رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الروم الارثوذكس» تشرح مشهد نزول المسيح الى الجحيم لتخليص الخاطئين

اثناسيوس حنين
اثناسيوس حنين

تحدث الدكتور اثناسيوس حنين راعي كنيسة الروم الارثوذكس باليونان، حول نزول المسيح إلى الجحيم، بالاقتباس من عظات إبيفانيوس القديس رئيس أساقفة قسطندية في قبرص والتي تقرأ في سبت النور، والواردة في دير مار مخائيل منشورات النور 1995 (ص480 -498 ).

وقال إنه سر خفي أكثر من الأسرار كلَها نزل المسيح من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى ما تحت الثرى الذي أعلى من السماوات، الإله قد رقد بالجسد، مات الإله بالجسد وارتعدت الجحيم، رقد الإله قليلاً والذين رقدوا منذ الدهر أقامهم من الجحيم، أبواب الجحيم تُفتح، افرحوا يا من ترقدون منذ الدهور البعيدة، الموجودين في الظلام وظلال الموت، تقبّلوا النور العظيم. 

يأتي الرب في ما بين عبيده، الإله فيما بين الأموات، الحياة في ما بين الموت، هو الذي يقيّد الطاغية الشيطان بنزوله إلى الجحيم. ويخلّص الذين آمنوا به. ويهب الحرية للمحكوم عليهم بالخطيئة.

نزل إلى الجحيم ليرفع أخانا في العبودية آدم المحكوم عليه. وحواء معه، وهو الإله وابنهما في آنٍ أبرار العهد القديم. ويفتقد هؤلاء القابعين في الظلام وظلال الموت لأن الذي هو بطبيعته محبّ للبشر يجري ليفكّ المقيّدين منذ القديم بشجاعة وقوة كثيرة، هؤلاء القابعين في القبور، الذين ابتلعهم الطاغية المرّ المتوحّش بعد أن أخضعهم لسلطانه ونشلهم كاللص من أحضان الله، هناك نجد:

"آدم" المقيّد الذي جُبل أولاً ومات موضعه أعمق من سائر المحكوم عليهم.

"هابيل" الراعي البار الأول والذبيحة البريئة الأولى مثال الذبح الظالم للمسيح الراعي.

"نوح" مثال تابوت المسيح العظيم الذي أنشأ كنيسة الله بواسطة حمامة الروح القدس. 

 "إبراهيم" جدّ المسيح ذابح ابنه والذي قدم لله الذبيحة الشهيرة.

"يعقوب" حزيناً في الجحيم أسفل، كما حزن على الأرض لفقدان يوسف.

 "يوسف" المسجون في مصر مثال المسيح المسجون والسيّد.

 "موسى" في أسفل الظلمات كما كان مرّة على الأرض داخل السلّة المظلمة.

 "النبي دانيال" في أسفل الجحيم كما وُجد وهو على الأرض في جبّ الأسود.

 "إرميا النبي" في قعر الجحيم وفساد الموت كما كان في جبّ الهلاك حيث رماه أبناء جنسه.

 "النبي يونان" في فم الجحيم التي تبتلع العالم، والذي يمثل المسيح الأزلي.

 "داود" جد الإله الذي انحدر منه المسيح بالجسد.

 "يوحنا المعمدان" العظيم الفائق على كل الأنبياء وكأنه في جوف مظلمة (كما كان قديماً في بطن أمه اليصابات) يسبق ويعلن المسيح لكل المقيدين في الجحيم، وهو السابق والكارز للأحياء والأموات معاً.

من هناك، من أسافل الجحيم كان الأنبياء والأبرار يبتهلون إلى الله بصلوات حارة ومستمرة طالبين الخلاص من الليل القاتم المظلم، الذي لا نهاية له، الحزين الموجع، السائد عليه الشيطان العدو. لقد سمع الله الجزيل التحنن هؤلاء كلهم، ولم يشأ أن يقدّم محبّته فقط إلى البشر الذين كانوا يعيشون معه على الأرض، لكنه بسط على كل المقيدين في الجحيم، الذين ينتظرونه في ظلام الموت وظلاله وقبل أن تذهب إليه. فافتقد الله الكلمة الذين إلى الأرض بجسده المتنفّس الحي وللنفوس التي تركت جسدها على الأرض وأصبحت في الجحيم ظهر بنفسه الإلهية الطاهرة بدون جسد ولكن ليس بدون ألوهيته. نزل بموته إلى الجحيم، إلى الموت، ضدّ الشيطان الطاغية، كما يليق بالله وبالسيّد.

الرب بحضوره الإلهي المشعّ أمام أبواب الجحيم المقفلة، أمام السجون المظلمة القاتمة في قعر مغاور الجحيم، داس بقدمه معقل الجحيم. فانفتحت الأبواب في اللحظة نفسها وتحطمت الأمخال والسلاسل، وسقطت المفاتيح وتزعزعت أساسات السجن. هرعت القوات المعادية إلى الهرب. ويدخل الرب ماسكاً سلاح الصليب الظافر. ناقلاً من كانوا في الجحيم من الموت إلى الحياة، من الفساد إلى عدم الفساد، من الظلمة إلى النور الأبدي، من الوجع إلى الحرّية، من سجن الجحيم إلى أورشليم السماوية، من القيود إلى الراحة، من العبودية إلى نعيم الفردوس، من الأرض إلى السماء.

من أجل هذا مات المسيح وقام. لكي يصيرَ ربَّ الأحياء والأموات (رو9:14). وفُتحت خزائن الخيرات الأبدية. وحضر ملكوت السماوات الذي منذ إنشاء العالم (متى34:25). خيرات لم ترها عين ولا سمعت بها أذن الإنسان (1كو9:2). هذا وما شابه قاله الرب. وللحال نهض آدم المتحد به وحواء معهما. "وقام أيضاً معهم عدد كبير من أجساد الصديقين الذين رقدوا منذ الدهر" (متى52:27)، كارزين بقيامة المسيح ذات الثلاثة الأيام. فلنتقبّلها ونعانقها نحن المؤمنين بكل فرح معيدين وراقصين مع الملائكة ورؤساء الملائكة ممجدين المسيح الذي أقامنا من الفساد الذي يليق به المجد والقوة مع الآب الذي لا يموت والروح المساوي له في الجوهر الصالح والصانع الحياة، إلى دهر الداهرين، آميـن.