رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«سيرة حياة».. كتب تناولت أسرار نجاح الزعيم عادل إمام

عادل إمام
عادل إمام

يحتفل الزعيم عادل إمام، اليوم الثلاثاء، بعيد ميلاده الـ82، إذ ولد لأسرة فقيرة في 17 مايو لعام 1940، بأحد أحياء القاهرة، لكن تعود أصول عائلته إلى قرية شها التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية. 

ويعد عادل إمام أحد أشهر الممثلين في مصر والوطن العربي، واشتهر بأدواره الكوميدية التي مزجت بالأفلام السياسية والرومانسية، والقضايا الاجتماعية.

رحلة صعود طويلة خاضها عادل إمام ليصبح أيقونة ثقافية في تاريخ مصر الحديثة، إذ حازت أفلامه على طائفة كبيرة من المتابعين، واكتسب شهرة وقاعدة جماهيرية واسعة، مما جعله واحدا من أكثر الشخصيات العامة العربية تأثيرا.

بهذه المناسبة.. نرصد محطات وأسرار في حياة عادل إمام ابتداء من طفولته وشبابه، حتى أصبح "الزعيم" كما أطلق عليه.

ففي كتاب "عادل إمام.. الغالب مستمر" للكاتب أشرف بيدس، الصادر عن دار سما للنشر والتوزيع، تناول مسيرة الزعيم الفنية منذ 1964 وحتى 2017، كما يرصد بداياته التمثيلية ونجوميته التي بدأت في بدايات السبعينيات بأدوار ثانوية، حتى أصبح حالة استثنائية حاربت وكافحت وناضلت واستوحشت في بعض الأحيان لتحافظ على ما حققته، وهو ما أكده بنفسه "أنا من الذين حفوا وتعروا وداسوا على الشوك وتمرغوا في أقصر الأدوار وعاشوا على فتات الجنيهات حتى وجدت طريقي وظهرت".

تطرق الكتاب إلى طفولة عادل إمام، الذي قضاها في أحد أحياء القاهرة، قائلا: "كانت طفولتى عادية وفقيرة، كنت ساكنا فى حى الخليفة، وهو أحد أحياء الحلمية، وهى كلها مناطق شعبية فيها أصالة الشعب وحساسيته، وفيها الجوامع والحياة الاجتماعية والعزايم والجو الرمضاني الدائم، والجو الروحي هو الجو المسيطر عليها على الدوام، ومن هنا لم يكن غريبا أن تكون تربيتي تربية دينية، والدي كان موظفا، ورعا متدينا يحفظ القرآن ويقرؤه.

واستطرد: هكذا بين والدي واهتماماته وبين الحياة الشعبية في الحي الذي عشت طفولتي فيه تفتح وعيي ولاوعيي، وهذا ما ساعدني كثيرا حين كبرت، حيث إن "حشريتي" كانت تقودني منذ طفولتي إلى رصد الحياة في الحي ورصد كل الظواهر، مُصرا على عدم ترك أي ظاهرة تمر أمامي من دون أن أسجلها في ذاكرتي، وهذا الرصد كله يمكنك أن تلمحه في عملي على كل الشخصيات التي ألعبها اليوم. 

وتابع: كانت حياة أسرتنا حياة فقيرة أو بالأحرى أقل من متوسطة، ونحن أساسا "فلاحين" أصلنا من المنصورة، أما أنا فقد ولدت في القاهرة، ومنذ طفولتي أدركت أن أسرتي فقيرة ماديا، غنية بطموحاتها، في أسرتنا كان يمكنك أن تلتقي بعمال وفلاحين كمان بدكاترة متخرجين من إنجلترا، بشكل ما يمكنك أن تقول إننا نمثل مصر بشتى فئاتها الشعبية، وهذا الواقع عشته ورصدته في طفولتي، في المدرسة كنت شقيا، لكني لم أكن غبيا.. كنت عفريتا".

بدأت نجومية عادل إمام تتبلور في بدايات السبعينيات بعد عدة أدوار ثانوية، وفي هذه الآونة ظهر نجوم شباب يتحسسون طريقهم نحو القمة، ومع بداية الثمانينيات ظهر جيل آخر بدأ يتجه بخطى ثابتة وأدوار جيدة ناحية النجومية، ونجحوا في مزاحمة الكبار على أفيشات الأعمال، والجميع بما فيهم "عادل إمام" كان ينحت طريقه ويرسم مستقبله، في "رحلة الصعود إلى النجومية"، إذ كانت البداية في عام 1964 من خلال دور "دسوقي أفندي" والذي جسده أيضا على المسرح في نفس العام، وحسب الكتاب فكانت طفولته تنبئ بقدوم كوميديان يملك حضورا وخفة ظل وأدوات مختلفة.

أما الدكتور مصطفى الفقي فركز على جانب آخر من شخصية عادل إمام من خلال كتابه "شخصيات على الطريق" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، وكشف في البداية عن الصداقة الطويلة التي جمعته به في المناسبات السياسية وجلسات النقاش الفكرية، بفضل الكاتب محمود السعدني الذي كان همزة الوصل بينهما في البداية، فقد كان عادل إمام يقف أمام "السعدني" مثلما يقف شقيقه الأصغر "صلاح" محبة دائمة وود قديم واحترام لا يزول، ويداعبهما الكاتب الساخر أحيانا بأنهما كان يأتيان إلى منزله من كلية الزراعة طلبا لوجبة غداء ساخنة في سنوات الستينيات، التي كانت فيها الجيوب خاوية ولكن الهامات عالية.

وبين صفحات الكتاب أشار الفقي إلى قيمة أخرى للفنان عادل إمام وهي أنه عاش خارج سياق الوسط الفني المعتاد، فتزوج سيدة فاضلة هي سليلة عائلة راقية، ودفع بأبنائه إلى الجامعة الأمريكية للدراسة، ولم ينخرط في نزوات الفن أو هفوات البعض، ولم يرتبط اسمه إلا بفنه ومسرحياته وأفلامه، وهو ليس ذلك الفنان الذي يجلس في مناسبة اجتماعية ليوزع النكات والقفشات حتى يضحك الحاضرون، موضحا: ليست تلك هي مهمته أبدا في تلك اللقاءات، إذ أن مهمته الفنية تتوقف فقط عند دوره فوق خشبة المسرح أو على شاشة السينما.

وذكر الفقي أن عادل إمام تعرض كثيرا لحملات ضارية وافتراءات ظالمة وشائعات مغرضة، ولكنه استطاع أن يتجاوز كل ذلك لكي يصبح مثقفا متألقا وشخصية عامة مرموقة، قبل أن يكون فنانا رفيع القدر، وتذكر اللقاء الذي جمعهما في القاهرة مع الرئيس أحمد بن بيلا بطل الاستقلال وأول رئيس للجمهورية الجزائرية، والكلمة التي ألقاها عادل إمام أمامه، والتي بحسب "الفقي" فهي تكشف عن وعي سياسي شامل، يربط ما بين الستينيات بما لها وما عليها وواقعنا الذي نعيش فيه ونتفاعل معه.

وأضاف أن عادل إمام فنان قد أدخل بعض مفردات الكوميديا إلى قاموس الحياة السياسية، واستعار من عبارات السياسيين تعبيرات كوميدية لا ينساها الناس، مؤكدا أنه إنسان يجمع بين شعبية الفنان وكبرياء المثقف وشموخ الوطني، الذي يعيش قضايا أمته، ويعكس معاناة شعبه.