رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيرين أبوعاقلة.. هل يرحمها الله؟

 

ما أتعس تصور العقل الأصولى الخرافى المتعصب للوجود والإنسانية، فهو يرى العالم من خلال منظار طائفى عنصرى مقيت. 

ففى عالمنا العربى المتشبع بالفكر الخرافى لا يكاد يمر يوم أو بعض يوم إلا يطل علينا التدين الطائفى العنصرى العنيف.

فنصطبح يومًا بمُدرسة مجنونة إرهابية تقص شعر البنات، لأنهن غير محجبات، ونمسى مع سيدة موتورة تعتدى على النساء وتهتك أجسامهن، لأنهن يلبسن ما لا يعجب، تلك الخرافية التى تلبس خيمة سوداء تريد من جميع النساء أن يشاركنها فيها، ثم نمسى مع صيدلى أو طبيب سفيه يصفع فتاة، لأنها عارية الشعر، وغير ذلك عشرات الحوادث التافهة نسبيًا، ولكنها ذات مغزى عميق.

فالقراءة الجمعية لتلك الحوادث المتفرقة تعلمنا أن الفكر الخرافى الإرهابى متغلغل فى جذور المجتمعين المصرى والعربى، ونجحت الأصولية فى تشويه عقول جماهير بسيطة ساذجة تجبن عن الفعل الإرهابى الكامل وتتجاسر على مصادرة حريات الآخرين، وتزدرى معتقداتهم، ولا تأبه بقوانين الدولة التى يرونها ضالة فاجرة.

وتلك الطائفة الضالة نفسها تتصور الإله الرحيم الجميل المحب كشيطان عنصرى حاقد على الجنس البشرى إلا الطائفة المتطرفة المختلة التى تنتمى لهذا الصنم السماوى الشرير الذى لا يرحم إلا الأهل والعشيرة، كما يفعل زعماء المافيا والتنظيمات الإرهابية السرية، فلا يبالون إلا بمن يتبع ملتهم فقط، ويظنون أن عقائد عصابتهم البغيضة هى الحقيقة المطلقة المسلّمة التى تلزم الوجود كله أوله وآخره، أبيضه وأسوده، قديمه وحديثه.

هذا النموذج البشع، وتلك العقيدة العنصرية، وهؤلاء لا ينبغى لنا أن نندهش عندما يرفضون أن يترحموا على شهيدة فلسطين الإعلامية البطلة شيرين أبوعاقلة، بل نندهش لو طلبوا لها الرحمة ولأهلها الصبر والسلوان، فصورتهم عن الإله بشعة مسيئة لصفات الله الجميل المحب للبشر. 

فهم يتصورون إلهًا آخر غير الذى نعرف، إلهًا عنصريًا فاشيًا نازيًا لا يرحم إلا رجال عصابته الأرضية فقط، ويتلذذ بتعذيب البشر من غير تلك العصابة الإجرامية التى تزعم أنها مالكة التوكيل الحصرى الوحيد للحديث باسمه، ويرفضون ويكفرون كل مذهب إبراهيمى وغير إبراهيمى، فكل البشر ليس معه توكيل للحديث باسم السماء إلا هم.

حتى لو كان ذلك الآخر من أتباع السيد المسيح صاحب المعجزات العجيبة، من إحياء الموتى والكلام فى المهد كهلًا، فهو هالك من وجهة نظرهم لا يستحق الرحمة، ولو كان من أتباع موسى الذى يعتقد أنه كلم الله فوق جبل الطور، فهو هالك أيضًا لا يستحق الرحمة. 

ناهيك عن أتباع الحكيم المتسامح بوذا أو أهل الهند بأديانها الكثيرة غير الإبراهيمية، أو البشر المسالمين حول كوكبنا الجميل، فكلهم هالكون إلا عصابة محددة.

وهذه العصابة المحددة لا تشمل كثيرًا من المسلمين كذلك، فطوائف المسلمين كلها فى النار من سُنة صوفية تعبد القبور بوجهة نظرهم، وشيعة تقدس أهل البيت وتقول عليهم السلام، وعلويين ينصرون زوج بنت النبى ويقدسونه، ودروز يؤمنون بخلاف عقيدة تلك الطائفة الضيقة الأفق المتوسعة فى اللعن ورفض الترحم على أغلبية البشرية، فطائفتهم لا تتجاوز الواحد فى الألف من البشر. 

فدينهم الشرير يحرضهم على بغض من خالفهم من المسلمين وغير المسلمين، وهم رغم قلة عددهم فإنهم يُحدثون الكثير من الضجيج والفتن الطائفية والجرائم الإرهابية التى على دول العالم أن تتكاتف لمواجهة هذا الفكر الضال المسىء لله والبشر.

الله الجميل المحب سيرحم شيرين أبوعاقلة رغم أنف كل عنصرى متطرف حقود، فإن الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم، ولكن ينظر إلى أعمالكم الطيبة وقلوبكم المحبة للوجود والبشر.

رحم الله شهيدة فلسطين الإعلامية الجميلة المناضلة شيرين أبوعاقلة، فالله جميل طيب يحب كل جميل وطيب.