رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نساء داعش.. الدور السري للمرأة في التنظيم الإرهابي وقصة لواء الخنساء

داعش
داعش

سلطت العديد من مسلسلات رمضان دور المرأة في داعش، ومنها مسلسل العائدون، والذي ركز في جوانب منه على دور المرأة في داعش.

وفي هذا التقرير نرصد تطور دور المرأة التنظيمي في الجماعات الإرهابية وكيف بدأ.

في كتابها الصادر حديثا عن دار تويا للنشر والتوزيع تحت عنوان "نساء في مخدع داعش" لفتت الكاتبة الصحفية عبير عبد الستار في فصل عنونته بـ"من الفراش إلى الجهاد"، كيف تطور دور المرأة في داعش من الفراش وحتى التفخيخ والانتحار.

دور المرأة وتطوره في التنظيمات

تقول عبير عبد الستار: إن دور المرأة في الجماعات الإسلامية كان في تناقض حسب المصلحة سواء أكان باجتذابها للعمل في أحزابهم السياسية أو بإرسالها إلى صفوف المقاتلين بداية من جماعة الإخوان المسلمين حتى داعش، فالمصلحة هنا تحكم مكانة المرأة وتحددها، والمتابع لتاريخ الجماعات الجهادية يلاحظ انتهازية كبيرة في استغلال المرأة بداية من الزواج والمصاهرة بين العائلات التي تحمل الفكر نفسه، وزواج الصغيرات، وزواج الأرملة، وتحريم استخدام وسائل منع الحمل إلى أن نصل إلى الكتائب المسلحة النسائية، وبحسب الحاجة إلى المرأة تكون المكانة، ففي الثلاثين عامًا من تاريخ الجماعات الجهادية انتقل دور المرأة من الأدوار التقليدية بأنها زوجة وأم إلى مرحلة جمع الأموال والتبرعات، ثم إلى مرحلة جمع المعلومات، ثم الأدوار غير التقليدية، ومنها الدعاية الإلكترونية والتجنيد، والتدريب والأعمال اللوجستية وأخيرًا تنفيذ العمليات الانتحارية والشرطة النسائية والمشاركة في العمليات المسلحة.

وتنتقل عبد الستار لتشرح كيف أن المراة عانت لفترة من عدم الاهتمام، وكان دورها يمحور في بنى تقليدية  خاصة بالمرأة، تقول: “المرأة القاعديَّة على سبيل المثال حافظت لسنوات طوال على دورها التقليدي، كمساندة وداعمة للتنظيم في أي مكان حول العالم، تكتفي بتربية الأطفال، وصنع جيل جديد من الإرهابيين؛ بينما ظلت القيادة وصناعة القرار في أيدي الإرهابيين الرجال من عناصر وقيادات القاعدة”.

الظواهري يؤكد أنه لا دور للمرأة

ويرجع ذلك لعدم اهتمام مؤسس تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" وخليفته "أيمن الظواهري" بدور المرأة، خاصة أيمن الظواهري الذي قد رفض وأكّد أنّه لا مكان للمرأة داخل التنظيم، خاصة ميدانيًّا، لأنّ لها مهام في الصفوف الخلفية ومهام تقليدية لا غير، وتأكيدًا لهذا الدور خلال هذه الفترة، تحدثت أميمة حسن، زوجة زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، التي أوضحت في رسالتها إلى "الأخوات المسلمات"، عام 2009، أنّ الجهاد "فرض عين على كلّ مسلم ومسلمة، لكنّ طريق القتال ليس سهلاً بالنسبة إلى المرأة، فهو يحتاج إلى محْرم، لأنّ المرأة يجب أن يكون معها محرم في ذهابها وإيابها، وقالت: علينا أن ننصر ديننا بطرق كثيرة، فنضع أنفسنا في خدمة المجاهدين، وما يطلبونه منا ننفذه، سواء إعانة بالمال، أو خدمة لهم، أو إمداد بأي معلومات، أو رأي، فدورنا الأساسي، يتركز على أن نحفظ المجاهدين في أولادهم وبيوتهم وأسرارهم، وأن نعينهم على حسن تربية أبنائهم، وبالتالي انحسر دور المرأة تحت زعامة بن لادن والظواهري في تحديد أدوارها التقليدية إضافة إلى عمل بعض المجلات الإعلامية، ثم حدث تطور في نظرية التنظيم للمرأة على يد "يوسف العييري" مؤسس فرع التنظيم بالسعودية، فقام بإصدار مجموعة من الكتب تدور حول أدوار المرأة، ركز من خلالها على ضرورة إدخال النساء في الأدوار اللوجستية، وأجاز أيضًا قيام المرأة بعمليات استشهادية.

مجلة معسكر البتار

كما أصدرت القاعدة في السعودية أيضًا مجلة إلكترونية باسم "معسكر البتار" صدر منها حوالي 20 عددًا، وكان من ضمن مؤسسيها عبد العزيز المقرن، الزعيم السابق لـ"تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية"، وكانت زاوية "المعسكر النسوي" تتطرق إلى أمور عسكرية تخصّ نساء التنظيم، على سبيل المثال: "الإعداد البدني للجهاد"، والدرس الأول هو تقوية الساعدين لكن دون تقديم أي صور أو تجسيد للتمارين.

كما خصصت المجلة زاوية أخرى لـ"دروس في الإسعافات الأولية" وتطلب من النساء “المجاهدات”، أن يتزودن باستمرار بصندوق لمعدات الإسعافات الأولية، يتضمن إضافة إلى الأدوات المتعارف عليها "عسلاً طبيعيًّا وماء زمزم" للبركة..

وعن تطور دور المرأة تضيف: "دور المرأة طرأت عليه تطورات عديدة عقب الاحتلال الأمريكي للعراق؛ حيث برز الخلاف بين التيارات القاعدية، التي انقسمت إلى تيارين، أحدهما يتسمك بالدور التقليدي للمرأة كأمٍ ومربية للنشء، وهذا التيار امتد بدءًا من أسامة بن لادن وعبد الله عزام، وانتهاءً بأيمن الظواهري، والآخر يُؤمن بتطوير دور المرأة ومشاركتها في الأعمال القتالية، بدءًا من “أبو مصعب الزرقاوي” و“أبو عمر البغدادي” وصولاً إلى “أبو بكر البغدادي”.

أبو مصعب الزرقاوي والمرأة

وتشرح عبد الستار الدور الذي لعبه أبو مصعب الزرقاوي في تطور دور المرأة في التنظيمات، تقول:" لعب "أبو مصعب الزرقاوي" رجل القاعدة في العراق دورًا كبيرًا في النقلة النوعية لدور المرأة؛ حيث عمل على إدماج المرأة في الأعمال القتالية وغير القتالية، متأثرًا -خلال تلك الفترة- بخطاب "سامر سويلم"، القائد السعودي للجهاديين العرب في أفغانستان، الذي دعا إلى مشاركة المرأة في الأعمال القتاليَّة في الشيشان؛ حيث تأثر «الزرقاوي» بهذا الفكر وحرص على تطبيقه في العراق. وأظهر ذلك في أحد خطاباته بقوله: إن لم يكن هناك رجال فعليهم إفساح المجال للنساء الحرائر لشنّ الحروب وعلى الرجال التزام منازلهن، وبدأ يدعو بتمرد المرأة على وضعها، وخاطبها في 2005 قائلاً: "هذه رسالة إلى الحرائر من نساء الرافدين خاصة، وإلى نساء الأمة عامة أين أنتن من هذا الجهاد المبارك؟ وماذا قدمتن لهذه الأمة؟ ألا تتقين الله في أنفسكن؟ أتُربين أولادكن ليذبحوا على موائد الطواغيت؟ أرضيتن بالخنوع والقعود عن هذا الجهاد؟" . 

حققت هذه الخطابات التي دعا فيها «الزرقاوي» المرأة قبولًا كبيرًا لدى العديد من النساء اللاتي تشجعن وشاركن في العمليات القتالية، منهن ساجدة مبارك عطروس الريشاوي من مواليد 1965، وهي عراقية جُندت للقيام بعملية انتحارية في فندق في عمان عام 2005، ولكن ألقي القبض عليها من قبل السلطات الأردنيَّة قبل تفجير حزامها.

أول كتيبة انتحارية

ويأتي أبو عمر البغدادي والذي أسس أول كتيبة انتحارية عام 2008، وكانت أول الكتائب الانتحارية الأنثوية، ونشأت على يد إحدى زوجات زعماء التنظيم وتدعى أم سلمة، تكمل: "ثم جاء "أبو بكر البغدادي" الذي تولى زعامة تنظيم القاعدة في العراق عقب مقتل «أبو عمر البغدادي» الزعيم السابق للتنظيم في عام 2010، الذي حوَّل اسم التنظيم فيما بعد إلى داعش وكان ذلك أثناء ثورات الربيع العربي عام 2011. 

الميليشيات النسائية

وتشرح عبد الستار أن داعش كان أكثر التنظيمات تجنيدا للنساء، وانتقل هنا دور المراة من العمل والطبخ للمشاركة في العلميات التفخيخية الانتحارية: "يعدُّ "داعش" من أكثر التنظيمات الإرهابية المسلحة في تجنيد وإشراك النساء في العمل المسلح كما صنف على أنه من أكثر التنظيمات جذبًا وتجنيدًا للنساء الأجنبيات، وشاركت المرأة داخل التنظيم في أدوار اجتماعية وإدارية ولوجستية كأمهات وزوجات ومعلمات، حتى تدرجت لأدوار وظيفية وقتالية مهمة داخل التنظيم، فبدأت تشارك في التخطيط للعمليات التفجيرية، ومن هنا تم تكوين ميليشيات نسائية خاصة بالتنظيم، وفي يوليو 2014 أعلن تنظيم داعش عن إنشاء أول لواء نسائي خاص باسم كتيبة الخنساء؛ لرفع الوعي بالدين الإسلامي ومعاقبة النساء غير الملتزمين دينيًّا"، وبناءً على ذلك تمثلت وظائف الكتيبة في مجالات الدعوة والتعليم والأمن والشرطة، فقامت على تطبيق الشريعة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة النساء ومتابعتهم، ومحاسبة الخارجات منهن عن تعاليم الإسلام، وانتشرت نساء الكتيبة في الشوارع وقمن بمعاقبة المتبرجات وغير الملتزمات باللباس الشرعي الإسلامي والمقصرات، وواضعي العطور.

الكماشة والجلد آليات المعاقبة

 وعن آليات التعامل مع المراة الخارجة على التنظيم كانت هناك العديد من العقوبات، وتشرحها عبد الستار:" كن يقمن بمعاقبة المرأة الخارجة عن القواعد بشكل سريع عن طريق الجلد أو استخدام الكماشة؛ وهي آلة حادة متعددة الأسنان تشبه فك الإنسان تقوم بالعض، كما قمن بالتجسس على النساء من خلال الاندماج والاختلاط داخل الحشود، ولجأ التنظيم لاستخدام سيدات الكتيبة في العمليات الانتحارية وكان من أشهر نساء الكتيبة "ندى القحطاني" السعودية التي كلفت من قبل أمير التنظيم "أبو بكر البغدادى" بإنشاء فرع من النساء للتنظيم في الحسكة، وأيضًا "إيمان البغا" فقيهة داعش الحاصلة على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، التحقت بالتنظيم وبايعته في أكتوبر 2014، بعد أن تركت التدريس وقدمت استقالتها من جامعة الدمام لتذهب للتنظيم.

إضافة إلى مئات من الفتيات الأوروبيات والعرب مقاتلات وزوجات وأمهات، واندثرت الكتيبة واختفى دورها مع تراجع تنظيم داعش حيث تم القبض على العناصر المهمة فيه ومقتل البعض الآخر واختفاء العديد من العضوات وتحديد إقامة بعضهن داخل المخيمات على حدود العراق وسوريا كمعسكر الهول الذي يضم الآلاف من النساء والأطفال من بقايا التنظيم بعد انهياره والقضاء عليه، وفي أواخر أيام التنظيم وقبل مقتل زعيمه "أبو بكر البغدادي" حاولت النساء إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا داعش إذ استمرت الدكتورة إيمان البغا في إصدار فتاوى القتل وإهدار الدماء، وكانت هي المرأة الوحيدة التي كان لها حق الفتوى بعد "أبو بكر البغدادي" وشفاء النعمة مفتي التنظيم، وقامت المجاهدات بمحاولة بائسة للحفاظ على آخر معقل لهن في سوريا فقمن بتنفيذ هجمات انتحارية ضد قوات سوريا الديموقراطية، خاصة أنه كان هناك صعوبة في القبض عليهن مع تسللهن مع موجات المدنيين الذين فروا من مناطق القتال، كما تقلص عدد مقاتلي التنظيم الإرهابي من 60 ألف مقاتل داعشي إلى بضع آلاف، أثّر على ميزانية التنظيم في تجنيد وإدخال عناصر جديدة.

فضلًا عن أن هناك 35 ألف امرأة موالية للتنظيم أنجبت أطفالاً على الأراضي التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي، ومع قلة أعداد المجاهدين، وتمسك القيادات بالحياة منحت صكوك ومبررات لاستخدام النساء والأطفال لتفجير أنفسهم.

قنابل بشرية

وفي الوقت الذي كان يختبئ فيه عناصر داعش في الأنفاق، دفع التنظيم بالنساء إلى القتال عبر تحويلهن إلى قنابل بشرية، وكان يتم إعداد النساء بالمتفجرات ويرسلن عبر الأنفاق ليفجرن أنفسهن بين وحدات قوات سوريا.

أهم العمليات الانتحارية للمرأة 

ومن العمليات الانتحارية التي تم تنفيذها عملية أطلقت عليها وسائل الإعلام عملية أم كلثوم حيث كان صوت أم كُلثوم يصدح في سماء دير الزور في طريق صحراوي طويل، يردد صوتها "يلا نعيش في عيون الليل ونقول للشمس تعالي تعالي". هذه الكلمات التي ترددت على مسامع مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، من خلال إحدى العربات في طريقها إلى إحدى القرى.

كانت السيارة تقودها فتاة محجبة ومعها أربع فتيات محجبات وعند توقف السيارة في كمين القوات السورية قامت الانتحاريات الخمسة بتفجير أنفسهن داخل الكمين.

لم تكن تلك الحادثة الوحيدة التي قام بها نساء داعش فهناك عدة عمليات انتحارية شهدتها المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم، حتى أطلق على الانتحاريات ظاهرة "الذئاب المنفردة"، والمقصود بها الفتيات اللائي هجرن بلادهن والتحقن بالتنظيم، لتنفيذ عمليات ذات طابع مسلح تطورت فيما بعد إلى انتحارية، في ظل النقص العددي لرجال التنظيم.

لواء الخنساء

وتختتم عبد الستار: "يعدُّ "داعش" من أكثر التنظيمات الإرهابية المسلحة في تجنيد وإشراك النساء في العمل المسلح كما صنف على أنه من أكثر التنظيمات جذبًا وتجنيدًا للنساء الأجنبيات، وشاركت المرأة داخل التنظيم في أدوار اجتماعية وإدارية ولوجستية كأمهات وزوجات ومعلمات، حتى تدرجت لأدوار وظيفية وقتالية مهمة داخل التنظيم، فبدأت تشارك في التخطيط للعمليات التفجيرية، ومن هنا تم تكوين ميليشيات نسائية خاصة بالتنظيم، وفي يوليو 2014 أعلن تنظيم داعش عن إنشاء أول لواء نسائي خاص باسم كتيبة الخنساء؛ لرفع الوعي بالدين الإسلامي ومعاقبة النساء غير الملتزمين دينيًّا"، وبناءً على ذلك تمثلت وظائف الكتيبة في مجالات الدعوة والتعليم والأمن والشرطة، فقامت على تطبيق الشريعة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة النساء ومتابعتهم، ومحاسبة الخارجات منهن عن تعاليم الإسلام، وانتشرت نساء الكتيبة في الشوارع وقمن بمعاقبة المتبرجات وغير الملتزمات باللباس الشرعي الإسلامي والمقصرات، وواضعي العطور.

 وكن يقمن بمعاقبة المرأة الخارجة عن القواعد بشكل سريع عن طريق الجلد أو استخدام الكماشة، وهي آلة حادة متعددة الأسنان تشبه فك الإنسان تقوم بالعض، كما قمن بالتجسس على النساء من خلال الاندماج والاختلاط داخل الحشود، ولجأ التنظيم لاستخدام سيدات الكتيبة في العمليات الانتحارية وكان من أشهر نساء الكتيبة “ندى القحطاني”، السعودية التي كلفت من قبل أمير التنظيم “أبو بكر البغدادي” بإنشاء فرع من النساء للتنظيم في الحسكة، وأيضًا “إيمان البغا” فقيهة داعش الحاصلة على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، التحقت بالتنظيم وبايعته في أكتوبر 2014، بعد أن تركت التدريس وقدمت استقالتها من جامعة الدمام لتذهب للتنظيم.