رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيهاب فوزي: لولا إيمان المخرج سيد سعيد بروايتي «زهرة الريمولا» ما كنت نشرتها

بورتريه للكاتب الروائي
بورتريه للكاتب الروائي إيهاب فوزي

كان لإشادة المفكر والمخرج الراحل محمد السيد سعيد، دورا كبيرا في الالتفاف والاهتمام حول روايته الأولى “زهرة الريمولا”، والذي سعى من خلالها الكاتب الروائي الجسور إيهاب فوزي لاقتحام الكثير من التابوهات التى تخص الثالوث المقدس في الدين والسياسة والجنس، حيث ترى الغرائبية في الطرح، وتلك البنى السحرية التى لا ترتبط بثمة عتبات تقليدية تخص بتية أو كنابة الرواية.

إيهاب فوزى الكاتب البورسعيدي، والذي كتب عن روايته أكثر من خمسة عشر مقالا نقديا بالإضافة لعدة لقاءات تليفزيونية كان آخرها بقناة النيل الثقافية لتشريح تلك الرؤى المغايرة، فيما يخص ماهية الرواية، وكيف جاء ساردها بكل هذه الجرأة في تخطي كل ماهو متعارف عليه، وكذلك المسكوت عنه. 

الكاتب “إيهاب فوزي”، والذي قدم الكثير من المدونات الثقافية في مناح عدة تخص الشأن الإبداعي في بورسعيد، وبعضا من كتابات فكرية زادت من رسوخ إسمه وعالمه، بل وعلافته بالكتابة، ولذلك كان التفرغ للكتابة هو الحلم والمبغى “الدستور” التقت الكاتب وسألته بداية.

  • بعد أن كتب الكثير من النقاد والإعلاميين عن روايتك الأولى (زهرة الريمولا).. هل كنت تتوقع كل هذا النجاح والإشادة وخاصة فيما يتعلق بالسرد الروائي؟

  بصراحة لقد فوجئت باستقبال الأدباء والنقاد للعمل، وخصوصا أنني نزلت بينهم دون سابق إنذار ولم يكن لي أي رصيد أدبي لديهم، مما أصابني بالارتياب وخصوصا أن العمل يتميز الجرأة ويحوم حول مناطق شائكة وجديدة عن المطروح على الساحة الثقافية، لكن كان من حسن الحظ أن تناول العمل نقاد على درجة عالية من الأمانة العلمية والأدبية، ليس فقط في القراءة المتأنية بل بقراءات تحليلية مختلفة.

  • عن شخصية (رام) هل هو كان مفتاح الرواية فيما يخص غرائبية الأحداث والشخصيات والأزمنة المختلفة، أم هناك تفسير آخر يخص رؤيتك؟

لم يستأثر أي من الأشخاص بالرواية، حتى وأن طغت شخصيتي (رام) الأكبر والأصغر وشخصيتي (ريم) الصغرى والكبرى على أحداث الرواية، فالرواية لا تعول على الحدوتة بقدر تعويلها على القيم وتوالدها واختلاف مسميات القيمة، وربما عدم الرهبة من المحاذير (الدين والجنس والسياسة)، هو ما جعلني أطرح أطروحتي بمنتهى الحرية وهو ما أضفى على العمل جديته كما رأى النقاد.

  • بعدما أشاد المفكر والمخرج السيد سعيد، كيف ترى رؤيته في الرواية وعلاقته بما تم تشريحه فيما يخص طروحات النقاد عن بنية وجرأة الطرح في روايتك زهرة الريمولا؟

 أسعدني سؤالك هذا، منذ بدء الحوار وانا أتحين الفرصة للحديث عن المفكر والمخرج الراحل الأستاذ سيد سعيد، فقد تقابلنا في ندوة محبة نظمها أحبائه في نادي التجاريين ببورسعيد ترحيبا به، ولا أخفي عليك سراً، أنني حتى تلك المقابلة لم أكن أعرفه شخصيا، ورغم انقطاعي عن حضور المنتديات الأدبية إلا أنني قررت إعادة مشاهدة فيلمه (القبطان) وحضرت الندوة، وظللت أستمع فقط، وبعد الندوة جلسنا في جلسة استثنائية مع صديق ثالث وهو أسامة كمال، وطوال تلك الجلسة لاحظ أنني مستمع جيد، فبادرني قائلا: لقد راقبتك في الندوة رغم انك لم تتكلم، لكنني أيقنت انك كاتب جيد. أنكرت أنني إكتب، لكن قبل نهاية اللقاء استطاع أخذ إعتراف مني، بشروعي في سردية مخطوطى الجديد لروايتى الثانية ومن المؤكد طبعا أن من ضمن  الأسئلة التى وجهها لي مخرج فيلم " القبطان محمد سيد سعيد كان عن سبب تأخر إنتاجي.

  • بعد ارتباطك بالأدب من خلال القصة القصيرة والمدونات الأدبية والمقالات النقدية منذ أكثر من ثلاثة عقود كيف عدت باهتمامك الأثير بعولم الرواية والمرويات، ولماذاإذاً تأخر انتاجك؟ 

 وأنا اؤكد لك وكما ذكرت كثيرا من قبل انه لولا إصرار العبقري الأستاذ سيد سعيد على أن انشر تلك الرواية "زهرة الريمولا" عندما قرأها، ما كنت نشرت وما كانت ظهرت، وكان الموت الذي باغت القبطان المخرج سيد سعيد دافعا وسببا آخر كي أنشر، وهو أن أتذكره ويكون الإهداء شيء بسيط عما أكنه له من محبة. 

وعودة لسؤالك عن رأيي في قراءة القبطان سيد سعيد للرواية، فأنا ليس لي أن اتجرأ على إبداء الرأي في قراءته، بالرغم أنني أشعر منذ اللحظة الأولى من لقاءنا بتماس خاص في التقارب الروحي، كما استطيع القول ان القبطان وجد ضالته في هذا العمل، وكون الرواية تقترب الى المشهدية السينيمائية، لذا استطيع القول أنه كان مغرم بالعمل ومتحمسًا له.

  •  انطلاقًا من التناول النقدي لروايتك. كيف ترى المشهد النقدي في مصر.. وما هي أقرب الرؤى النقدية التي تناولت روايتك وأحسست معها بالتماس أو التنوير؟

 رغم ما يشوب الحركة النقدية من ممارسات تبدو واضحة كنقد الذم والمديح أو النقد المتأثر بشخصية الكاتب، لا أعتقد أن ذلك خفي على أي مثقف، لكنه له تأثير في خداع بعض القراء، لكن لا نستطيع إنكار أن النقاد الأمناء المتواجدون على الخارطة ومتواجدين في المشهد النقدي في مصر وهم كثر. وربما كنت محظوظًا عندما ناقش روايتي أدباء ونقاد مما يحملون على عاتقهم مسؤولية الكلمة، ومن بين من ناقش وكتب عن الرواية، الناقدة والروائية الدكتورة فاطمة الصعيدي والدكتور محمد ابراهيم طه والدكتور حمدي سليمان والأستاذ أسامة ريان والأستاذ سيد زرد والأستاذ السيد الخميسي والأستاذ سمير الفيل والأستاذ سيف بدوي والأستاذ السعيد صالح والأستاذ أسامة فطيم وغيرهم الكثير من الروائيين والنقاد تناولوا الرواية بقراءات متعددة، وللأمانة لا أستطيع أن أنكر على أحد قراءته، فالجميع وضع يده على مفاتيح ورؤى متعددة بقراءات تعدت بعضها ستة ألاف كلمة، لكن المدهش أنها تركت أثر في ذاكراتهم، ولا أنسى الدكتورة فاطمة الصعيدي عن مناقشتها لإحدى الروايات استشهدت برواية زهرة الريمولا وهذا ما جعلني اطمئن أن للعمل أثره، ولا انكر أيضا أن أحد الكتاب الذي رفض حضور أحد المناقشات مدعيًا أن الرواية تتعدى المسموح به اجتماعيا وأخلاقيا، فأعتقد ان العمل الجيد هو ما يخلق هذا الجدل. وربما لأن الرواية تقتحم عوالم نادرا ما يتطرق لها أحد، فكما كتب المفكر سيد كراوية عن الرواية قائلا، هي سفر تكوين أخر، وتكلم آخرون عن اكتشاف الجنس والفكرة عن الإله ومن ثم ايجاد الألهة وطرحها في الكتابة وهو سهل ولكن المدهش في مسألة الثناء على ماكتبت هو ما يحمل خطاب الترحيب من داخله فهو يحفزني كثيرا لكتابة المزيد من السرد في صمت وبمسئولية.

  • عن علاقتك بالوسط الثقافي والخارطة الإبداعية وتحديدا الحالة الروائية في مصر وبورسعيد خاصة، حدثنا عن تلك العناوين لكتاب كان لهم التأثير في توجهك نحو كتابة الرواية؟  

 بالنسبة للخارطة الثقافية في بورسعيد فهي حالها كما هو الحال في مصر، بورسعيد زاخرة بأدباء وشعراء وروائيين تفخر بهم بورسعيد، وأنت واحد منهم روائي لك كل التقدير على الخارطة، لكن يتبقى سؤال عن سبب الزخم في النشر وقلة الجيد، هذا يرجع لسبب رئيسي يواجه الأدباء بمستويات مختلفة، وهي كلمة (المنجز) فالمعظم يعمل على زيادة منجزه الأدبي فيكون الناتج تكرار أو إجترار، وهذا ما يجعل المشهد الثقافي مشوه. أما عن توجيه لكتابة الرواية، فهي ليست توجيه ولكن هي بوصلة داخل المبدع لاختيار مساراته وبرؤاه وأدواته.

عن علاقتك أو رؤيتك لماهية الجوائز.. كيف ترى العتبات أو التصنيفات التي تحتكم إليها لجان التحكيم في منح ومنع الجوائز؟

لا جدال بافتراض حسن النية، أنه نادرًا أو مستحيلًا ما يتفق الجمهور والنقاد على قرار لجنة التحكيم، وهذا لعدة أسباب، فبعد اختيار الأعمال الجيدة التي ترقى للمستوى، تبقى ذائقة لجنة التحكيم ومعاييرهم وأيضا احتياجاتهم الخاصة برؤية كل ماهو جديد في لغة وبنية ودوافع كتابة العمل وشكله وهل هناك جديد يطرحه المؤلف.