رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فاروق شيبا: تفوقى فى المسرح سر نجاحى فى السينما والتليفزيون (حوار)

محمد فاروق شيبا
محمد فاروق شيبا

«هات الكيس يا شيبا».. يتذكر الجمهور المصرى والعربى بدقة ملامح الشاب الذى وقف أمام النجم الراحل محمود عبدالعزيز فى فليم «إبراهيم الأبيض»، ورغم أن مساحة الدور صغيرة، استطاع الفنان المجتهد محمد فاروق أن يثبت- خلال دقائق- أنه فنان كبير، ويستحق المزيد من الفرص فى عالم الفن.

تخرج فى كلية التربية الرياضية بجامعة حلوان، وبدأ التمثيل منذ أن كان طفلًا، وأصبح نجمًا فى شارعه وهو تلميذ، لأن مسرحيته الأولى «الجهاز الهضمى» عُرضت على التليفزيون «الأبيض والأسود». يتحدث «شيبا» فى السطور التالية عن ذكرياته فى المسرح المدرسى ومسرح الجامعة والمسرح المستقل، وأمنيته فى أن يحصل على عضوية نقابة المهن التمثيلية.

 

■ بداية.. متى خضت تجربة التمثيل لأول مرة؟

- بدأت التمثيل فى المرحلة الابتدائية، حينها كان التليفزيون «الأبيض والأسود» بدأ فى الظهور ولم ينتشر فى البيوت بشكل واسع، وكانت وزارة التربية والتعليم تعمل على مسرحة المناهج التعليمية.

اكتشف موهبتى «أستاذ فايز»، رحمة الله عليه، الذى لن أنسى فضله علىّ، فهو من عرّفنى بطريق المسرح، وكانت المسرحية الأولى باسم «الجهاز الهضمى»، وقصتها بسيطة: لقمة تشتكى الجهاز الهضمى فى المحكمة، وتقول إن الأنياب تنهشنى والضروس تطحننى وأنزل فى البلعوم فأواجه عصارة المعدة، وفى المقابل كان كل جزء من الجهاز الهضمى يدافع عن نفسه بأنه يؤدى مهمته. 

جسدتُ شخصية حاجب المحكمة، ولم أقل سوى كلمة «محكمة»، ومن حسن حظى عُرضت المسرحية على التليفزيون فى ذلك الوقت، فصرت نجمًا فى الشارع الذى أسكن فيه، وهذا الأمر أثر فىّ بشكل كبير جدًا وجعلنى أحب التمثيل وأحاول تقليد النجوم، وتدربت على تنفيذ بعض الفقرات والمونولوجات فى الأفراح والمناسبات بمنطقتى، وكان أدائى يعجب الناس.

كبرت والتحقت بكلية التربية الرياضية، وذهبت إلى رعاية الشباب لأشترك فى مسرح الجامعة، فقال لى الموظف إن المسرح مغلق منذ ٨ سنوات، فطلبت منه أن أجمع فرقة، فوافق، فعلقت إعلانًا وتعرفت على المخرج أحمد طه، وكان طالبًا آنذاك بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وله فضل كبير علىّ فى صقل موهبتى، وكانت أول مسرحية بيننا «على جناح التبريزى»، وفزت بالمركز الأول «تمثيل» على مستوى جامعة حلوان، ثم جرى ضمى لمنتخب الجامعة.

فى منتخب الجامعة تعرفت على طلبة بكلية الفنون الجميلة، والذين أسسوا فرقة «أتيليه المسرح» التى كانت منقسمة إلى شعبتين، الأولى تقدم مسرحيات فى الجامعة والثانية تقدم مسرحيات مستقلة.

وكان فريق المسرح المستقل يضم: «بيومى فؤاد وماجد كدوانى ومصطفى سعيد وتامر محسن»، وانضممت لفريق مسرح الجامعة، وضم: «محمد سنجر ومحمد عاطف ومحمد كمال وناصر الجيلانى ومحمد لطفى» ومجموعة كبيرة من طلبة الفنون الجميلة، وقدمت معهم مسرحية «زمن الطاعون» على مسرح الجامعة، بمسابقة الجامعات، وحصلنا بها على المركز الأول، وتوالت بعدها سلسلة من المسرحيات.

■ متى بدأت العمل فى المسرح المستقل؟

- خلال دراستى الجامعية كنت أمين مساعد اتحاد طلاب جامعة حلوان، وكنت موجودًا باستمرار فى كلية الفنون الجميلة، وأحضر المحاضرات مع زملائى، وفى بعض الأحيان حتى لا يتركونى بمفردى كانوا يعطوننى «اسكتش وقلم رصاص»، وكنت أجلس أمام تمثال فينوس وأحاول رسمه.. وتعلمت منهم رسم الماكيتات والأزياء واختيار الألوان. 

بعد التخرج، التقيت المخرج الكبير الراحل محمد أبوالسعود، وانضممت لفرقته «الشظية والاقتراب»، ونفذنا مسرحية «بريسكا» عن نص «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم، وحققت نجاحًا كبيرًا، وشاركنا بها فى المهرجان التجريبى، ثم شاركنا فى مهرجان الفوانيس فى الأردن، وقررت أن أستمر فى التعاون مع «أبوالسعود»، رحمه الله، وقدمت معه بعد ذلك مسرحيات «العميان، والخروج من الموت، وبريسكا ٢، ولير، والأيام الخوالى»، كما عملت معه كمخرج منفذ إلى جانب التمثيل، وكنت أستطيع التوفيق بين المهمتين.. واستمر التعاون لمدة ١٥ عامًا.

■ هل قررت فيما بعد ترك المسرح والتركيز فى التليفزيون؟ 

- لا.. كل ما فى الأمر أن الحالة الفنية المسرحية بدأت فى التراجع فى عام ٢٠٠٥، عقب حريق بنى سويف، فى ظل الارتباك الاجتماعى والسياسى فى هذه الفترة، فحاولت المشاركة فى أعمال تليفزيونية أو سينمائية، وكانت أول مشاركة لى فى مسرحية «يحيا العدل»، بطولة ميرفت أمين ومصطفى فهمى، وحصلت على هذا الدور مصادفة.. إذ اختارنى الصديق علاء وجدى بعدما اعتذر زميل آخر، وأحب المخرج محمد عبدالعزيز أدائى، ثم شاركت فى مسلسل «عمرو بن العاص»، بطولة نور الشريف، ثم شاركت فى فيلم «أدرينالين» وفيلم روائى قصير كان مشروع تخرج أكاديمى من معهد السينما.

مرت الأيام، وبالصدفة طلب منى صديق السيرة الذاتية ليقدمها للمخرج مروان حامد، وشاركت فى فيلم «إبراهيم الأبيض»، وبعد ذلك أكرمنى الله بالمشاركة فى أعمال فنية كثيرة.. أحبنى الناس بكرم وفضل من الله.

■ ما تأثير عملك فى المسرح على مسيرتك فى التليفزيون والسينما؟

- استفدت كثيرًا من المسرح، فخلال هذه الفترة تعرفت على الراحل «أبوالسعود»، وتعلمت منه أمورًا كثيرة، منها مفهوم الفن، ومنذ تلك الفترة اختلفت نظرتى للفن، ولم أعد أراه بشكل مراهق كما كنت فى أيام الجامعة.. كان «أبوالسعود» يعطينى الكتب حتى ينضج عقلى، وتعلمت منه الإخراج.

إن لم أصادف المسرح ورهبانه وأتعلم منهم، ما وصلت لمكانتى الآن.. لولا شغلى فى المسرح عمرى ما كنت هابقى شاطر فى السينما.. المسرح هو المدرسة الأم لتعليم التمثيل، وبالتالى إذا تدربت جيدًا على التمثيل على الخشبة فتأكد أنك ستبرع فى أى نوع تمثيل آخر، سواء أمام كاميرا السينما أو التليفزيون، أو حتى التمثيل للإذاعة والدوبلاج. 

■ هل حصرك المخرجون فى أدوار الشر؟

- لا.. ولا أرى الشر نوعًا واحدًا، فهناك أكثر من شر «سرقة وقتل ومخدرات»، وأعتقد أننى قدمت نوعًا مختلفًا من الشر فى كل شخصية شريرة أجسدها.. كل مرة ربنا بيلهمنى بطريقة جديدة.. وأبحث دائمًا عن مداخل جديدة للشخصيات. 

ولا أرى أن حصرى فى أدوار الشر أمر سيئ، بل هو دليل على أننى أجدت تجسيد الشر فى «إبراهيم الأبيض» ومسلسل «بدون ذكر أسماء» ومسلسل «سجن النسا».

وأود أن أقول إن من يعملون فى الدراما يعتبرون أدوار الشر مهمة صعبة، ولا يمنحونها لشخص دون أن يكونوا واثقين من قدراته.

كما أن شكل جسد الممثل من أسباب تسكينه فى أدوار معينة.. فلا أزال أملك القوة واللياقة اللتين تسمحان لى بأداء أدوار الشر، لكن حينما أكبر فى السن قد لا أستطيع أن أفعل ذلك، وقد أجسد شخصيات مثل «الأب» أو «المعلم».

■ كيف تؤثر شخصية «شطة» فى أحداث مسلسل «توبة»؟

- «شطة» هو صديق إبراهيم، شقيق «توبة»، وجميعهم ينتمون لمنطقة واحدة فى القاهرة، و«توبة» يعمل «فتاح خزن»، وتعاون مع أخيه فى الماضى وسرقا أحرازًا حكومية «ذهبًا وأشياء أخرى»، وهرب «توبة» بالأحراز وسُجن «إبراهيم».

حينما خرج «إبراهيم» من السجن، بعد ٧ سنوات، بدأ فى البحث عن أخيه، وعرف أنه سافر إلى بورسعيد وتزوج وبدأ حياة جديدة.

بمجرد خروج «إبراهيم» من السجن التقى «شطة»، وهنا تتغير الأحداث تمامًا ويبدأ العنف والانتقام.. والرسالة هى أن الجرائم التى قد يفعلها شخص خلال فترة شبابه تطارده طوال حياته.

■ ما أمنياتك؟

- كنت دومًا أتساءل: «إزاى الناس بتيجى للحياة وتغادرها ولم تترك بصمة؟»، ورغم كل ما أنجزته فى المسرح والدراما التليفزيونية والسينما حتى الآن لم أحصل على عضوية نقابة المهن التمثيلية، ورغم أنه أمر مهم بالنسبة لى كفنان، لكن ما أتمناه أكثر هو أن أترك بصمة فنية لدى الجمهور.. وما زلت أحلم وأسعى لتحقيق أحلامى.