رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أحمد زكي نام على كنبتي».. حكايات مجيد طوبيا مع الكبار

الأديب مجيد طوبيا
الأديب مجيد طوبيا

جمعت بين الأديب الراحل مجيد طوبيا علاقات وطيدة مع الكبار، نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، والفنان أحمد زكي. وفي حوار سابق مع “الدستور” روى الكاتب الذي غيبه الموت عن عالمنا صباح اليوم، تفاصيل صداقته بهؤلاء الكبار.

"سيم" نجيب محفوظ

كان يشيد بي كثيًرا ويذكر اسمي في محافل كثيرة، هم لم يعرفوا أن نجيب لم يتكلم عن مجيد الإنسان لكنه تكلم عن مجيد الكاتب، وكان يصفني بالزميل وكانت له كلمة مشهورة "يا زمل"، وكنت أقول له يا نجب، رحمة الله على نجيب محفوظ.

نجيب كان رقيق المشاعر ومجامل باحترام ووقار ولكن هناك بعض الأشياء لا يصح فيها إلى الأبيض والأسود، وما قاله محفوظ عني هو لأني موهوب فقط، وقال للناس أنا لم أتكلم إلا عن موهبته، فقال له كاتب اسمه أحمد هاشم الشريف "هو مفيش غير مجيد طوبيا؟"، فقال له محفوظ: "آه مفيش غير طوبيا".

وأذكر أيضًا من القفشات التي كان يحبها نجيب، كنا نمشي معا من ريش ومررنا بالأمن المركزي، وقال لي وهو يشير إلى سلاح العسكري، السلاح ده آلي يا مجيد؟، فقلت له أيوه يا نجيب، ده آلي وواطي.

مكتب توفيق الحكيم مكتبي بحسب تعليماته

في مرة زرت توفيق الحكيم بالأهرام، وهناك قام الأمن بتفتيشي وأخذ بطاقتي، وكان "الحكيم" في الدور السادس أو السابع، لكنها كانت غرف ملحق بها حمام خاص، وكان هذا الطابق مخصصًا للصفوة، وقابلت "الحكيم"، وبعد ذلك طلب من الأمن ألا يقتربوا مني مرة أخرى، وأمرهم بدخولي في أي وقت، إلى أن أصبح لي مقال أسبوعي في الأهرام كل يوم أربعاء أو خميس.

والذي كسر "الحكيم" هو موت ابنه إسماعيل حين توفى عن 27 عامًا، ولم يكون موته نتيجة حادث أو غيره، مات على سريره، كنت أول مرة أراه يبكي، أخذته في حضني وهو ينهنه، لم أره في مثل هذه الحال من قبل، وأنا أيضا بكيت لبكائه.

أحمد زكي نام على كنبتي

كان منتج فيلم "صانع النجوم" يرفض تمثيل أحمد زكي، ولم يكن مقتنعا به، وحدث أن تكلمت مع المنتج وقلت له إن أحمد زكي سيكون في الفيلم، فوافق أخيرًا على مضض، كنت أعرف حجم موهبته وأنه لا خلاف عليها، وبالفعل انطلق زكي بعد ذلك وشارك في “مدرسة المشاغبين” ولمع اسمه بقوة، لكنني كنت أعرف أنه موهوب حقيقي، وكان عندما يعيد اللقطة يشير المنتج إلى ويقول يرضيك يا مجيد، وكنت أضحك.

أحمد زكي كان وحيدا، كان موهوبا حقيقيا، كان صديقا لنا، وكان يذهب لينام في بنسيون عند سيدة تملك البنسيون، وأحيانا كان يفلس فيأتي إلى بيتي وينام على هذه الكنبة، كنا نضحك كثيرا، ويوم أن حصل على نقود كثيرة أرسل لي سيارة بالسائق وطلب منه أن يقول لي إنه ينتظرني، وبالفعل ذهبت إليه في فندق الماريوت، وجلسنا نأكل ونشرب ونضحك، كان يقول لي إن لي جميل عليه فكنت أقول له هذا لا يصح ونحن أصدقاء، كان يحبني جدا رحمة الله عليه، وحين حصل أحمد زكي على نقود كثيرة مات، هي حكمة الله، مات والدنيا تمده بالحياة.

يذكر أن الأديب مجيد طوبيا رحل، اليوم، عن يناهز الـ84 عاما. 

ويعد طوبيا واحدا من جيل الرواد فى الرواية المصرية، وأحد المبدعين المنسيين فى الأوساط الثقافية المصرية، ورغم ما قدمه من أعمال تعد من أيقونات الأدب المصري والسينما المصرية أيضا، وقدم أعمالا خالدة تجسد حالات المجتمع المصري، تميزت بالغرابة الواقعية والسخرية المبطنة، إلا أن اسمه يظل بعيدا عن أضواء الشهرة، مكتفيا بالتواجد فى أذهان النخبة فقط، هكذا هو الأديب الكبير مجيد طوبيا.

ولد مجيد طوبيا في  في 25 مارس عام 1938، المنيا مصر بكالوريوس الرياضة والتربية، كلية المعلمين، القاهرة، عام 1960، دبلوم معهد السيناريو، عام 1970، دبلوم الدراسات العليا، إخراج سينمائى من معهد السينما بالقاهرة، عام 1972.