رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«المتعة الغائبة».. حكايات النجوم مع الفوازير من «الجوابات» إلى «الريجيم»

حكايات النجوم مع
حكايات النجوم مع الفوازير

بدأت الفوازير فى أوائل الستينيات، عبر أثير الإذاعة عن طريق السيدة آمال فهمى لتسلية الصائمين خلال تناولهم الإفطار، وصاحبها فى بداية الخطوة الشاعر بيرم التونسى، وانتقلت من الإذاعة لشاشة التليفزيون وقدمها فنانون، تميز بعضهم فيها وأخفق آخرون. 

كانت الإذاعية الشهيرة آمال فهمى وحدها فى ملعب الفوازير قبل أن تصبح الفوازير مادة أساسية، وظل الشاعر بيرم التونسى يكتبها لمدة أكثر من خمس سنوات، واستمرت لأكثر من خمسين عامًا. 

وحكت الإذاعية آمال فهمى عن ذكرياتها مع فوازير رمضان، موضحة أنها فكرت فى تقديم فوازير تجمع الأسرة من خلال الإذاعة خلال الإفطار. وقالت، فى حوار لمجلة "سيدتى" فى رمضان ١٩٩٨، إنها بدأت الفوازير مع الشاعر بيرم التونسى الذى قال لها: "على فكرة أم كلثوم متعرفش تغير كلمة من كلامى، أما آمال فهمى فقد سمحت لها بتغيير بعض كلمات الفوازير". 

وروت إسعاد يونس فى كتابها "زى ما بقولك كده- الجزء الثانى" أن الإذاعة المصرية وصلها فى إحدى السنوات مليون جواب من الجمهور، لحل فوازير رمضان، وكتبت: "آه والله زى ما بقولكوا كده، مليون جواب فى الستينيات، تخيلوا، الموضوع اللى خلى رئيس هيئة البريد يشتكى لرئيس الوزرا منها، لأنها تسببت فى ضغط رهيب على المصلحة".

"ثلاثى أضواء المسرح" يقدمون الاسكتشات.. وأزمة مع رئيس الوزراء

قدم ثلاثى أضواء المسرح الاسكتشات الكوميدية الخفيفة التى تعتمد على البساطة والتلقائية، فى شهر رمضان عام ١٩٦٢، حيث تعاون الفنانون سمير غانم والضيف أحمد وجورج سيدهم مع المؤلف حسين السيد، وقدموا فوازير تتسم بالبساطة وتعتمد على الاستعراضات الفنية والمعلومات العامة.

وفى عام ١٩٧٢، اعتمدت فوازير رمضان التى قدمها ثلاثى أضواء المسرح على حكايات ألف ليلة وليلة، حيث لعب الفنان سمير غانم دور "شهريار"، وجسد جورج سيدهم شخصية "شهر زاد".

وفى عام ١٩٧٦ قضت محكمة جنوب القاهرة على الفنان جورج سيدهم وسمير غانم بغرامة ألفى جنيه على سبيل التعويض لأنهما سخرا من شخصية رئيس الوزراء الأسبق حسين رشدى. بدأت الواقعة بتحرك قضائى قاده غالب حسين رشدى، ضد الفنانين يطالبهما فيه بدفع تعويض قدره خمسة وعشرون ألف جنيه، بعد أن سخرا من والده الراحل فى إحدى الحلقات وقدما مشهدًا له يجمعه بالمطربة منيرة المهدية فى عوامته الخاصة، حيث لعب جورج سيدهم دور حسين رشدى، بينما قلد سمير غانم شخصية المطربة الشهيرة، وتخلل المشهد حركات وغزل اعتبرها الابن إهانة تمس بكرامة وسمعة والده.

وتوقف جورج وسمير عن تقديم فوازير رمضان بعد فترة من موت الفنان الضيف أحمد، لأنه حسبما صرح جورج انتهت جميع الأفكار.

شيريهان تُبهر الجميع.. ومراسلو الوكالات العالمية يحضرون العروض

قدمت الفنانة شيريهان فوازير "عروس البحر" عام ١٩٨٥ وتوالت تقديم الفوازير لسنوات، وفى عام ١٩٩٢ بعدما أنهت فوازير "حاجات ومحتاجات" بدأت فى تحضير فوازير عام ١٩٩٣ كما طُلب منها لكن حدث خلاف بسبب ضيق الوقت فاعتذرت.

وقالت فى حوارها لجريدة "الأهرام" ١٩٩٨: "طلبوا منى العمل قبل شهرين فقط من رمضان وهذا لا يناسبنى، وفى العام التالى حدثت نفس المشكلة، وفى عام ١٩٩٦ لم يتواصل معى أى مسئول من التليفزيون المصرى، ثم فى عام ١٩٩٧ وبعد إنجابى ابنتى طلب منى الشيخ صالح كامل تقديم فوازير لإيه آر تى، ولكن أجلنا العمل لأن الفكرة تحتاج لوقت كبير لتخرج فى أفضل شكل".

وكشفت المخرجة شويكار خليفة، التى سبق لها العمل مساعد مخرج للراحل فهمى عبدالحميد، مخرج فوازير ألف ليلة وليلة، عن كواليس تصوير العمل، فى حوارها المنشور فى كتاب "نجوم ماسبيرو" للكاتبة سها سعيد.

وقالت إن أعضاء فريق العمل لم يكن بإمكانهم الإفطار مع عائلاتهم بسبب ضغط العمل، وكان التليفزيون يصرف ٢٥ قرشًا لكل فرد مقابل وجبة الإفطار، وأنهم اتفقوا على جمع المبلغ وتكليف أحد الزملاء بتجهيز طعام الإفطار فى منزله وإحضاره لمبنى التليفزيون ليتسنى لهم الإفطار ومواصلة العمل.

وأضافت أن "المخرج فهمى عبدالحميد هو صاحب فكرة فوازير ألف ليلة وليلة وأنه عرض على الشاعر طاهر أبوفاشا، الذى سبق أن قدمها للإذاعة، تحويلها إلى استعراضات يمكن عرضها على التليفزيون".

وواصلت: "وافق الشاعر وحصل عبدالحميد على إذن من الإذاعة وأعاد كتابة بعض الحلقات لوجود بعض المشاهد والجمل فى النص المكتوب للإذاعة يمكن الاستغناء عنها عند تصوير المشاهد للتليفزيون".

وتابعت: "بدأنا فى تجهيز الديكور والملابس، وكنت وقتها مساعدة مخرج، واستعنت بخبرة بعض العاملات فى اختيار الإكسسوارات والأزياء، وكن متعاونات جدًا لدرجة أنهن قدمن إكسسواراتهن الشخصية لتصوير بعض المشاهد، وعملنا الحدوتة بداية من شهريار وشهرزاد بالكارتون، وأخذت مجهودًا كبيرًا، وكان وراءها جيش من العاملين، ومعظمهم من السيدات".

وعن حلقات "ألف ليلة وليلة" التى ظهرت فيها شيريهان بشخصية عروس البحر، قالت: "وضعنا براميل مياه فى الاستديو، وقبلها صورنا مشهدًا حقيقيًا للبحر بحيث نمزج بين الصورتين بالخدع، لتظهر الصورة فى النهاية كأنها نزلت البحر بالفعل، فإذا حدث أى خطأ واضطررنا لإعادة المشهد مرة أخرى، فإننا ننتظر شيريهان حتى يجف شعرها، وحين تنزل الحوض تفيض المياه، وبعد التصوير يقف رجال بالخراطيم لتعويض ما نقص من المياه فى الحوض".

وذكرت أنه بعد بدء تصوير فوازير "ألف ليلة وليلة" كان مراسلو وكالات الأنباء العالمية مثل الألمانية واليابانية يحرصون على الحضور للاستديو لتغطية افتتاح التصوير، مضيفة: "وقتها كان أمرًا عاديًا بالنسبة لنا، لكنى اكتشفت بعد ذلك أنه لم يكن كذلك".

وتابعت: "وصلت الفوازير التى أخرجها فهمى عبدالحميد للعالم، ليس كرسوم متحركة فقط، لكن كشخصيات من لحم ودم".

وعن الفوارق بين الفنانتين نيللى وشيريهان، باعتبارهما من أفضل وأشهر من قدم الفوازير، لفتت إلى أن شيريهان شرقية للغاية وراقصة واستعراضية من الدرجة الأولى، أما نيللى، فقالت عنها: "كانت تفاجئنا بأشياء كثيرة من الشكل الغربى لكن المضمون شرقى، ومن الناحية الفنية الاثنتان كانتا مميزتين جدًا".

وحكى المخرج محمد عبدالنبى، عن ذكرياته من كواليس تصوير فوازير "عجائب صندوق الدنيا" مع الفنانة نيللى، وقال إنه فى حلقة فزورة مسلسل "رأفت الهجان" كان يوجد مشهد غنائى يجمع بين نيللى وصبرى عبدالمنعم فى مطعم، وخلال الغناء تجلس نيللى على ترابيزة عليها شموع مشتعلة، وبسبب سوء تقدير من نيللى لحركتها نشبت النار فى شعرها وبدأ يحترق بالفعل، وحاول صبرى عبدالمنعم إنقاذها وإطفاء النار، وأنا واصلت التصوير ورفضت التوقف.

وسرد موقفًا آخر مع نيللى حين سقطت فى الاستديو وأصيبت فى قدميها خلال فوازير "أم العريف"، أثناء مشهد دهان الحائط، حين اقترح مهندس الديكور حسام مصطفى الاستعانة بجردل دهانات حقيقية دون تخفيفها بالمياه، وأثناء تأدية المشهد والرقص اصطدمت قدم نيللى بالجردل وغرق فستانها فى الطلاء، وكانت نيللى اشترته بألفى جنيه عام ١٩٩٢، وهو مبلغ كبير وقتها.

وذكر "عبدالنبى"، حسب حواره المنشور فى كتاب "نجوم ماسبيرو يتحدثون"، أنه كان هناك مشروع تعاون بينه وبين الفنانة شيريهان بعنوان "ستات ستات"، وبعدما عقدا جلسات عمل بحضور ممدوح الليثى، رئيس قطاع الإنتاج، اعتذرت عنه، لأنها اتفقت على مسرحية فى التوقيت نفسه، وقررت التركيز فيها.

الفخرانى يتعلم الرقص والغناء ويبدأ "التخسيس"

فى عام ١٩٨٨، أقام الفنان يحيى الفخرانى بصفة دائمة فى "استديو ٢" بالتليفزيون المصرى لتصوير حلقات فوازير رمضان مع هالة فؤاد وصابرين ومجموعة كبيرة من النجوم بقيادة المخرج فهمى عبدالحميد.

وكشف "الفخرانى" عن تفاصيل التجربة فى حوار صحفى عام ١٩٨٨، وقال إنها كانت مفاجأة بالنسبة له أن يختاره المخرج فهمى عبدالحميد لبطولة الفوازير، خاصة أنه لا يغنى ولا يرقص.

وأضاف: "لم أقدم من قبل أعمالًا مشابهة للفوازير، لذلك شعرت بالخوف ولكن بعد تصوير الحلقات الأربع الأولى من العمل بدأت أشعر بالارتياح، لأننى وجدت أن العمل أساسًا كوميديًا، وبه مواقف فيها أداء غنائى وموسيقى، وكل حلقة لها موضوع قائم بذاته، فوافقت على استكمال العمل مهما كانت النتائج".

وتابع: "رفضت نصيحة أصدقائى وتخويفهم لى من تقديم الفوازير لما فيها من صعوبات مثل الرقص والغناء، ولكنى قررت تحديهم وتحدى نفسى وخوض التجربة، لأن نفس هؤلاء سبق أن نصحونى برفض فيلمى إعدام ميت، والغيرة القاتلة".

تعلم «الفخرانى» الرقص والغناء ليقدم فوازير رمضان، ودخل فى "ريجيم" قاسٍ، لإنقاص وزنه بشكل ملحوظ، واستعان بمصمم الاستعراضات ومدرب الرقص الشهير حسن عفيفى.

وقال: "بالنسبة للغناء فأنا لست مطربًا لكننى أؤدى من خلال ما أتمتع به من أذن موسيقية، وأحرص على الالتزام بطبقة غناء تناسب إمكانات صوتى، إضافة إلى أن الشاعر الغنائى عبدالسلام أمين، الذى كتب أغانى الاستعراضات كان حريصًا على أن يختار كلمات سهلة يمكن أن أغنيها دون الحاجة للموسيقى لو لزم الأمر".

راقصة الباليه نادين والنجم وائل نور ينافسان بـ"جيران الهنا"

فى التسعينيات ظهرت نجمة جديدة فى عالم تقديم الفوازير الرمضانية، هى راقصة الباليه نادين، التى قدمت بطولة فوازير "جيران الهنا" مع الفنان الراحل وائل نور، وكانت تُعرض على القناة الثانية بالتليفزيون، من إخراج عمرو عابدين.

وفى عام ١٩٩٩ بدأ عرضها على القناة الأولى، بعد أن كلف المخرج يحيى العلمى، رئيس قطاع الإنتاج، الشاعر الغنائى بخيت بيومى بكتابة مجموعة من الأفكار للفوازير من بطولة نادين.

وسبق للشاعر بخيت بيومى أن كتب حلقات "نجاتى المسحراتى" بطولة سيد زيان وإخراج مجدى القماطى، لقطاع الإنتاج، كما كتب فوازير "الظواهر الطبيعية" التى قدمتها آمال فهمى على شبكة البرنامج العام.

وبعدما قدمت نادين الفوازير عام ١٩٩٩، عبرت عن سعادتها بظهورها على الشاشة وأن تصبح بطلة فوازير رمضان، وقالت، فى حوار لجريدة "الأحرار" ١٩٩٩، إنها فوجئت بالانتقادات التى وجهت لها بسبب الفوازير، لكنها حاولت أن تتقبلها، ونفت أن تكون تعمدت تقليد نيللى أو شيريهان، وأكدت أنها كانت تؤدى الشخصيات بإحساسها الخاص وبتلقائية.

فى عام ٢٠٠١، نشرت جريدة "الوفد" تقريرًا عن الأعمال الدرامية التى ستشارك فى شهر رمضان، وعنونت التقرير: "عشرون مسلسلًا مرشحًا للعرض.. وأخيرًا اختفاء الفوازير!".

وقال مصمم الاستعراضات الشهير، حسن عفيفى، أثناء استضافته فى إحدى حلقات برنامج "العاشرة مساء"، إن سبب اختفاء الفوازير تكلفة إنتاجها العالية جدًا، بسبب الملابس والاستعراضات والديكورات والإضاءة والألحان والموسيقى والتأليف، وهذا يفوق ميزانية أى مسلسل درامى عادى، موضحًا أن الأرباح الأساسية للفوازير كانت تجنيها من توزيعها خارج مصر فى البلدان العربية، وهو الطلب الذى تراجع فى السنوات الأخيرة وتسبب فى اختفاء الفوازير.