رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأب اثناسيوس حنين يوضح تفاصيل المديح الذي لا يسجد فيه

اثناسيوس حنين
اثناسيوس حنين

نشر الأب الدكتور اثناسيوس حنين، من كنيسة الروم الأرثوذكس، دراسة له تحت شعار "تأملات صيامية فى المديح الذي لا يسجد فيه"، وقال إن الشئ اللافت في العبادات الرومية هي أنها ليست فقط ترانيم وتسابيح روحية سماوية، بل هى ترتبط بالتاريخ القومى للهيليينية الأرضية وبكيان الأمة، فالأعياد فى اليونان، هى أعياد قومية وتجليات لاهوتية وليتورجية، وحركة مجتمعية.
وأضاف الأب الدكتور اثناسيوس حنين، اليونانى الذى أصر على انتزاع حريته، صار واقعيا. لهذا لا يجب أن لا يتعجل البعض منا فى ادانة الحضارة المسيحية التى صنعها ملوك اتقياء ومات لاجلها جنود أوفياء! على أنها من بقايا هذا العالم الزائل وباطل الاباطيل! تخيلوا لو أن اليونان اليوم مجرد ولاية عثمانية بلا دين، بلا فكر، بلا لاهوت، بلا لغة، بلا هوية، بلا حرية. تخيلوا لو أن سوريا تسقط اليوم، ويسقط معها، كل تاريخ أنطاكية وغناها،  فى أيدى الداعشيين منا ومنهم.

وتابع :"أن المديح الذي لا يجلس فيه يعكس الأنين الروحى والشوق الوطنى لليونانيين الذين وقعوا تحت الاستعباد سياسي وعسكري والحرية لا تتجزأ، هي فى السماء وكذلك على الأرض الحرية ليس فقط من الخطايا، بل من المحتل والذى بذل الغالي والرخيص والنفيس والخسيس، خلال احتلاله اليونان مدة اربعمائة عاما، وما زال في محاولاته،  لكى يمحو  اليونان و اليونانيين  من أرض وذاكرة الأحياء، كانت العذراء شريكتهم فى الجهاد الروحى والتعبير اليونانى يأتيمن لغة الجيوش المحاربة، “يا جندية محاربة”.
واكمل: "من يقرأ التسبيح الذى لا يجلس فيه في نصه اليوناني الأصلى، يجد نفسه أمام تحفة فنية وأيقونة لاهوتية وقصيدة شعرية ومناجاة شعبية، وابداعات لغوية، ومظاهرة كبيرة فى حب الارض والعرض والسماء والأرض، فى سيمفونية، يسيل لها لعاب أساطين الآداب اليونانية والثقافة الكونية، فى العالم، ولكننا لا ننسى أن الارثوذكس العرب قدأابدعوا كثيرا فى نقل المديح الى اللغة العربية.

- تاريخ المديح 


وأردف: "يعود المديح الذى لا يجلس فيه الى عام 626 ميلادية وحينما كانت الامبراطورية البيزنطية فى حروب مع الفرس بقيادة هرقل وتم حصار القنسطينطينية، والتخطيط لاقتحام المدينة وهنا قام البطريرك سرجيوس بتعليق ايقونة العذراء على أسوار المدينة ودعا الشعب للصلاة والصمود والمقاومة واليقظة، وهنا هبت عاصفة كبيرة أغرقت سفن الأعداء! ووقف الشعب يرتل هذه الترتيلة متحدثا باسم المدينة الملكية؛ أى أن المدينة صارت عند الشعب الواع والساجد اسم جامع وفاعل يجمع الشعب، ونسميه فى قواعد اللغة

"أني أنا مدينتك يا والدة الاله، أكتب لك رايات الغلبة، يا جندية محامية، وأقدم لك الشكر كمنقذة من الشدائد. لكن بما انك لك العزة التي لا تحارب، اعتقينى من صنوف الشدائد. حتى أصرخ إليك: افرحي يا عروسا لا عروس لها".

- مصر فى مديح العذراء


مصر وشعبها وأرضها حاضرة حضورا كبيرا ليس فقط فى تاريخ الحضارت بل فى أنين وصلوات العبادات. 
تقول المديحة:
"لما أشرقت نور الحق بمصر، طردت ظلام الباطل"
"أفرحى يا بحرا أغرقت فرعون العقلي"
عبارات بسيطة ولكنها ذات دلالات لاهوتية وثقافية عميقة وانتماءات حضارية.
المسيحية لا تحارب الظلام والظلاميين، بل تنشر نور الحق، ونور الحق هو كفيل بطرد جحافل الظلام وتجار الأباطيل. ليس لاتباع الناصرى مشكلة مع الانسان، كل إنسان، بل مع الظلام الذى يكبل حركة الإنسان ويقتل طاقاته ويعطل ابداعاته ويجهض ولاداته! المسيحيون يدركون أنه وبعد أن صار الله أنسانا بالطبيعة، صار الإنسان المتأله بالنعمة هو الحل، يجب ان لا ننسى ان يسوع جاء الى مصر مع أمه، ولكنه لم يتوقف أن يأتى اليها بالروح فى الصادقين، الساهرين على المرصد يرقبون النور الحقيقى الذى ينير كل انسان، فى مصر. 

نتضرع الى العذراء مريم أم النور أن تنير على بلادنا مصر بدوام نعمة نور الحق، وعلى بلاد اليونان بدوام نعمة الحرية. ومنهما، كما كانتا قديمًا، أن يشرق نور المعرفة  للعالم.