رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الضحايا يتحدثون

«أشعة الصبغة» دون تحليل.. الموت في طريق البحث عن العلاج

أشعة الصبغة
أشعة الصبغة

لم تتوقع «كاريمان» حين طُلب منها أشعة بالصبغة على الرئة أنها ستواجه الموت وجهًا لوجه، فهي تعلم أنها مجرد أشعة عادية لا ضرر منها على الإطلاق، وبالفعل قصدت أحد مراكز الأشعة على هذا الأساس.

تعاني الفتاة العشرينية من ضعف في الأوردة ما أدى إلى تورم شديد مع محاولات الممرضة وضع الكانولا في يدها، ثم تم حقنها بالصبغة، وبعد دقائق قليلة بدأت تشعر بضربات قلبها تزيد بشدة مع ارتفاع في درجة حرارة جسدها.

جاءتها الممرضة وهي لا تستطيع التنفس وبمجرد خلع الكانولا وجدت بقعا حمراء تغزوا جسدها بشدة بما يشبه الحساسية، تقول: «الممرضة اتصدمت وقالتلي إنتي عندك حساسية من الصبغة وجريت على الدكتور تبلغه عشان يلحقوني».

كاريمان نجدتها العناية الإلهية ولم تلق مصير مارينا صلاح التي دخلت أحد مستشفيات العيون لتلقي العلاج اللازم، وتسببت الأشعة بالصبغة دون اتباع الإجراءات الطبية اللازمة قبلها في وفاتها.

حكي زوجها ما حدث قائلًا: «دخلت لتوقيع الكشف الطبي قالوا عاوزة أشعة بالصبغة وبدأ يحصلها مضاعفات بشكل سريع، وقالت لي الحقني أنا بموت؛ ولما دخل الأوضة بتاعتها لقى عندها مضاعفات».

وأوضح: «المستشفى نقلها لمستشفى آخر مجاور لأن المستشفى الأول لا توجد به غرف للعناية المركزة وقبل ما يحقنوها بالمادة دي (الأشعة بالصبغة) لازم يتعمل اختبار حتى لو كان كل مليون مريض بيتحقن بيحصلوا مضاعفات وبيموت».

مارينا ليست حالة منفردة تعرضت لإهمال طبي جسيم جراء الحقن باستخدام الصبغة دون إجراء أي اختبار لمدى قابلية الجسد له أو معاناة المريض من حساسية تجاهه، فهناك حالات كثيرة توفيت أو تأذت نتيجة لذلك.

تستكمل كاريمان التي أنقذتها العناية الإلهية: «الدكتور قال للممرضة أديها حقنة بسرعة وكانوا كلهم مخضوضين، لكن الحقنة الأخيرة دي فوقتني للحظات ولكن بمجرد ما خرجت من الأوضة أغمى عليا».

تضيف: «بدأت أرجع ميه كتير حوالي مرتين ورا بعض، ووقتها الدكتور قالي دا نتيجة الحساسية تجاه حقنة الصبغة، وإن كان ضروري يتعمل اختبار حساسية قبل إجراء الأشعة، وبعد يومين بقيت كويسة».

لا يوجد إحصاء رسمي عن عدد الأخطاء الطبية في مصر، ولكن تقدر وزارة الصحة عدد الأخطاء الطبية في مصر سنويًا بـ 180 ألف حالة، وحسب تصريحات نقابة الأطباء فإن نحو 20 طبيبًا يتم شطبهم من النقابة سنويًا بسبب الأخطاء الطبية، وتنص المادة رقم 244 من قانون العقوبات، على أن عقوبة الخطأ الطبي الجسيم الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز «200 أو 300 جنيه» أو بإحدى هاتين العقوبتين.

لم يختلف الأمر لدى نور وزوجها، والتي كانت تجري أشعة صبغة في إحدى المستشفيات الحكومية، بناء على طلب طبيب النسا والتوليد الذي تتابع لديه، بسبب تأخرها في الحمل لمدة عامين ونصف.

تقول: «الدكتور طلب أشعة بالصبغة على الرحم عشان يشوف قناة فالوب بشكل واضح وفعلًا روحت وعملتها بدون اختبار، وبمجرد وضعها حسيت بحساسية شديدة جدًا في جسمي وسخونية وحكة وبدأت تظهر بقع حمراء».

تضيف: «في وقتها بلغت الدكتور واللي اكتشف إن الممرضة كان ضروري من الإجراءات إنها تعملي اختبار حساسية قبل  الأشعة بالصبغة، والدكتور وقتها طلب إني أشرب عصير وأدوني حقنة تانية فوقتني ومن وقتها عرفت إني عندي حساسية من أشعة الصبغة، ولولا رحمة ربنا كنت مت».

وعاد قانون المسؤولية الطبية للظهور مجددًا عقب واقعة مارينا صلاح والمطالبة بإصداره، حيث كان أول ظهور له خلال العام 2016، وهو عبارة عن 6 أبواب يحدد علاقة الدكتور والمريض وكذلك إجراءات تقديم الشكوى للهيئة.

وحدد القانون الحالات التي يقع فيها على الطبيب مسؤولية الضرر للمريض والعكس، وهي كالآتي: «إذا كان الضرر الواقع على المريض هو أحد الآثار والمضاعفات الطبية المعروفة فى مجال الممارسة الطبية، إذا اتبع مقدم الخدمة الطبية أسلوبًا معينًا فى الإجراء مخالفًا لغيره فى الاختصاص، وإذا كان الضرر قد وقع بسبب فعل المريض نفسه أو رفضه للعلاج».