رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رحلاتى مع أوبر».. مصرى يرصد قصص السائقين فى «أرض الاحلام»

رحلاتى مع Uber
رحلاتى مع Uber

أصدرت الدار المصرية اللبنانية كتاب «رحلاتى مع Uber.. ٢٢ رحلة حول العالم» للمهندس فادى زويل، ويحكى خلاله تفاصيل تنقلاته ورحلاته عبر العديد من الدول. وتدور تفاصيل الرحلات التى يطرحها المؤلف خلال الكتاب حول تنقلات أجراها «زويل» عبر تطبيق «أوبر»، يتحدث خلالها مع السائقين الذين يتميزون باختلاف جنسياتهم وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية، فمنهم الغنى والفقير، والمثقف والسطحى، والمتواضع والعنصرى، والمهاجر والمواطن، ويطرح من خلال هذه الحوارات الكثير من الدروس والعبر.

وبدأ «زويل» كتابه برسالة للقارئ، قال فيها: «عزيزى القارئ دعنى أصطحبك فى رحلة ممتعة ومشوقة حول العالم مع أوبر، فلتضع حزام الأمان وهيا بنا ننطلق»، مرافقًا القارئ فى رحلة مليئة بالحكايات المثيرة والشيّقة من سائقى «أوبر»، التى تركت أثرًا واضحًا فى نفسه وتعلم منها أشياء جديدة وقيّمة لم يكن يعرفها من قبل.

ونجح المؤلف فى إمتاع القارئ بقصصه، وإثارة شغفه للتعرف على ثقافات وأنماط مختلفة من خلال قصص سائقى «أوبر»، واستطلاعه مشكلات متعددة تواجه المغتربين كالتعصب الدينى والعنصرية والغربة، وغيرها.

وأوضح، خلال الكتاب، الفرق بين سائقى التاكسى العادى وسائقى تطبيقات التوصيل، قائلًا: «النوع الثانى ذو خلفيات ثقافية واجتماعية متنوعة ومركبة، مثل الرجل الميسور من أرباب المعاشات الذى لم يستطع الجلوس فى المنزل بلا عمل وقرر النزول إلى الشارع واستخدام سيارته الفاخرة فى توصيل الآخرين بغرض التفاعل مع الناس وتضييع الوقت، ومنهم من خدم فى جيش بلده وشاهد حروبًا، ومنهم رجال أعمال فشلوا ولجأوا للعمل كسائقين، ومنهم من نجح لكن عمله كسائق من وقت لآخر ومقابلته لناس غرباء يسعده كنوع من التغيير».

وفى تمهيده للكتاب؛ بيّن سبب كتابته هذه القصص أو الحكايات، قائلًا: «منذ بدايات عام ٢٠١٧ حتى أوائل عام ٢٠٢٠، عندما بدأت جائحة كورونا، كان يتحتم علىّ السفر على الأقل مرة كل شهر بسبب عملى، ولم أبدأ فى تدوين أحاديثى مع سائقى أوبر إلا حين التقيت ذلك السائق الإفريقى بمدينة سياتل فى ولاية واشنطن الأمريكية».

وأوضح أن ذلك السائق تحدث معه عن حبه الكبير للمصريين، إذ كان يعتبر أن المصرى القديم هو رمز لسمو الجنس الإفريقى، حيث أقام حضارة عريقة حول نهر النيل، ابتكرت العديد من العلوم، وأسهمت فى تطور البشرية وقتها، مضيفًا: «شعرت من حديثى معه ومما حكاه لى عن تعرضه للتمييز العنصرى بأن فى قصته عبرة مفيدة لمن لم يسمعها».

وحكى قصة السائق الذى قرر أن يهجر مدينة سياتل الساحلية البديعة بسبب «مهرجان الحشيش» الذى يدفع المارّة فى الشوارع للتصرف بشكل غريب، قائلًا: «كبر أولادنا واستقل كل منهم، وصار هذا الطقس لا يناسبنى كإفريقى».

وقال «زويل» إن السائق كان يحمل كمًا كبيرًا من الغضب بسبب العنصرية فى المجتمع الأمريكى، وفى مجتمعات أخرى، ناقلًا عنه قوله: «الأب والأم يغرسان قيم المجتمع الأصلى فى أبنائهما، ويعلمانهم أنهم مختلفون عن هذا المجتمع بعاداته وتقاليده ويقدمون صورة بلدهم الأم، وتقع المشكلة الكبرى حين يصطدم الأبناء بالعادات والتقاليد السيئة فى البلد الجديد، التى صورها الآباء كمجتمع مثالى ونموذج يجب الاقتداء به، فيجدون السلوكيات السيئة المنتشرة، مثل الكذب والرشوة واستخدام الوساطة وعدم تساوى الفرص وغياب النظام، وكلها أشياء تبدو سيئة بالفطرة لأبناء الجيل الثانى من المهاجرين، لم يعتادوا عليها فى وطن المهجر، ثم يجدونها مترسخة ومألوفة فى وطن الآباء».

وتابع «زويل» أن الكثير من السائقين لم يكونوا فرحين بحياتهم لأن السعادة لا تزورهم دائمًا، فهناك من يتعاطى حبوبًا مخدرة، أو حبوبًا لعلاج الاكتئاب، لافتًا إلى أنه بذل قصارى جهده لإسقاط الضوء على بعض الاختلافات بين الحضارة الشرقية والحضارة الغربية، وتعمد ألا ينحاز لأى من الحضارتين لاقتناعه بعدم وجود الحضارة أو الثقافة المثالية، لأنه لكل منها مميزات وعيوب تورث عبر الأجيال فتصبح جزءًا من هوية الشعوب التى تنتمى لهذه الثقافات.

ومع مرور الوقت، صادف «زويل» قصصًا أكثر إثارة وتشويقًا، تظهر معاناة المهاجرين من صعوبة التأقلم فى أوطانهم الجديدة، وتتحدث عن العادات والتقاليد والسياسة والأديان، وأخرى عن التاريخ والجغرافيا والاقتصاد.

وكان من بين السائقين الذين التقاهم، جندى مارينز أمريكى كان يؤمّن أحد المطارات فى أفغانستان، وشاهد بعينيه أفرادًا من المخابرات الأمريكية يدفعون الأموال لطالبان.

واختتم بأنه حاول إعطاء صورة واقعية لمن يحلم بالهجرة من الشرق والارتماء فى أحضان الغرب، عن التحديات والمصاعب التى قد يواجهها فى هذه المجتمعات الغريبة.