رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة العلاقات الخليجية «قبلة الحياة» للبنان المأزوم

 لبنان
لبنان

تمثل عودة سفيري المملكة العربية السعودية، والكويت، إلى بيروت، مؤشرا قويا على تعافي العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان، ما يعد قبلة الحياة، ومفتاح حل الأزمات، التي تعاني منها الدولة اللبنانية، خصوصا الانهيار الاقتصادي والأزمة السياسية المتفاقمة في البلد، الذي ينتظر موافقة صندوق النقد الدولي على تقديم الدعم لوقف الانهيار الحاد لليرة اللبنانية، وازدياد معدلات البطالة والفقر والارتفاع الجنوني لأسعار السلع، حسبما أكد محللون لبنانيون تحدثوا لـ"الدستور".

وكانت وزارتا الخارجية السعودية والكويتية، أعلنتا مساء الخميس، عودة سفيري بلديهما إلى لبنان، في إشارة إلى انتهاء الأزمة التي اندلعت على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول الحرب في اليمن.

وقال المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز: إن عودة العلاقات إلى طبيعتها بين لبنان ومحيطه العربي، ومع دول الخليج على وجه الخصوص، تشكل خطوة أساسية تصحيحية لمصلحة لبنان أولا، فهو دولة عربية الهوية والانتماء بموجب دستوره الوطني، وهو لا يستطيع الحفاظ على مقومات دولته بمعزل عن تفاعله الأخوي مع أشقائه".

وأضاف الرز  للدستور: أن "لبنان لا يمكنه الخروج من أزماته إلا بمساعدة إخوانه العرب، ولبنان لم ينل استقلاله عام 1943 عن فرنسا إلا بمساعدة عربية تولاها مصطفى النحاس باشا، رئيس حكومة مصر آنذاك، كما أن لبنان لم يخرج من حربه الأهلية التي اندلعت عام 1975 واستمرت 15 عاما إلا بموجب اتفاق الطائف عام 1989"، وأشار إلى أنه عند الحديث عن دعم الاقتصاد اللبناني، لا نجد سوى الودائع والهبات والمنح والقروض الميسرة ومشاريع البنية التحتية والتعليم والاستشفاء والإعمار من دول مجلس التعاون الخليجي، التي قدمت عشرات المليارات من الدولارات لمساعدة الاقتصاد اللبناني، ولصالح كل اللبنانيين من دون تفرقة أو تمييز.

وتابع قائلا: "أصحاب الأجندات الإقليمية حاولوا سلخ لبنان عن محيطه العربي، وتحويله إلى جزيرة عائمة فوق مشاريع هذا الفريق أو ذاك، فكانت النتيجة أن تهدد الكيان اللبناني نفسه، وتعرض لمخاطر التشظي الطائفي والمذهبي، وتحويله من وطن إلى منصة عدائية للعرب وتصدير الممنوعات إليهم".

وأوضح أن عودة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول الخليج، في التوقيت الحالي، أمر حكمه عدة معطيات؛ أولها موقف السواد الأعظم من اللبنانيين الذين رفضوا أن يكون وطنهم مجرد ورقة بيد هذا المحور الإقليمي أو ذاك، للإساءة إلى العرب، والتزام الحكومة اللبنانية بالورقة الكويتية الخليجية وأبرز بند فيها ينص على التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، فضلا عن المتغيرات العالمية التي انعكست بآثارها على المنطقة أو دفعت العرب إلى التوجه نحو حالة تضامنية تكاملية كخيار أساسي لحفظ مصالحهم.

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي اللبناني إلى ما يقدر بنحو 20.5 مليار دولار في 2021 من حوالي 55 مليارا في 2018، وفقا للبنك الدولي الذي صنف الانهيار بين الأسوأ من نوعه على مستوى العالم منذ منتصف القرن الـ19.

وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، ما أدى لارتفاع تكلفة كل شيء تقريبا في بلد يعتمد على الواردات، ودمر القدرة الشرائية، وأصبح راتب الجندي، الذي كان يعادل 900 دولار سابقا، لا يساوي سوى 50 دولارا الآن، بحسب وكالة "رويترز".

ويهاجر لبنانيون في أكبر موجة نزوح منذ حقبة الحرب الأهلية، ولا يخطط كثير منهم للعودة ثانية لاعتقادهم بأن مدخراتهم ضاعت، كما أظهر استطلاع رأي لمعهد جالوب في 2021 أن 63% من الذين شاركوا في الاستطلاع يريدون المغادرة بشكل دائم مقابل 26% قبل الأزمة.

من ناحيته، يرى المحلل السياسي اللبناني عبدالله نعمة، أن: عودة العلاقات الخليجية اللبنانية ستساهم بشكل كبير في تعافي لبنان من أزماته، لأن الدولة لا تستطيع الاستمرار بمعزل عن المحيط العربي.

وقال نعمة للدستور: إن "الحضن العربي هو ملاذ لبنان الآمن وسط الأزمات، وخصوصا البيت الخليجي والمملكة العربية السعودية التي احتضنت مباحثات أفضت لاتفاق الطائف ووقف الاقتتال الأهلي، وخلق مساحة من التفاهم بين مختلف القوى والطوائف اللبنانية".

وأضاف قائلا: "نحن أمة واحدة، وإذا فقد لبنان المساعدة والدعم والعلاقات العربية، فيكون بذلك فقد هويته، ورغم الخلافات التي يتسبب فيها البعض، فإن دول مجلس التعاون الخليجي لم تتخل عن لبنان في أزماته، وهو ما يتضح من عودة سفراء الكويت والسعودية إلى بيروت".

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية هي حاضنة لبنان، وعودة العلاقات معها يعد إيذانا ببدء تعافي لبنان من التخبط والأزمات، فالسعودية ودول الخليج بمثابة الدواء لأمراض لبنان الاقتصادية والسياسية.

وتابع بقوله، إن: "عودة العلاقات الخليجية- اللبنانية ضمانة مهمة لصندوق النقد الدولي، لمد يد العون وإنقاذ الدولة من الانهيار الكامل، كما أنها تمثل دليلا على حرص الخليج على دعم العملية السياسية في لبنان قبل إجراء الانتخابات التشريعية المرتقبة".