رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإخوان.. فيلم كوميدى

الفيلم مغربى، إنتاجًا وإخراجًا وتأليفًا وتمثيلًا، وشكلًا وموضوعًا، لكن هجوم «إخوان المغرب» عليه، طال السينما المصرية والتليفزيون المصرى، والفنانين المصريين، وتحت عنوان «مسوخ فيلم الإخوان واللعب بأمن المغرب واستقراره»، طالب رئيس تحرير إحدى صحفهم «من يهمهم أمر الأمن فى البلاد» بوقف «هذا العبث باسم الدراما والفن»، مهددًا بأن «عواقبه لن تكون إلّا وخيمة»، كتلك التى شهدتها مصر «عندما فتحت باب الاستهزاء بالدين وأهله»، حسب زعمه، أو طبقًا لتوجيهات مَنْ يستعملونه.

بضحك وتصفيق متواصلين، استقبل حضور العرض الخاص، الفيلم الذى أخرجه محمد أمين الأحمر، وكتبه وقام ببطولته عبدالعالى لمهر، المعروف باسم «طاليس»، مع نجوم فرقته «إيموراجى»: مصطفى قيمى، وأيوب إدرى، وسعيد ووديع، وشارك فيه نجوم آخرون من الجيل السابق: فضيلة بنموسى وعبداللطيف الخمولى وراوية وفاطمة بوشان و... و... عبدالحق بلمجاهد، الذى يقوم بدور «الفقيه سلام»، والذى أكد أن الفيلم «لا يمس بالدين الإسلامى، وإنما يعالج قضية استغلال العقول التى تنجرف مع المتطرفين».

الفقيه سلام، قيادى فى جماعة إرهابية، يستغل سذاجة وطيش ثلاثة أصدقاء يعيشون فى حى «صفيحى» بالدار البيضاء، يجمعهم الفشل والفقر والفراغ، ويقومون بتصوير مقطع فيديو، على سبيل التسلية، يتم تسريبه، ويكون سببًا فى ملاحقة السلطات الأمنية لهم، ثم فى تجنيدهم وضمهم إلى جماعة إرهابية وتدريبهم على حمل السلاح. وتتطور الأحداث، إلى أن يكتشفوا حقيقة «الفقيه سلام» وأمير الجماعة «أبوالحطيئة». وكان لطيفًا وظريفًا أن يختار الإرهابيون المستجدون لأنفسهم أسماء أبومصعب، أبوغطاط، وأبوتريكة.

اليوم، الإثنين، تحلّ الذكرى التاسعة عشرة للهجمات الإرهابية التى شهدتها مدينة الدار البيضاء، كبرى مدن المملكة المغربية الشقيقة، وعاصمتها الاقتصادية. والأربعاء الماضى، استضافت مدينة مراكش، ثالث أكبر مدن المملكة، الاجتماع الوزارى التاسع، والأول فى قارة إفريقيا، لـ«التحالف الدولى ضد داعش»، الذى ناقش سبل تعزيز التعاون الدولى لمكافحة هذا التنظيم، والجماعات التابعة له، وجرى خلاله تقييم عمل التحالف خلال السنوات الماضية، وتحديد الهفوات التى يتعين تلافيها. وغالبًا، أدى عرض الفيلم فى هذا التوقيت إلى تزايد حدة وعنف الهجوم عليه من أعضاء فرع الجماعة الإرهابية فى المملكة الشقيقة.

من بين عشرات مقاطع الفيديو، التى هاجمت الفيلم، استوقفنا ذلك المقطع الذى قام فيه عبدالله نهارى، القيادى فى «حركة التوحيد والإصلاح»، بتكفير كل المشاركين فى الفيلم، الذى رآه «دعوة صريحة لترك الدين فى بلد دينه الإسلام، عاش بالإسلام وتحرر بالإسلام»، وقال إنه يسير على نهج «التليفزيون المصرى»، الذى زعم أنه «دأب على تصوير المتدينين بطريقة منفرة بشعة»!.

حركة «التوحيد والإصلاح» هى الفرع المغربى لـ«جماعة الإخوان»، وكان «حزب العدالة والتنمية»، ذراعها السياسية، كعادة الأحزاب الإخوانية، قد وصل إلى الحكم، فى ٢٠١١، مستغلًا ضعف منافسيه، وحالة الارتباك التى دخلت فيها دول المنطقة، التى اجتاحها ما صار معروفًا باسم «الربيع العربى». وبعد أن حالفه الفشل طوال ولايتين متتاليتين، كنسه المغاربة فى انتخابات سبتمبر الماضى.

الموقع الرسمى لـ«حزب العدالة والتنمية»، وصف الفيلم، أيضًا، فى مقال كتبه رئيس تحريره، بأنه «محاولة لاستيراد النموذج المصرى فى تشويه المتدينين والتعريض بهم». وعلى موقع «عربى بوست»، الذى يديره بالوكالة وضاح خنفر، مدير قناة «الجزيرة» السابق، كتب الإخوانى المغربى عبدالله النملى أن الفيلم «تجسيد آخر للنمط الأكثر شيوعًا واستخدامًا وتكرارًا فى الأفلام المصرية»، و«لا يختلف عن أفلام عادل إمام»، وأضاف، محذرًا أو مهددًا: «لعل أكبر حماقة يمكن أن ترتكبها التلفزة المغربية والمسئولون عنها، هى شراء هذا الفيلم وعرضه فى القنوات التلفزية المغربية، سيرًا على خطى السلطات المصرية».

.. أخيرًا، وتأسيسًا على تحذير أو تهديد، ذلك الإخوانى العفن، الذى لم تحاسبه سلطات بلاده، حين تطاول على مصر والمصريين، لحساب جماعته الإرهابية، فى مقالات سابقة، نرى أن عرض هذا الفيلم فى مصر، هو أقل واجب يمكن أن تقوم به دور العرض والقنوات التليفزيونية المصرية والمسئولون عنها. ونعتقد أن وضع ترجمة، subtitle، بالعامية المصرية أو بالعربية الفصحى، سيحل مشكلة صعوبة اللهجة المغربية.