رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وجوه رمضان «8»

أمينة خليل فنانة كبيرة.. تضع بصمتها الخاصة على الدور مهما كانت الشخصية على الورق.. فى مسلسل العائدون هذا العام وضعت بصمتها رغم أن قماشة الشخصية ضيقة دراميًا.. قدمت نموذجًا واقعيًا لخبيرة متفوقة علميًا تنضم للمخابرات لتقدم خبرتها لخدمة بلدها.. نموذج موجود وله أساس فى الواقع، حيث توجه الدعوة للأوائل والنابغين للانضمام لمؤسسات الدولة المختلفة إذا كان هذا يلبى طموحاتهم.. تدرجت أمينة فى أدائها من الجمود والترقب وعدم الاندماج فى الحلقات الأولى إلى الاندماج والتفاعل والتورط العاطفى والشعورى مع تقدم الأحداث.. وعلى الهامش كان هناك الخط الخاص بعلاقتها بوالدها المريض والصراع الذى نقع فيه جميعًا بين السعى فى دروب الحياة والتزاماتنا تجاه من نحب.. أعتقد أن وجود أمينة فى العائدون هذا العام إنجاز فنى مهم، وأن السيناريو يجب أن يتسع فى العام القادم لمزيد من إلقاء الضوء على هذا النوع من العاملات فى المؤسسات الوطنية المختلفة.. وربما تكون أمينة بطلة لحلقات خاصة عن هذا الطراز من السيدات المصريات.. من يدرى؟

الفنانة الشابة سلمى أبوضيف لفتت نظر الكثيرين هذا العام.. تألقت بحضور قوى فى مسلسل «راجعين يا هوى» فى دور فتاة متمردة على ميراث عائلتها فى الكراهية والصراع من أجل المادة ومنحازة لوجهة نظر عمها العائد من الغربة والرافض للماديات.. قدمت دور الفتاة المتمردة بخفة ظل وواقعية.. هناك خط آخر يتمثل فى إعجابها بابن عمها وسليل الفرع المعادى فى العائلة.. علاقة مستوحاة من قصة حب روميو وجوليت لكن كلاهما قدمها بخفة ظل وإيقاع عصرى وقدرة كبيرة على التمثيل الواقعى.. بالصدفة شاهدت لها مشهدًا فى مسلسل الاختيار تؤدى فيه دور زوجة إرهابى تتورط معه فى الخلية التى يقودها.. لفت نظرى نطقها السليم للآيات القرآنية وقدرتها على التعبير بعينيها وإيصال المعنى.. القدرة على التمثيل تزيد كلما زادت ثقافة الفنان واحتكاكه بالفنون المختلفة، وأظن أن سلمى أبوضيف من هذا النوع من الفنانات المثقفات وأنه ينتظرها مستقبل كبير.

الفنان إسماعيل فرغلى فنان كوميدى جميل.. موهبة مصرية أنضجتها الأيام.. أظن أنه يمارس التمثيل بمنطق الهواية ويستمتع بما يفعله.. شاهدناه منذ سنوات طويلة يشارك الراحل حسين الإمام فى برامج الكاميرا الخفية.. كان يثير ضحكات حقيقية ولا يفتعل فيما يفعل.. غاب بعض الوقت وعاد هذا العام فى مسلسل «مكتوب على».. يؤدى دور أب مصرى «زلنطحى» لا يعجبه ما يفعله ابنه ودائم الانتقاد له.. يمارس الكوميديا بمنطق مختلف والدور مكتوب بعمق لأنه يحمل العديد من ملامح الأب المصرى العادى فى الطبقة الوسطى.. تألق إسماعيل فرغلى المتأخر تألق مستحق.. وهو رسالة تأكيد تقول للجميع إن كل شىء بميعاد. 

الموسم الدرامى الحالى يتسم بالاحترافية بشكل عام.. نسبة الممثلين الذين تشعر بأنهم ليسوا فى مكانهم بسيطة للغاية، وربما تكاد تختفى فى معظم المسلسلات.. هناك تطور واضح فى عناصر التمثيل والإخراج والموسيقى وإن كان التأليف يبدو مظلومًا عند المقارنة بالماضى بكل تأكيد.. لو قارنت كل العناصر بالماضى ستجد أنها تطورت تطورًا كبيرًا.. الصورة والمونتاج والجرافيكس والإخراج كلها انتقلت سنوات ضوئية.. فى هذا العام أكد مخرجون كبار تميزهم ورسوخ أقدامهم.. منهم بكل تأكيد حسين المنباوى وأحمد جلال ومحمد أسامة وبيتر ميمى.. وكل هؤلاء من أبناء جيل ٢٠١٠ أو مواليد الثمانينيات فى الفن المصرى.. ربما هناك فرصة للرهان على مزيد من الوجوه الواعدة ومنحها الفرصة فى الموسم الدرامى القادم إلى جانب هؤلاء.. أتمنى أن أرى أعمالًا للمخضرم تامر محسن ولكريم الشناوى وللكبيرة كاملة أبوذكرى فى رمضان القادم الذى صار موسمًا للمتعة والمعرفة والوعى أيضًا.