رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية «القبلات» التى أذابت عمودين فى مسجد عمرو بن العاص

الجمعة اليتيمة في
الجمعة اليتيمة في جامع عمرو

في عددها الصادر بتاريخ 29 يوليو سنة 1949، وتحت عنوان “الجمعة اليتيمة في جامع عمرو.. حيث تذوب أعمدة الرخام من حرارة القبل!”، نشرت مجلة "المصور" تحقيقا صحفيا بهذا العنوان المثير، والذي يستهله كاتبه بوصف الاستعدادات التي استقبل بها جامع عمرو بن العاص، الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في نفس العام 1949، حيث رفعت الزينات في الجامع يوم الجمعة الماضي، وفرشت أرضه بالأبسطة، ومضى نائب جلالة الملك إليه في موكب رسمي حافل، وهناك أدي فريضة الجمعة.. "الجمعة اليتيمة".

ويمضي الكاتب موضحا تفسير مسمى “الجمعة اليتيمة”، مشيرا إلى أنها: وهي يتيمة لأنها آخر "جمعة" تصلي في شهر رمضان، ولأن ولادة مصر وخديويها وسلاطينها وملوكها، اعتادوا أداءها في مسجد عمرو بن العاص، مرة واحدة في كل عام (مرة يتيمة).

لقد وضع هذا التقليد الجميل منذ سنة 156 هجرية، وضعه مراد بك والي مصر من قبل الخليفة العثماني في أواخر عصر المماليك، ومن يومها إلى الآن يخرج الجالس على عرش مصر أو من ينوب عنه في موكب حافل إلى جامع عمرو بن العاص، وهناك يؤدي صلاة الجمعة اليتيمة.

وجامع عمرو بن العاص، هو أول مسجد أنشئ، في مصر، أقيم منذ 1307 سنوات، ولا يزال باقيا في مكانه إلي الآن، حينما بناه عمرو بن العاص كان صغيرا، وكان سقفه مصنوعا من الجريد محمولا على جذوع النخل، ولم يكن له محراب، ولا مئذنة وكانت أرضه مفروشة بالحصى.

وظل خلفاء عمرو بن العاص يوسعونه ويجددونه ويجملونه، وظل الزمن الطويل يداعبه فيحترق مرة، ويهدمه الزلزال مرارا، ولكن خلفاء مصر وولاتها وحكامها كانوا يجددون شبابه في كل مرة، حتى صار له 13 بابا.

وحينما تولى محمد علي بك الكبير أمر مصر، وجده في حالة يرثى لها، كان بعض أجزائه قد تهدم، وعطلت فيه صلاة الجمعة، فأصلحه، وفتح أبوابه للمصلين، وصلى فيه الجمعة اليتيمة.

ويضيف المقال المعنون بـ “الجمعة اليتيمة في جامع عمرو.. حيث تذوب أعمدة الرخام من حرارة القبل!”، والمنشور بمجلة المصور بتاريخ 29 يوليو سنة 1949: وفي السنوات الأخيرة أصلحت وزارة الأوقاف وإدارة حفظ الآثار العربية بعض أجزائه ولكنه لازال في حاجة إلى إصلاح كثير.

ويمتاز جامع عمرو بن العاص بعشرات الأعمدة الرخامية، تصطف في داخله بنظام كما يصطف الجنود، هذه الأعمدة هي التي تحمل السقف الضخم منذ مئات السنين، لقد حاول الزمن أن يهدم هذا السقف، ولكن إدارة الآثار العربية سارعت إلى تجديده فاستطاعت بذلك أن تصلح ما أفسده الدهر.

حكاية “القبلات” التي أذابت عمودين في مسجد عمرو ابن العاص

ويختتم كاتب المقال بالإشارة إلى حكاية قبلات السيدة نفيسة لعمودين من أعمدة جامع عمرو بن العاص: وفي مسجد عمرو بن العاص "قبلة" يقال إن "السيدة نفيسة كانت تصلي أمامها بجوار عمودين من الرخام، وقد ظل العامة يقبلون العمودين ويلحسونهما حتي أحدثوا فيهما ثغرة ! فاضطرت وزارة الأوقاف إلي إحاطة كل من العمودين بسياج من الحديد.