رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: ليس هناك اعتراف بالفرق بين علم الدين والتدين

د.على جمعة
د.على جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إننا نرى ما يؤكد أنه ليس هناك اعتراف بالفرق بين علم الدين والتدين من ذلك أن أستاذ العلوم أو الزراعة أو الصحافة أو الهندسة أو الطب صار يتكلم في شأن الفقه، ويناقش الفتوى التي صدرت ممن تخصص وأمضى حياته في المصادر وإدراك الواقع، وما هذا إلا لأنه مثقف ديني، أو لأنه لا يعرف أو لم يقتنع بالفرق بين علم الدين وبين التدين ويرى أن الأمر مباح ومتاح للجميع.

وتابع  جمعة "قائلًا عبر صفحته الرسمية: كذلك نرى عدم إدراك لمعنى الفتوى؛ حيث يتم الخلط بينها وبين السؤال أو الرأي والذي يكون حظ السؤال الجواب، وحظ الرأي إبداؤه ثم مناقشته، فالفتوى مثل حكم القاضي لا يتتبعه القاضي بعد صدوره وليس قابلًا للنقاش، ولكن هو قابل للاستئناف عند محكمة أعلى أو للنقض أو الإبرام عند محكمة أكبر، وعلى ذلك فعدم الرضا بالفتوى يتطلب فتوى من جهة أعلى، ولا يتطلب اعتراضًا من هنا ومن هناك وعدم الرضا بأمر الطبيب، لا يعني إهمال الأمر، بل يستلزم الاستشارة ممن هم أكثر منه مرجعية أو علمًا أو خبرة ولا يحق لأحد من الناس أن يناقش الطبيب في رأيه ويكتفي بذلك لفرض الطب والجلوس بلا علاج، إن كثيرًا من الناس يفزع إذا ما نبهناه إلى هذا المثال ويبادر برفضه ويدعي أن ذلك حجر على الرأي أو على حريته، والأمر لا يتعلق لا برأي ولا بحرية بقدر ما يتعلق بمنهج للفكر المستقيم يجب إتباعه بدلا من هذه المهزلة السخيفة بأن يهرف كل أحد بما لا يعرف.

وأضاف: كذلك نرى أن السؤال عندما يوجه لطلب معلومة يعتقد السائل والسامع أن الإجابة فتوى، ومرة سأل سائل عن معلومات عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فأجبناه فاعتبر ذلك إفتاء منا، وعندما لم نجبه اعتبر ذلك رفضًا للقيام بواجب الفتوى، وهناك أسئلة عن أوضاع سياسية يبدي فيها الرأي، والحكم الشرعي يكون على الفعل البشري المجرد فلا يفرق صاحبنا بين هذا وذاك ويتكلم ولو على صفحات الجرائد السيارة ويحدث بلبلة عند المتلقي أسأل الله ألا تكون مقصودة، وألا يكون ذلك المنهج يراد منه تحويل علم الفتوى إلى نطاق الآراء القابلة للنقاش بدون اتباع ما تستلزمه هذه الصناعة من ترتيب وما تحتاجه من نظام وما تقوم به من علم.

وأشار: أما الجزء الثاني من المقولة (ولا تلتفت إلى تقواه) فليس بمجرد محافظة الإنسان على صحته صار طبيبًا ولا بمجرد التزام الإنسان بدينه صار عالمًا، بل يحتاج الأمر إلى الأكاديمية التي نطالب الجميع وفي جميع المجالات أن يعودوا إليها وأن ينتهي نظام الهواة، وأن يبقى العلم والعلم وحده سندا للتخصص الدقيق، وأن نقضي على (أبو العريف) الذي يعيش فينا ومن أمثال العامة التي تمثل حكمة التاريخ وتجارب البشرية (أعط العيش لخبازه ولو أكل نصفه).