رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هكذا كان الانطباع الأول للتابعي في أسمهان.. «لم يخطر ببالي أنها ستصبح حديث الناس»

التابعي وأسمهان
التابعي وأسمهان

126 عاما مرت على ميلاد الكاتب الصحفي محمد التابعي، المعروف بـ"أمير الصحافة" إذ ولد في 18 مايو لعام 1896 في خليج الجميل بين دمياط وبورسعيد، حيث كانت أسرته الدقهلاوية تقضي شهور الصيف في شاطئ أشتوم الجميل، وكان هناك مقام وضريح الشيخ التابعي، فسمي الطفل باسمه تيمنا بالشيخ، وأصبح اسمه وحده هو محمد التابعي، والأب محمد وهبة.

"رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيا كان وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك" هكذا كان أحد مبادئ محمد التابعي في الصحافة، فبدايته كانت في روز اليوسف، وكانت لمقالاته وقتها دور أساسي في زيادة توزيعها، كما أسس بعد ذلك مجلة "آخر ساعة" عام 1934، كما شارك في تأسيس جريدة "المصري"، وكان الصحفي المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937، وكان شاهدا على عدة أحداث تاريخية آنذاك.

رغم جدية التابعي في عمله الصحفي، إلا أن له غراميات عديدة، أبرزها علاقته بالفنانة أسمهان، التي قال عنها "السيدة الوحيدة التي أحببتها في حياتي ومازلت أحبها وسأبقى أحبها هي آمال الأطرش.. أسمهان"، وكانت تجمعهما ذكريات وعلاقة صداقة قوية، لدرجة أن التابعي ألف كتابا عنها بعنوان "أسمهان تروي قصتها"، وفيه يروي سيرة الفنانة الكبيرة بكل تفاصيلها كما روتها بنفسها وعاشها معها "التابعي"، وحرص على أن يروي كيف عرفها واللقاءات الأولى التي جمعتهما.

كان التابعي حريصا على كتابة بعض الأحداث بتواريخها في "مفكرة الجيب"، التي اعتاد أن يكتب عبارات مقتضبة ولكنها أشبه بالمفاتيح الصغيرة، وبعودة التابعي إلى هذه المفكرة ليتذكر اللقاء الأول الذي جمعه بأسمهان، إلا أنه تفاجأ بأن ذكر اسمها لأول مرة في يوم 15 مايو سنة 1939، وكتب في ذلك اليوم: "تعشت عندي أسمهان وشقيقها فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وذهبنا إلى الكيت كات، واتفقنا على السفر معا إلى أوروبا، ثم عدنا إلى مسكني وكانت مع فريد فتاة أجنبية من راقصات الكيت كات، وانصرف الجميع في الساعة الخامسة صباحا".

ويتابع: في يوم 17 مايو وجدت في مفكرة الجيب "كلمتني أسمهان بالتليفون وقالت إن شقيقها فؤاد زجرها عندما سمعها تكلمني أمس بالتليفون حتى أنه أبكاها.. إيه الحكاية؟ هل هي كوميديا أو حقيقة؟" هذا هو نص ما كتبته في اليوم المذكور بالحرف الواحد، وفي يوم 18 مايو - عيد مولدي - كتبت "أهدتني أسمهان ولاعة"، وفي يوم 19 مايو "أقمت حفلة بمناسبة عيد ميلادي حضرها محمد عبدالوهاب وأسمهان ومدعوون آخرون، ولكن أسمهان انصرفت لغير ما سبب في الساعة الحادية عشرة، وكانت الحفلة باردة"، مستطردا: أعرف وأذكر تماما أن أسمهان لم تتناول العشاء في داري مع شقيقها فريد الأطرش إلا بعد أن كان مضى شهر أو أكثر على أول مرة قابلتها وتعرفت إليها، وكان ذلك في أوائل شهر أبريل، ومع ذلك فإنني لم أكتب اسمها ولم أذكر شيئا عنها في مفكرة الجيب إلا في يوم 15 مايو، لقد بحثت في شهر أبريل فلم أجد حرفا واحدا عنها، ومع ذلك فأنا أعرف وأذكر تماما أنني حدثتها بالتليفون وأنها حدثتني بالتليفون مرات في أبريل، فلماذا لم أدون شيئا عن هذا في مفكرة الجيب.

وفسر التابعي سبب ذلك بأنه أول يوم عرف أسمهان، لم يهتم كثيرا بأسمهان، موضحا: حسبت أنها لن تكون أكثر من "أرتست"، وما أكثر من عرفت - أو من مررت بهن أو مررن بي - في دنيا الموسيقى والرقص والغناء والتمثيل، واحدة من كثيرات.. هكذا قدرت! فلم أهتم بتدوين تاريخ أول يوم قابلتها فيه.. لا شيء من هذا، لأنه لم يخطر ببالي يومئذ - أبريل 1939 - أن أسمهان سوف تصبح شيئا كبيرا في دنيا الطرب وفي عالم السينما، أو أنها ستصبح ذات يوم حديث الناس وموضع القال والقيل، أو أنها ستلعب دورا في تاريخ الحرب في الشرق الأوسط، أو أنها ستلقي منيتها قبل الآوان فيحزن عليها ملايين المعجبين في الشرق العربي ويبكيها الناس في القاهرة وبيروت ودمشق والرياض وعمان، أو أن شابا عراقيا من المعجبين المفتونين بها ممن لم يعرفوها إلا من صوتها في الراديو ولم يروها إلا على شاشة السينما سوف يشهد فيلمها الأخير "غرام وانتقام"، ثم يخرج من دار السينما لكي يطلق على رأسه الرصاص ويخر صريع الهوى في أحد شوارع بغداد.

وأضاف: وأن آخر في دمشق - عندما سمع بخبر موتها - سوف يتناول السم ويطلب الموت ليلحق بها لولا أن تداركوه وأسعفوه بالعلاج، شيء من هذا لم يخطر ببالي يوم عرفتها وإلا لكنت عنيت منذ البداية بتدوين مذكراتي عنها وتسجيل كل كبيرة وصغيرة.