رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيرين أبو عاقلة.. رحلة كفاح خاضتها في جنين وارتقت منها إلى السماء

شيرين أبو عاقلة
شيرين أبو عاقلة

تتوالى صيحات الغضب من كل حدب وصوب ردًا على اغتيال  الإعلامية والصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي التي قتلتها بكل إجرام أمام مرأى ومسمع العالم لتلحق بإخوتها الفلسطينيين.

وفي تقرير لمجلة this week inpalestine الناطقة بالإنجليزية، تسرد فيه حياة الصحفية الراحلة وآخر فصول حياتها قالت فيها إنها عادت إلى مدينة جنين في سبتمبر الماضي في مصادفة أعادتها عشرين عامًا إلى الوراء قائلة: "عندما وصلت، لم أكن أتوقع أن أعيش من جديد هذا الشعور الساحق فلا تزال جنين هي نفس الشعلة التي لا تنطفئ والتي يعيش فيها الشباب الشجعان الذين لا يخافون من أي غزو إسرائيلي محتمل".

وقالت أبو عاقلة، في تقرير أوردته بالمجلة وكأنها حية تسرده لنا كما كانت تنقل لنا ما يجري حولنا عبر كاميراتها وصوتها الشجي، إن نجاح هروب الأسرى من سجن جلبوع كان السبب الذي دفعها إلى قضاء عدة أيام وليالي في المدينة، فقد كان الأمر مثل العودة إلى 2002 عندما عاشت جنين شيئًا فريدًا، على عكس أي مدينة أخرى في الضفة الغربية، فمع اقتراب نهاية انتفاضة الأقصى انتشر مسلحون في أنحاء المدينة وتجرأوا علناً على اقتحام المخيم.

وفي 2002، أصبحت جنين أسطورة في أذهان الكثيرين، لأن المعركة في المخيم ضد قوات الاحتلال في أبريل من هذا العام ما زالت حاضرة بقوة في أذهان سكانه، حتى الذين لم يولدوا بعد عندما حدثت.

أضافت "بالعودة إلى جنين الآن، بعد 20 عامًا، واجهت العديد من الوجوه المألوفة التقيت في أحد المطاعم بمحمود الذي رحب بي بسؤال "هل تتذكرني؟" أجبته: "نعم ، أنا أتذكرك." من الصعب أن تنسى هذا الوجه وتلك العيون وتابع: "خرجت من السجن قبل شهور"، مشيرة إلى محمود كان مطلوباً من قبل الإسرائيليين عندما التقت به خلال سنوات الانتفاضة.

أضاف التقرير على لسان صحيفة الحقيقة: "لقد عشت مشاعر القلق والرعب تلك التي عشناها في كل مرة التقينا فيها بشخص مسلح في المخيم، لكن محمود من المحظوظين تم سجنه وإطلاق سراحه ، لكن وجوه كثيرين تحولت إلى رموز أو مجرد ذكريات لسكان جنين والفلسطينيين بشكل عام".

وأشارت إلى أنها خلال هذه الزيارة، لم تواجه أي صعوبات في العثور على مكان للإقامة، على عكس ما كان عليه الحال قبل عشر سنوات عندما اضطروا للبقاء في منازل أشخاص لا يعرفونهم ففي ذلك الوقت، فتح الناس منازلهم لهم للبقاء فيها نظرًا لعدم وجود فنادق.

ويستمر التقرير في السرد على لسان أبو عاقلة قائلة "للوهلة الأولى، قد تبدو الحياة في جنين طبيعية، حيث تفتح المطاعم والفنادق والمتاجر أبوابها كل صباح لكن في جنين نشعر أننا في قرية صغيرة تراقب كل غريب يأتي إليها وفي كل شارع يسأل الناس الطاقم "هل أنتم من الصحافة الإسرائيلية؟" "لا، نحن من قناة الجزيرة". لوحات المركبات الاسرائيلية الصفراء تثير الشك والخوف وتم تصوير السيارة وتداول الصورة عدة مرات قبل أن تصبح حركتنا في المدينة مألوفة للسكان".

وأشارت إلى أنها خلال رحلتها في جنين التقت بأناس لم يفقدوا الأمل قط ولم يسمحوا للخوف أن يتسلل إلى قلوبهم ولم يكسرهم جنود الاحتلال، لهذا ربما ليس من قبيل المصادفة أن السجناء الستة الذين تمكنوا من الفرار هم جميعا من محيط جنين والمخيم.

أضافت “بالنسبة لي، جنين ليست قصة سريعة الزوال في مسيرتي المهنية أو حتى في حياتي الشخصية، فهي المدينة التي يمكن أن ترفع معنوياتي، فهي تجسد الروح الفلسطينية التي ترتجف أحيانًا وتسقط، لكنها، فوق كل التوقعات، ترتفع لتتابع رحلاتها وأحلامها، وقد وكانت هذه تجربتي كصحفية، ففي اللحظة التي أكون فيها مرهقة جسديًا ومنهكًا عقليًا، أواجه أسطورة جديدة ومدهشة قد اخرج من فتحة صغيرة، أو من نفق تحت الأرض”.

وعلى مدار 24 عامًا، قامت شيرين أبو عاقلة بتغطية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لقناة الجزيرة، كما كان شغلها الدائم القصة الإنسانية والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وكذلك قبل انضمامها للجزيرة كانت أحد مؤسسي إذاعة صوت فلسطين، وطوال مسيرتها المهنية، غطت 4 حروب ضد قطاع غزة والحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2009، إضافة إلى التوغلات في الضفة الغربية علاوة على تغطية الأحداث في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا ومصر.