رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيرين أبوعاقلة.. الرحمة للروح الطاهرة

"اخترت الصحافة لكي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلاً ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل قادرة على إيصال ذلك الصوت  إلى العالم".. شيرين أبوعاقلة.

صوت زميل شيرين وقت استشهادها على إيد الإسرائيليين وهو بيصرخ وبيستنجد «إسعاااااااف إسعاااااف» نفس المشهد اللي وجع قلوب العالم من ٢٢ عشرين سنة على محمد الدرة وهو في حضن أبوه وبيصرخ «إسعاااف».

الجرائم اللي بتحصل بشكل يومي من الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، واللي اتعود عليها العالم وبقي بيغمض عينه عنهم من وجع القلب وقلة الحيلة، صَحّاهم انهارده مشهد مقتل شيرين أبوعاقلة، الصحفية الفلسطنية اللي تم استهدافها وهي بتقوم بشغلها في تغطيتها لاقتحام القوات الإسرائيلية مخيم جنين بالضفة الغربية، برصاصة في راسها وصوت زميلها وهو بيقولها: "إصحي يا شيرين، إسعااااااااااف".

شيرين غطت أحداث الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، والاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين وطولكرم عام 2002، والغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية المختلفة التي تعرض لها قطاع غزة، وكانت أول صحفية عربية يسمح لها بالدخول إلى سجن عسقلان في عام 2005، لما أجرت مقابلات مع الأسرى الفلسطينيين اللي صدرت بحقهم أحكام طويلة بالسجن، وغيره كتير من أدوار عظيمة قامت بيها. 

بس للأسف المحزن أكتر من قتلها بالوحشية دي، هو الصراع القائم دلوقتي على السوشيال ميديا بين هل يجوز الترحم عليها ولا لأ لكونها مسيحية!.. بدل ما نكون صوت واحد ويكون فيه ضغط على المجتمع الدولي في إدانة إسرائيل لجرائم الحرب واستهداف الصحفيين ومحاولتهم المستمرة في قتل الحقيقة، ويكون فيه صوت قوي لفتح تحقيق أمام العالم كله.

الخناقة الدايرة راحت لمكان تاني خالص.. "لا يجوز الترحم على من لا يعتنق الإسلام"!!

يعني كونك اتولدت مسلم عشان أبوك وأمك مسلميين بقيت شايف إنك مميز عن غيرك عند ربنا بغض النظر عن أفعالك.. وبتتناسى كم الذنوب اللي بتعملها في حياتك وربنا ساترك، شايف إنك ممكن تكون مميز عن غيرك لمجرد إن في بطاقتك مسلم؟ 

طب إنت عارف يعني إيه تكون مسلم؟ عارف يعني إيه تكون إنسان؟ عارف مطلوب منك إيه؟

عارف إن الإنسانية في الإسلام هو ركن عقائدي؟ وإن الإسلام  حرص على رعاية حقوق الإنسان جميعاً؟ وإن الإسلام بيحث عن الأخلاقيات الحسنة، وإن الإنسانية في الإسلام هو ركن عقائدي وواقع تطبيقي؟.. شرّع الإسلام حقوقًا وواجبات بين المجتمع الإسلامي بتكويناته المتعددة لكل فرد، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، وقد حرص على رعاية حقوق الانسان جميعاً، وحث الإسلام على الأخلاقيات الحسنة، حتى إن الغاية من رسالة الإسلام هي إتمام وإصلاح مكارم الأخلاق في نفوس الناس أجمعين، والرسول، عليه الصلاة والسلام، قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. فالتسامح، وحُب السلام، والكرم، والرفق بالتعامل مع غير المسلمين كُلها صفات تدل على الإنسانية.

عملت إيه من دول؟ لما تكون واحدة مسيحية بتقوم بالدور العظيم ده وتموت وهي بتدافع عن الإنسانية.. وإنت قاعد في وسط ذنوبك ماسك تليفونك.. بتهاجم كل اللي بتلاقيه حزين وغضبان لموتها وبيطلب الرحمة ليها من ربنا، فانت تقوله: «لا يجوز»!

لا يجوز إيه؟ طلب الرحمة من الرحيم؟

طيب إنت شايف إن ده دورك؟ شايف إن كده إنت هتكون أحسن وربنا هيكون راضي عنك؟

شايف إنك بكده بتنشر صورة حلوة عن الإسلام وبتنشر السلام؟ 

إنك بدل ماتنتفض وتطلب تطبيق العدالة في الدنيا وتحاول تمنع الوحشية اللي بتحصل وتنشر السلام، وده دورك كإنسان وكمسلم أصلا، فتقول إن الرحمة لا تجوز على غير المسلم؟

حقيقي أنا مش عارفة ده ممكن يكون مفيد بالنسبالك إزاي؟

مش عارفة أشوف النوعية دي من البني آدمين ممكن يكونوا مختلفين عن اللي قتلوا شيرين إزاي؟

إحنا عايشين في عالم مخيف.. وشيرين وكل اللي بيدافعوا عن الإنسانية في العالم اترحموا منه وراحوا لربنا الرحيم العادل اللي هو عالم بالنفوس، وعالم مين كويس ولا لأ، ومين يستحق الرحمة حقيقي ولا لأ.

مش كونك مجرد بتقول أنا مسلم وبتصلي وبتصوم فانت كده بتعمل اللي عليك وشايف نفسك أفضل من غيرك، وبتدي لنفسك الحق إنك تحاسب غيرك في حاجات ربنا وحده اللي بيحاسب عليها، ومدّى لنفسك الحق إنك تقول مين على حق ومين لأ، حتى لو مسلم زيك، "لا انت صلاتك مش مقبولة"، "لا انت حجابك غلط ومش مقبول"، "لا انت صيامك لا يجوز"، وسايب المجرمين بيقتلوا ويخربوا ويفسدوا في الدنيا وانت حتى مش بتحاول تزرع الخير اللي أصلا مطلوب منك!

ربنا رحيم وعادل بعباده.. وربنا شاهد على كل الناس.

وكل اللي نقدر نتمناه إن ربنا يرحمنا ويلطف بينا.

ربنا يرحمك يا شيرين أبوعاقلة، والسلام على روحك الطاهرة.