رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المؤلِفون فى الأرض.. عبدالمالك وسرحان ودويدار نموذجًا «1»

من ضمن كرم ربنا علينا فى مصر أن قوتنا الناعمة مثل المادة، لا تفنى ولا تُستحدث من العدم، ومع رحيل قاماتنا الكبرى يبدأ سؤال بديهى حول البديل، سرعان ما تكون الاجابة بأن البلد ولادة.

برحيل أسامة أنور عكاشة فقدت الدراما العربية عميدها، لكنها الأيام أثبتت أن العميد عنده من التلاميذ مَن يملأ الفراغ ويقود الراية، ميزة مصر أن قماشة المبدعين واسعة، هى أشبه بشجرة وارفة الظلال مليئة بثمار، كل ثمرة منها موهبة هى «نفحة» من الله تعالى، مواهب بحجم عبدالرحيم كمال ومحمد هشام عبية ومحمد سليمان عبدالمالك وغيرهم.

كل من تصدى إلى عالم أسامة أنور عكاشة أخذته النداهة، وكل من حاول إكمال مشروع له أو إعادة تقديمه راح ضحية التفاصيل، عن نفسى كنت أشفق على محمد سليمان عبدالمالك، رغم إيمانى بموهبته، كل أعماله السابقة كانت تشفع له، لكن عالم أسامة شديد الخصوصية، شاهدنا الجزء السادس من ليالى الحلمية الذى كان يصلح لكى يقدمه أشرف عبدالباقى كإسكتش ضمن مسرح مصر، يترك فيه العنان لعلى ربيع وأس أس وصحبتهم يعملوا من سطرين حدوتة، لكن مع محمد سليمان عبدالمالك الأمر مختلف، أنت أمام تجربة شديدة الخصوصية، عبدالمالك تعامل بحرفية فكانت النتيجة نصًا دراميًا شديد النعومة.. شخصيات من لحم ودم.. تشعر معها بمحبة صادقة وأنت تسمع أصواتهم وتشاهدهم على الشاشة.

بعيدًا عن أداء الممثلين فالنص المكتوب يؤكد أن لدينا مؤلفًا كبيرًا.. التفاصيل الصغيرة لكل شخصية، شخصية وفاء عامر مثلًا والجمل التى تقولها بعفوية بكل المفردات الشعبية، التفاصيل الموجودة فى المسلسل تؤكد أن عبدالمالك لديه ملف ضخم لكل شخصياته، ولديه قدرة على خلق عالم متكامل من كل هذه التفاصيل.

ثانى المؤلفين هو باهر دويدار، الذى يشارك هذا العام بمسلسل العائدون، والذى يحكى تفاصيل جديدة تمتلئ بكم كبير من المعلومات عن الدواعش الذين من المفترض أن يعودوا إلى بلادهم للانخراط وسط الناس ثم تنفيذ التكليفات التى تصل إليهم. 

كم المعلومات الموجودة فى المسلسل كفيل بأن يصيب كاتبه بالقلق، لكن باهر مؤلف يجيد الإمساك بأدواته ولديه القدرة على غزل الحكايات وملء الحلقة بتفاصيل مشوقة. 

ثالث المؤلفين هو هانى سرحان الذى يقدم نفسه هذا العام باعتباره مؤلفًا من العيار الثقيل، يتعامل مع عشرات الشخصيات فى «الاختيار»، داخل المسلسل كل شخصية لديها تفاصيلها وتاريخها وحكايتها، ولديها درجة ما من التأثير على الأحداث، فى المسلسل شخصيات رئيسية وشخصيات ثانوية، لا تشعر فى أى مشهد منه بأن هناك شخصية طغت على أخرى.. بالعكس أنت هنا أمام تدافع لا يتوقف للأحداث وربط ما هو مسجل بالأحداث وبالتمثيل.

دراما رمضان أثبتت أن لدينا مخزونًا لا ينضب من المبدعين.. نكمل غدًا.