رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أحلام سعيدة».. كوميديا خفيفة من وسط المأساة

مسلسل «أحلام سعيدة» اجتماعى خفيف جذب مشاهدة عالية من النساء، من الأمهات ومن النساء منتصف العمر وقليل من الرجال، لأنه مسلٍ وكوميدى دون إسفاف، ولأنه مسلسل فيه النجمة المحبوبة يسرا، وفيه أيضًا بطولة جماعية للنساء غادة عادل ومى كساب وشيماء يوسف، وأيضًا دور رئيسى لانتصار، والإخراج متميز لعمرو عرفة، والتأليف قامت به المخرجة هالة خليل، وإن كنا لا نعرف تمامًا لماذا اتجهت للتأليف الكوميدى فجأة، رغم أنها مخرجة جيدة؟ إلا أن معها ورشة فنية ساعدتها لإنهاء الحلقات قبل نهاية الشهر.

ونرى يسرا «ديدى» الأرستقراطية المهووسة بالنظافة والمتعالية على الآخرين، والتى يدللها الجميع دون سبب، رغم تعاليها على الجميع، حتى المحامى «نبيل نورالدين»، وهو صديق لها يساعدها بعد أزمة فقدان البصر، ويتحملها بكل مودة وذوق وتسامح، وهى غارقة أيضًا فى العيش فى ذكريات لها مع والدتها بباريس، وتحاول البحث عن الأنتيكات وعن قبعة والدتها، وهى قبعة بريجيت باردو الفنانة الفرنسية الجميلة الشقراء الأشهر، والتى اشتهرت فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى.

ثم تصاب فى حادثة بالشارع تفقد فيها بصرها، وهى قصة ٣ سيدات من فئات مختلفة تجمعهن الظروف ليصبحن صديقات بعد التقائهن فى مجموعة للعلاج النفسى من الأرق وعدم النوم بسبب الضغوط النفسية الثقيلة، وتمر بهن معًا مواقف محرجة ومتتالية وطريفة بما يلقى الضوء على حياة كل منهن، المسلسل يتفرع بتفريعات كثيرة حول حياة كل واحدة منهن، وفى تقديرى أن يسرا «ديدى» بهذا الدور أرادت أن تقدم دورًا مختلفًا عن أدوارها السابقة، وهى تجسد بتميز دور فاقدة البصر والتعجرف والعيش على أمجاد الماضى، وتذكرنا بالسيدات اللاتى ينحدرن من عائلات أرستقراطية، ذات أصول تركية، وبالمسلسلات التركية التى فيها العائلات الأرستقراطية القديمة المتعالية، واللاتى لديهن النعرة التركية الشهيرة.

وهى نجمة محبوبة من الجمهور، إلا أننى أفضل مشاهدتها فى دور يجسد براعتها فى الأداء، لأن لديها قدرات أكبر من هذا الدور ولم تتطرق الأحداث إلى عمق المشكلة وهى فقدان البصر، ولا إلى ما يسببه هذا الحادث من تأثيرات نفسية تترك بصمات على المصاب بها، وهى فى حالة تعالٍ وعجرفة على الجميع طوال الوقت، رغم أنها مصابة فى الحادثة، ورغم ذلك الجميع يأتمر بأمرها، وافتقدت الأحداث التعمق فى حياة البطلة واقتصرت على إظهار تعاليها، بما يشبهنا بدور أحمد مظهر فى فيلم «الأيدى الناعمة»، كما كان هناك تطويل ومط فى المشاهد، مثل مشاهد البحث فى أدراج المطبخ وراء الشغالة وفى دواليب البيت، وكان يمكن اختصاره فى ١٥ حلقة فقط، كما أدت غادة عادل الدور «شيرين» فى إطار المطلوب منها، وهو سيدة فى الأربعينات لم تتزوج وتعيش فى ضغوط نفسية من أهلها لكى تتزوج.

ومى كساب «ليلى» تجسد البساطة والطيبة والتحمل لظروفها الصعبة مع الزوج المزواج، لكنها تفيق من ضعفها وتسترد كرامتها قبل النهاية، ومى تتميز بالملامح المصرية لبنات الأحياء الشعبية، مما يعطيها مصداقية لدى المشاهد، وهى لديها تلقائية فى الأداء تقربها من قلب المشاهد، ونشرت روح الدعابة الفنانة شيماء يوسف وهى طاقة كوميدية تضحكنا بمجرد ظهورها على الشاشة، وأمامها مستقبل كبير فى الكوميديا إذا ما أحسنت اختيار أدوارها التالية وجددت فى أدوارها بعد ذلك، وأحسن تامر هجرس بالعودة للتمثيل بعد غياب، حيث افتقدته الشاشة بملامحه المختلفة عن أبناء جيله، وهو يجسد ببساطة الفتى الأرستقراطى الواثق من نفسه وأيضًا أدوار الأكشن.

والمسلسل اجتماعى كوميدى خفيف جذب فئات مختلفة من السيدات فى منتصف العمر وحظى بمشاهدة عالية، وسط وجبة رمضانية دسمة، وفى تقديرى أن الدراما الوطنية المستقاة من الأحداث قد تفوقت بمشاهدات عالية، بما يؤكد أن المتفرج يبحث أيضًا عمَّا يعبر عن بلده بصدق، والدليل تفوق فائق لـ«الاختيار ٣»، ثم «العائدون»، فى صدارة المشهد الدرامى خلال الشهر الكريم، وننتظر المزيد من الأفلام المستمدة من أحداث بلدنا العام المقبل، إن شاء الله، فهى تقدم الفن والوعى والحقائق التى من الضرورى أن نراها فى خضم الأحداث العالمية التى تحيط بنا.