رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكتابة والعاصمة العالمية للكتاب 2022

يحتفل العالم كل عام فى 23 أبريل , باليوم العالمى للكتاب , وحقوق الملكية والتأليف والنشر . كل عام يتم اختيار مدينة , لتكون العاصمة العالمية الكتاب فىى هذا العام اختارت منظمة اليونيسكو مدينة جوادالاخارا فى المكسيك .

23 أبريل ، اليوم العالمى للكتاب ، لابد أن يكون له مكانة خاصة عندى باعتبارى كاتبة وشاعرة , حياتى هى الكتابة والكتب . هذا يوم ، له دلال على قلبى . فأنا أعيش وأحلم وأفرح وأنزف وأموت ، بين ضفتى الكتاب ، وعلى الأوراق ، وبين السطور , وفوق الصفحات . وميراثى أرصدة من المؤلفات ، 14 كتابا ، ما بين الشِعر ، والقصة القصيرة ، والمقالات .

والكتاب ال 15 ، يصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ,  فى معرض القاهرة الدولى يناير 2023 , وهو ديوان شعر باللغة الفصحى بعنوان " الى أمى نوال ". حياتى ، أرفف وأدراج من كلمات فى كلمات . أصحو على فنجان قهوة من القصائد " المحوجة " ، بالمستكة ، والخيال ، والحبهان . أنام ، على وسادة من كلمات ، تدفئنى ، تعزينى ، تحكى قصص أقلام ، فضلت النوم فى العراء ، عن النوم فى فراش واحد ، مع الكذب ، والطاعة ، والقهر .

ما أجمل أن تكون «الكلمات» قَدَرى.. وطرقات اللغة بيتى.. ما ألذ أن أقضى العُمر، فى اصطياد «الكلمات»، لا العرسان.. وأن أجلس بالساعات أمام الصفحات البيضاء لأكحلها بالحبر الأسود لا أمام المرآة أتجمل وأتعطر وأتزوق وأزيل الشَعر لارضاء «رجل» أو إسعاد «زوج» أو التنافس المضحك الذى تمخض عنه فكر الذكور فيتكرم القدر ويمنحنى لقب ملكة العرب أو ملكة جمال كوكب الأرض، وتنهال علىّ عقود التمثيل فى السينما وعروض الأزياء وتقديم برامج ساخنة فى الفضائيات، وعمل إعلانات الصابون والزيوت فى التليفزيونات والسفر درجة أولى ومجانًا لكل العالم.

ما أحلى أن أقوم بتفصيل «الكلمات» على مقاسى وذوقى ومواسم عواطفى وفصول أمزجتى «يرتديها الكون» يصبح أكثر بريقًا ويرسل امتنانه بإلهامى المزيد من «باترونات» الأبجدية، والوعد أن يمدنى أبدًا بجميع «أقشمة» اللغة، لا أن أقوم بتفصيل ملابس لأطفال لا يحملون إلا اسم الأب غير المؤكد , ويلقون باسم الأم المؤكدة فى سلة النفايات والفضلات والسخرية والاتهام .

ما أمتع اللحظات التى تأخذنى إلى «كلمات» تعرى الكذب.. تكشف الأوصياء على عقول النساء المستأجرين أجساد النساء أبد الدهر، لإطفاء شهوات مكبوتة، حيث إن الكبت من الثوابت التى ترسم هويتنا ومن الوفاء والواجب والأخلاق القويمة والرجولة الحرص على استمرارها وترميمها وتبريرها، لتظل راسخة تميز مجتمعاتنا ذات الفضيلة المحورة من كفار الأرض جميعًا.. فضيلة متآمر عليها من البلاد المنحلة لكى تفسد وتتدهور أخلاقنا فنصبح منحلين مثلهم.

كم أنا سعيدة الحظ، لأن الكتابة اختارتنى لأن أكتبها وأفعلها وأمجدها وأشتهيها وأعيش معها وأهب لها نفسى وحياتى. لا أتقن شيئًا مثل خلط مقادير ومكونات اللغة، لأصنع أشهى فطائر الحوار والجدل والتأييد والصدام والدهشة. كل شىء حولنا فى الحياة، «كلمة».. هى البدء وهى المنتهى. «الكلمة»، من أجلها تصنع الأوراق والأقلام وتؤسس الصحف وتنشأ المكتبات والمعارض.

لسنا فى حاجة الى يوم عالمى للكتاب , لندرك عظمة ومجد الكتب التى تغير, وتصدم , وتؤرق المضاجع , وترسم طرقا للحياة لم تكن فى خيال البشر . لكن لا بأس طبعا , من وجود احتفال عالمى بالكتاب , ينبهنا الى أننا فى حاجة مستمرة لأن نعطى الكتابة حقها ، وأن نعى أهمية أصحاب القلم ، وقافلة الكاتبات والكتاب .

الكتاب، حتى لو كان مجلدًا من ألف صفحة أو موسوعة ضخمة، هو فى النهاية يقول «كلمة».. فى النهاية يرسل لنا، عبر آلاف السطور، «كلمة» واحدة. كثير من الناس، يقرأون جيدًا، الألف صفحة، أو المائة صفحة من الكتاب، يحفظونه من الغلاف إلى الغلاف، ومع ذلك عجزوا عن التقاط «الكلمة» التى من أجلها قام المؤلف أو المؤلفة بجهد كتابة الألف أو المائة صفحة وأى كاتب، أى كاتبة، رغم كثرة مؤلفاته، يختصر فى كلمة واحدة .

والكلمة ، أساس " اللغة " . واللغة مكون أساسى ، ثقافى وحضارى ، وهى كائن حى ، متجدد ، متجدد ، وليست تركة جامدة موروثة . كلمة تسمعها الطفلة ، فتصبح حين تكبر ،مثل ريا وسكينة ، أو مثل مى زيادة ، ومارى كورى .

كلمة يسمعها الطفل ، يكبر ، مثل جبران خليل جبران ، وألبرت اينشتين ، وتشى جيفارا ، أو يصبح مثل جنود وزعماءالتنظيمات الدينية المسلحة بسفك الدماء ، وأستاذ الاجرام والنازية هتلر ، وقاتل متسلسل يجوب الطرقات ليلا ، للذبح والتمثيل بجثث الضحايا .

والكلمات مثل البشر، مثلما هناك «كلمة» مضيئة.. تنير الدروب.. متوهجة بالتجديد، مولعة بالتغير، صادقة من القلب، مهمومة بالتنوير، مؤرقة بالعدل، باحثة عن الحرية.. شجاعة.. تحفظ كرامتها.. تصون كبرياءها، تضع تفردها، غايتها الجوهر لا الشكل، لديهـا صلابة.. ممتلئة بالإرادة.. ساحرة الإلهامات، مرحة الحروف.. هناك أيضًا المرأة أو الرجل الذى يتمتع بهذه الصفات والعكس صحيح. فمثلما هناك «كلمة» معتمة تظلم الطرق، أطفأها النظر إلى الماضى.. حريصة على الجمود.. منبعها الفم لا القلب.. تشتغل على التعتيم.. ترادف الظلم، هناك البشر «المعتمون»، «جامدون»، «منطفئون». وبكل أسف، فإن هؤلاء «المعتمين والجامدين والمنطفئين»، هم الذين يتصدرون دائمًا المشهد الثقافى والإعلامى والفنى، ويقاتلون لفرض «عتمتهم وجمودهم وانطفائهم»، على حركة الحياة نحو التقدم والعدل والحرية.

ثورات التاريخ ، من أجل الحرية والعدل ، فجرتها وألهمتها مؤلفات المفكرين والأدباء ، والفلاسفة ، والعلماء ، والشعراء ، من النساء والرجال . اكتشاف الكتابة ، منذ ألاف السنوات ،  " ثورة " ، نقلت البشر ، من حضارة " الصمت " ، والاشارات " الجسدية " ، و " الرقص " ، الى حضارة جديدة , حضارة " التواصل " المنطوق ، والمكتوب ، بأبجديات مختلفة.

ولا ننسى الألمانى ، يوهان جوتنبرج ، 1398 – 1468 ، الذى اخترع ألة الطباعة . وبهذا أمكن طباعة ، ملايين الكتب ، ومئات الصحف ، والجرائد ، على الورق . وكان هذا الاختراع هكذا أعتقد , ثورة حقيقية فى جميع المجالات , وهو الذى أتاح كل التقدم الذى نشهده منذ القرن 15 وحتى الآن . اختيرت مدينة " جوادالاخارا" فى المكسيك هذا العام , لتكون العاصمة العالمية فى يوم الكتاب العالمى ، 2022، لاهتمامها ، بنشر الكتاب ، واحياء حركة الترجمة ، وحماية حقوق التأليف ، والملكية الفكرية . هل نحن على هذا الطريق النبيل فى معناه , وغاياته ؟؟.

من بستان قصائدى.. الأعياد بعد أمى
**********

اقترب عيد من الأعياد.. أى عيد يدخل صدرى
و" هى " بعيدة.. شم  للسموم
والبارود.. رائحة الدم
والعبث العنيد.. اليوم عيد من الأعياد
ولكننى بعد اختفائها عن زمانى.. لم يعد بامكانى
بعد منْ كانت توأم الروح والجسد.. أن أشم الا هواء الفراق
الأعياد بعدها  عبث وضجر وكمالة عدد.. لا تعرف شهقات الفرح
لا تسد خانات الاشتياق.. اقترب عيد من الأعياد
صخب وأكلات وتهانى وألعاب وضحكات.. المشاهد نفسها منذ آلاف السنوات
كأنما لا شئ جديد نبدعه.. حتى فى الأفراح والأعياد والمناسبات
اقترب عيد من الأعياد.. أترك الناس فى دنياهم المبرمجة اللاهية
وأجلس وحدى فى هدوء وشجن.. أتأمل كيف أصبحت حياتى
وكيف استغفلنى مرور  الزمن.. لماذا لا أستطيع الذوبان فى القطيع ؟
لماذا لا أستطيع الاحتفال ؟؟.. لماذا لا أستطيع عبور السد المنيع ؟
لماذا لا أرى الا التهديد والترويع ؟.. اقترب عيد من الأعياد
عيد الكحك أو عيد شم النسيم.. أو عيد الربيع
فأنا لا أشعر الا باعتكافى.. وغربتى عن الجميع
مالى أنا ومال الأعياد.. وكأن الذى يحول بينى وبين السعادة
كأن الذى يحجب عنى الهناء والنعيم.. هو مجرد  عيد من الأعياد
وليس غيابها الضارب قلبى فى الصميم.. اليوم عيد من الأعياد
ليذهب بدونها   سريعا ... بعيدا ...الى منتهاه والى الجحيم
اليوم عيد من الأعياد.. كيف يجرؤ على المجئ
يستهلك الملامح.. يكرر المنوال
كيف ؟؟.. وهى ليست معى
تلك السمراء الفاتنة.. الشجاعة المبدعة
الرقيقة الحانية.. أمى " نوال "