي الفنان آدم حنين؟

آدم حنين
آدم حنين

عبر الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي عن استياءه مما يتعرض له النحاتين والرسامين والمثالون، مقابل الاهتمام بنشر الفنون الأخرى التي وصفها بالـ "هلس". 

كتب عبد الرحمن الأبنودي مقاله في جريدة "الأسبوع" 1998، يلفت إلى أن في بلادنا فنانون عظام يعرفهم العالم جيدا ويقدرهم حق قدرهم، يرفعون اسم مصر عاليا في بلاد تحترم الفن وتعيه وتقدره يعيشون "غرباء".

وأشار إلى أنه في الوقت الذي يعيش فيه الفنانون في هذه الحالة، تحترم فنون "الهلس" ويصعد الأفاقون والمبتذلون، ولولا عدد قليل من المثقفين الجادين والمهتمين بالفنون الحقيقية لحمل النحاتين والرسامين والمثالون صررهم على عصيهم ورحلوا للأبد.

وأوضح الشاعر عبد الرحمن الأبنودي أن أكثر الفنانين إحساسا بالظلم هم الرسامون والنحاتون والمثالون، ووصفهم بأنهم الأبناء الشرعيون لأجدادنا الفراعنة، وعلموا الكون كيف ينشق الحجر ليصعد منه الإنسان، وعلموا الشخوص قرنا بعد قرن من داخل خطوطها النحيلة في أماكنها على نفس الجدران القديمة.

وأكد "الأبنودي" أن الشعب المصري بحكم الظروف التاريخية لا يعرف من الفنون سوى الفنون "القولية"، يقول: "نسى تماما ما هيأتنا له الدنيا وما هيأناه للدنيا، عير التشخيص من نور وعلم ومعارف وحضارة وديانة منذ فجر التاريخ الذي أطلقناه من عقاله الأسود لينير طريق البشرية المقبل".

وروى أنه عندما نزل الناس إلى المدينة الكبيرة في أوائل الستينات، لتلمس المعرفة وأصول الثقافة عرفوا من خيرة الكتاب والفنان في البلاد، رجل ذكي حذر، دمث الخلق، مصري حتى النخاع، لا يلتفت إلى الصغائر، يتأمل الحياة بفرحة وعمق وجدية، فنان يهتز للمعنى واللمحة والصوت ويكتشف الجمال حتى في النشاز. 

وصف "الأبنودي" الفنان آدم حنين بأنه فنان عبقري كبير فخر لمصر، قال: "كان يكفيه أن ينحت رأسا، رأسا فقط، لنستمر أمامها سنينا، لا تبرح الذاكرة، فكأنها تلخيص لكل الرءوس المصرية الأصيلة، لا يضيعها منك ازدحام المعارف أو ازدحام الطرقات وصخب السنين وتعاقب الظروف، يمر الزمن، وقد تنسى ملامح أمك أو شكل عمامة أبيك، ولكن أبدا لن تسنى الغضب الصامت والقهر المعلن والحكمة التي قطرتها تجارب القرون، والأسرار الروحية المخيفة لهذه الرأس الآدمية".