رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من يمنع الترحم على «أبو عاقلة» بدعوى الدين؟

جانب من جنازة شيرين
جانب من جنازة شيرين أبو عاقلة

وحدت العالم العربي على الألم والدموع حزنًا ورثاءًا لموتها، لم يكن غريبًا عليها ذلك فهي من استطاعت توحيده من قبل على سماع صوتها والإحاطة خبرًا بما يفعله العدو لحظة بلحظة على الأرض التي قدسها الجميع ودنسها طغاة الاحتلال، قاومت وهي حية كما قاومت وهي جثة، أخافت عدوها بصوتها ناقل الحقيقة فأراد إخراسه "ظنًا منه كذلك" فقتلها، وعادت لتخيفه ميتة فأثار شغبًا في جنازتها وكأنه خاف أن تنهض ثانية لتقاومه، فكانت تلك "شيرين أبو عاقلة من القدس المحتلة" الإعلامية الفلسطينية وكأن روحها فطرت على المقاومة وعدم الموت لكشف الحقيقة حية كانت أوميتة.

في وسط المشهد الذي أفطر القلوب دماءًا حزنًا على هذا الصوت الفلسطيني الحر المقاوم الذي غاب ولم يغب، يظهر من هم أشدّ من الحجارة قسوة، من هم يعبثون ليبحثون عن خانة الديانة ليحاولون منع سيل ترحمات المسلمين على أبو عاقلة، بدعوى أنها ليست مسلمة، وكأن جيلًا جديدًا شيطانيًا لا يعلم عن الإسلام شيئَا قد نبت.

حكّموا أنفسهم قضاة الشيخ أحمد تركي من علماء الأزهر الشريف هكذا قال الشيخ أحمد تركي إمام مسجد النور سابقًا وأحد علماء الأزهر الشريف  عن هؤلاء الذين يحاولون منع أنهارًا من الأدعية وطلبات الرحمة التي انهالت على روح شيرين من مسلمي العرب في كل مكان متسائلًا من يملك مفاتيح الجنة والنار ومن أجل ذلك تحدث الآن عن ديانتها وقال تدخل الجنة أم تدخل النار أو يُترحم  عليها أو لا يُترحم على روحها الطاهرة مشيرًا إلى أن من يقم بذلك إنما هو من المتحكّين بالدين، المتنطعين فيه، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم إنما قال في حديثه الشريف"هلك المتنطعون".

وتابع ترك بقوله أن الشهيدة شيرين كانت مسيحية كتابية توفيت وهي تقاوم في أرض المعركة، فربما كان من الديانات الأخرى من هم مسلمون بقلوبهم وأفعالهم بينما هناك من المسلمين أنفسهم من لا يملكون من الإسلام شيئًا إلا ظاهره فقط، وهم في الحقيقة ألد الخصام للدين وللوطن.

وأضاف "أروي هنا لكل من يزايد على الدين ويمنع الترحم على الشهيدة شيرين قصة ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام مع عبد الله بن مسلول وهو الذي كان كبير المنافقين " وليس كتابيًا بل كافر بأديان الله جميعها-  إذ جاء إلى الرسول ابنه بعد وفاته وطلب منه جزءًا من ثوبه ليكفنه فيه لعل الله يغفر له، فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم ثوبه ليكفن فيه، وبذلك كٌفن مسلول في ثوب الرسول صلى الله عليه وسلم- فكيف وشيرين البطلة المقاومة التي ماتت وهي تؤدي أفضل رسالة وهي نقل الظلم الذي يفعله العدو الأول للأمة جميعًا "الاحتلال الصهيوني" كيف نرفض أن نقول عليها شهيدة أو نطلب لها الرحمة.

  كما أكد ترك أن الدين الإسلامي هو دين الرحمة، وكذلك الرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله عز وجل في قوله " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، كما وجه عالم الأزهر حديثه إلى كل من يمنع لفظ الشهيدة على روح أبو عاقلة أو يمنع الترحم عليها، أن يكّفوا عن هذا الجهل والهراء الذي ينقل صورة مخالفة تمامًا عن صورة الإسلام دين الرحمة والإنسانية. 

واتفق مع ترك كذلك الشيخ عبد العزيز النجارعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف الذي قال أن وفاة أبو عاقلة يتمناها الكثيرون، كما ليت الكثير يتعلم من مشوار هذه البطلة الشهيدة قبل أن يسأل عن دينها ومصيرها عند الله ، موضحًا أننا جميعًا مصائرنا بيد الرحمن، ولا نعرف سوى ضرورة الدعاء جميعنا بعضنا البعض لا نفرق بين أحد وأخر، وهو بين أجلّ ما أمرنا به ديننا الإسلام، موضحًا أننا في النهاية يجب أن نترك القبول من عدمه لله وحده.

ونعي الأزهر الشريف الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في بيان له قائلًا “جريمته ما هي إلا فلسطيني وصحفي” ، واصفا شيرين بـ "صوت الحقيقة"، ودعا المجتمع الدولي إلى التحقيق في هذه الجريمة. 

وأكد أن “هذه الجريمة بحق الصحافة والصحفيين تدل بقوة على بشاعة هذا الكيان الغاشم والإرهاب والجرائم التي يرتكبها حتى بحق الصحفي الذي لا يحمل سلاحاً ولم يقتل ولا يضرب”، وتابع: “جريمتها لم تكن أنها فلسطينية ، وأنها صحافية تنقل الصورة والحدث وتحمل صوت المظلومين والمضطهدين لبلدهم في العالم ، وبسبب هذا تواجهها الخوف والموت في كل وقت “، وتابع البيان: “والأزهر الشريف ينعي الصحفية الراحلة الذي كان صوتًا مسموعًا للحقيقة ، ويقدم خالص تعازيه للشعب الفلسطيني وأسرته وزملائه”.

ودعا الأزهر المجتمع الدولي والمنظمات ذات الصلة إلى القيام بدورها في التحقيق في هذه الجريمة بحق البشر والقوانين والمواثيق الدولية وملاحقة القتلة والعمل الجاد لوقف إرهاب الكيان الصهيوني ومحاولاته التعتيم على الحقائق. بقتل واستهداف الصحفيين والإعلاميين.