رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رمز الخلود.. تقرير أمريكى يكشف: محمد على وحفيده وراء خروج «مسلات كليوباترا» إلى أشهر ميادين العالم

مسلات كليوباترا»
مسلات كليوباترا»

فى أهم الميادين فى العالم، تنتصب المسلات المصرية رمزًا للخلود وشاهدة على عظمة الحضارة المصرية، التى لا تزال آثارها تبهر العالم، بعدما تركت بإنجازاتها العلمية والفكرية أثرًا لا يمحى على الإنسانية كلها، ولعل من أشهر الآثار المصرية بالخارج المسلات الثلاث، المنتصبة فى أهم الميادين بنيويورك ولندن وباريس، والمعروفة عالميًا باسم «إبر كليوباترا»، أو «Cleopatra›s Needle». 

الكاتبة ميلدريد يوروبا تايلور تتبعت فى مقال لها، نشرته على موقع «فيس تو فيس» الأمريكى، حكاية المسلات المصرية الثلاث، وأهميتها، راصدة ما اشتهرت به مصر من صناعة تلك الأبراج الحجرية الطويلة، واستخداماتها فى معرفة الوقت، والاهتمام بتغطيتها بالذهب لتعكس ضوء الشمس، بالإضافة إلى أسباب تسميتها بـ«إبر كليوباترا»، رغم أنها نحتت قبل قرون طويلة من مولد الملكة المصرية. 

وأوضحت «تايلور» أن المسلات المصرية تعد رمزًا للخلود، لأن بنيتها الطويلة ساعدت على ربط السماء بالأرض، موضحة أن «إبر كليوباترا» الثلاث الشهيرة، رغم بنيتها المتشابهة، لم تأت من موقع مصرى واحد.

وقالت: «تم نحت المسلتين الموجودتين الآن فى نيويورك ولندن من الجرانيت الأحمر من محاجر أسوان، وهى مصدر رئيسى للحجر المستخدم فى الآثار المصرية، وكلف ببنائهما الملك تحتمس الثالث، وأهداهما لمعبد الشمس فى هليوبوليس، وتزن كل منهما حوالى ٢٢٤ طنًا وارتفاعهما ٦٨ قدمًا».

وأضافت: «فى عام ١٢ قبل الميلاد، عندما اكتشف الرومان المسلتين، كانت كلتاهما مدفونتين جزئيًا فى الرمال، ونقلهما الرومان بعد ذلك إلى الإسكندرية، ووضعوهما عند مدخل معبد مخصص ليوليوس قيصر، وهو معبد تم بناؤه من قبل الملكة كليوباترا، وربما كان هذا أحد أسباب تسمية المسلات بـ«إبر كليوباترا».

وتابعت: «خلافًا لذلك، فإن المسلة الموضوعة فى باريس مصنوعة من الجرانيت الأصفر، وكانت موجودة فى الأصل خارج معبد الأقصر، وتزن أكثر من ٢٥٠ طنًا وطولها ٧٥ قدمًا، ولا يزال توأمها فى معبد الأقصر، وتم نقشها بالخط الهيروغليفى، احتفالًا بالملك رمسيس الثانى وانتصاراته العسكرية».

وعن كيفية انتقال المسلات الثلاث إلى أوروبا والولايات المتحدة، قالت الكاتبة الأمريكية: «بالنسبة للمسلة المصرية الموجودة حاليًا فى نيويورك، فقد أهداها الخديو إسماعيل للولايات المتحدة فى ذكرى افتتاح قناة السويس، وأعطاها للقنصل العام الأمريكى فى القاهرة لإظهار تقديره لكون الولايات المتحدة محايدة عندما سعت فرنسا وبريطانيا العظمى للسيطرة على مصر».

وأضافت: «من الإسكندرية، تم نقل المسلة إلى نيويورك، واستغرق الأمر أكثر من عام لتحريك هيكلها، وفى يناير ١٨٨١، تم تركيبه أخيرًا فى سنترال بارك». 

وأشارت إلى أن مدينة نيويورك، بدأت، فى عام ٢٠١١، مشروعًا تم تنفيذه على مدار ثلاث سنوات للحفاظ على المسلة، بعد أن حذر زاهى حواس، رئيس المجلس الأعلى للآثار فى مصر وقتها، من تضرر المسلة إذا لم يتم الاعتناء بها بشكل صحيح.

أما المسلة الموجودة حاليًا فى لندن، على نهر التايمز بالقرب من جسر اليوبيل الذهبى، فأوضحت الكاتبة أن الوالى محمد على باشا أهداها إلى المملكة المتحدة فى عام ١٨١٩، لإحياء ذكرى الانتصارات البريطانية فى معركة النيل عام ١٧٩٨ ومعركة الإسكندرية ١٨٠١. 

وأضافت: «رغم تكريم الحكومة البريطانية بهذه الهدية، فإنها لم تكن مستعدة لإنفاق الكثير لنقلها إلى إنجلترا، وهكذا، ولأكثر من خمسة عقود، ظلت المسلة فى الإسكندرية بمصر، حتى عام ١٨٧٧، عندما دفع عالم التشريح السير ويليام جيمس إيراسموس ويلسون ثمن نقلها إلى إنجلترا، وكانت رحلة البحر مروعة».

وتابعت: «وحسب إحدى الروايات، فقد غادرت المسلة الإسكندرية فى ٢١ سبتمبر ١٨٧٧، مغلفة بأسطوانة عائمة- تُدعى كليوباترا- مزودة بدفة، وتم سحبها من السفينة أولجا، وعندما أبحرت السفينة أكثر من منتصف الطريق واجهت عاصفة فى خليج بسكاى، وعرضت الطاقم للخطر، وأدت محاولة الإنقاذ الأولية إلى غرق ستة من أفراد الطاقم، لكن فى النهاية تم إنقاذ باقى أفراد الطاقم».

واستطردت: «من المثير للدهشة أن المسلة لم تتأثر فى تلك الحادثة، وتم العثور عليها وهى تنجرف فى الخليج بعد أيام قليلة، وتمت استعادتها فى النهاية، وسحبها إلى مرفأ فيرول فى شمال غرب إسبانيا، ثم تم إرسال سفينة أخرى لسحبها إلى لندن، وأخيرًا، وفى ١٢ سبتمبر ١٨٧٨، نصبت المسلة بجوار نهر التايمز، مع وجود تمثالين لأبى الهول يحرسانها». 

وأشارت إلى أن قنبلة ألمانية خلال الحرب العالمية الأولى كادت تدمر المسلة، ما أدى إلى إتلاف قاعدة هيكلها وقاعدة تماثيل أبى الهول، ولم تقم السلطات البريطانية بإصلاح الضرر، لكنها وضعت لوحة تذكارية لتذكر بما حدث».

وعن المسلة الثالثة، الموجودة فى باريس، وسط ساحة الكونكورد فى العاصمة الفرنسية، قالت «تايلور» إن المسلة قد شُيدت قبل حوالى ٣٠٠٠ عام، وكانت هدية من محمد على للفرنسيين فى عام ١٨٣٣، ودفع الفرنسيون ثمن نقلها إلى باريس، ثم أقامها الملك لويس فيليب فى ساحة الكونكورد فى ٢٥ أكتوبر ١٨٣٦، ووُضعت على قاعدة صنعت فى الأصل لدعم تمثال الملك لويس السادس عشر، تم تدميره فى ثورة ١٨٣٠».

وأضافت: «فى عام ١٩٩٨، أضافت الحكومة الفرنسية تيجانًا ذهبية إلى المسلة، لأن تاجها الذهبى الأصلى كان قد سرق فى القرن السادس قبل الميلاد».