رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قيثارة السماء محمد رفعت.. «شيخ التناقضات» ولد وتوفي في نفس اليوم وأتقن الشِعر والقرآن

محمد رفعت
محمد رفعت

مع اقتراب موعد أذان المغرب خاصة في شهر رمضان  الكريم، لا سيما في الريف والأحياء الشعبية، يبادر الأهالي إلى أجهزة الراديو الصغيرة والبحث بين محطاتها عن صوت فريد لا يرضون له بديلاً، كي يستمعوا منه إلى تلاوة آيات قليلة من القرآن الكريم قبل أن يتابعوا الأذان الذي يرفعه الصوت نفسه، كأن صومهم لن تقبله السماء إلا مع صوت القارئ الشيخ محمد رفعت.

 وفي التاسع من مايو من كل عام يتجدد لهم الشوق، ففي هذا التاريخ تختلط مشاعر الفرح والحزن فيما يخص "قيثارة السماء"، فهو يوم ميلاده في عام 1881، ويوم رحيله عنا في 1950، ومع ذكراه هذا اليوم نقدم أبرز المعلومات عن واحد من أهم الأصوات الخالدة.

ولد في حي المغربلين بالقاهرة، استقبل ضابط البوليس محمود رفعت، مولوداً صحيح الجسد والنظر دعاه محمداً، حسبما كتب فؤاد مرسي في مؤلفه "معجم رمضان".

قدر الطفل الصغير أن يصاب بمرض كف معه بصره وهو في الخامسة من عمره، أو الثالثة بحسب بعض المصادر، وكعادة الكثير من المصريين في ذلك الزمن، اتجه به أبوه نحو القرآن الكريم، وألحقه بكُتَّاب مسجد فاضل باشا بـ"درب الجماميز"، فأتم حفظ القرآن وتجويده قبل بلوغه العاشرة.

توفى والده، فوجد الابن نفسه عائلاً لأسرته، ولجأ إلى القرآن الكريم يعتصم به، ولا يرتزق منه، وأصبح يرتله في المآتم ليوفر لقمة العيش لذويه، حتى عيّن، وهو في الخامسة عشرة، قارئاً بمسجد فاضل باشا، فذاع صيته، وكانت ساحة المسجد والطرق تضيق بالمصلين ليستمعوا إلى صوته الملائكي.

ظل رفعت يقرأ القرآن ويرتله في هذا المسجد قرابة الثلاثين عاماً، ولم يكتف بموهبته الصوتية الفذة ومشاعره المرهفة في القراءة، بل راح يدرس علم القراءات وبعض التفاسير، واهتم بشراء الكتب ودراسة الموسيقى الرفيعة والمقامات الموسيقية.

عقب هذه الشهرة، عرضت عليه إحدى الإذاعات الأهلية التي سيطرت على الأجواء المصرية قبل انطلاق الإذاعة الرسمية عام 1943، أن يسجل الأغاني المأخوذة عن الشعر القديم، ووافق، فغنى "أراك عصي الدمع"، "وحقك أنت المنى والطلب"، و"سلوا قلبي". لكنه اشترط عدم إذاعة اسمه أو الإفصاح عنه، لكن المطرب محمد عبدالوهاب تعرف على صوته، وفقاً لكتاب مرسي.