رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشفيات الخضراء.. مفهوم جديد في إطار مواجهة تغيرات المناخ

المُستشفيات الخضراء
المُستشفيات الخضراء

اتساقًا مع خطة مصر نحو التصدي لتتغيرات المُناخ، ومواجهتها لما تسبب بالفترات الماضية من أضرار جسيمة على البيئة، وخطتها كذلك من أجل دخولها إلى العالم الأخضر النظيف للتغلب على هذه التغيرات، ظهر بالأفق مصطلح جدًيدا بالمجال الطبي ذلك هو "المستشفيات الخضراء"، والذي يهدف إلى الدخول بهذه المستشفيات إلى عالم لا يضر البيئة مكتفيًا بما قد لاحقها من أضرار خلال السنوات الطويلة الماضية. 

وفي هذا السياق انعقدت ورشة للعمل موسعة نظمتها هيئة الاعتماد والرقابة الصحية تحت عنوان "نحو مستشفيات صحية خضراء ومستدامة.. رؤى وآفاق"، لمناقشة الأبعاد المختلفة لمعايير التميز البيئي للمنشآت الصحية، وذلك بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين في المجال الصحي والبيئي وممثلى كافة الجهات المعنية لطرح ومناقشة التصورات والرؤى المتنوعة مفهوم المنشآت الخضراء المستدامة.

تم ذلك في ظل التزام مصر بالأجندة الأممية للتنمية المستدامة ورؤيتها المستقبلية مصر 2030، والاتجاهات العالمية في مجالات التنمية المختلفة، بما في ذلك الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة وتطوير منظومة الرعاية الصحية وتعزيز جودة الحياة.

ويأتي هذا من خلال مشروع "حماية صحة الإنسان والبيئة من الانبعاثات غير المتعمدة للملوثات العضوية الثابتة النابعة من الاحتراق والحرق المكشوف للمخلفات الرعاية الصحية والإلكترونية"، والمُمول من مرفق البيئة العالمي بمنحة قدرها 4.1 مليون دولار، والذي يتبنى خطة للحد من انبعاثات مركبات الدايوكسين والفيوران، بالتنسيق مع وزارتي الصحة والاتصالات، ويسعى المشروع إلى خفض 5 كيلو جرامات من الزئبق في العام.

كيف تلوث المستشفيات البيئة؟

 أوضحت الدراسات أن المستشفى الواحد يستهلك من الطاقة بالقدر الذي تستهلكه مدينة صغيرة، كذلك فإن ما يصدر عنه من نفايات طبية يوازي أو يزيد بتعريضه البيئة للتلوث، بمقدار ما يصدر عن شارع أو منطقة. 

كما أظهرت تلك الدراسات أن صناعة الرعاية الصحية العالمية مسؤولة عن 4.4 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهذا الرقم أعلى من انبعاثات الغاز من حركتي الطيران والشحن، ويستخدم مستشفى واحد في المتوسط 5000 ليتر من المياه يومياً، كما ينتج عشرات الكيلوغرامات من النفايات الخطرة جزئيًا. 

وتحتوي مخلفات الرعاية الصحية على كائنات مجهرية قد تكون مضرّة ويمكنها نقل العدوى إلى المرضى في المستشفيات والعاملين الصحيين وعامة الناس، وقد تشمل المخاطر المحتملة الأخرى انتشار كائنات مجهرية مقاومة للأدوية من مرافق الرعاية الصحية إلى البيئة

 كما يُقدر عدد الحقن المعطاة في العالم كل عام بما يصل إلى 16 مليار حقنة، ولا يتم التخلص بصورة مأمونة من كل الإبر والمحاقن، الأمر الذي ينطوي على مخاطر الجروح والعدوى واحتمالات إعادة استعمال الإبر والمحاقن، خصوصاً في بعض الدول النامية.

وعلى الرغم أن الكثير من هذا الاستهلاك لا مفر منه،  لكن أكد الخبراء أنه لا بد من ترشيده، وتحويله بحيث يصبح أكثر حماية للبيئة وأقل تكلفة على المنشأة الصحية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد حسين استشاري الأمراض الفيروسية في حديثه لـ الدستور أنه قد تتلوث بعض ال"السرنجات" البلاستيكية مثلاً أو الأنابيب أو الإبر بالمواد الكيميائية وكذلك المواد البيولوجية بعد الاستخدام، لذلك فيتم التخلص منها، ولا يمكن لهذه الأدوات أن يُعاد تدويرها. 

وتابع أن هذا الأمر ينطبق على العديد من النفايات الصحية، لذلك لا بد من إدارة سليمة لأداء أفضل وحماية أكبر، وهذا لا يتم إلا عبر تحوّل المستشفيات التقليدية إلى مستشفيات خضراء صديقة للبيئة.

كما أكد أنه لذلك السبب تأتي أهمية السعي القائم من قبل إدارات المستشفيات لتحويلها إلى مراكز خضراء صديقة للبيئة، مع ما يستلزم ذلك من تغيير على مستوى أساليب العمل والتجهيزات والخدمات وكذلك محيط المستشفى. 

وقد حدد مشروع "حماية صحة الإنسان والبيئة من الانبعاثات غير المتعمدة للملوثات العضوية الثابتة النابعة من الاحتراق و الحرق المكشوف لمخلفات الرعاية الصحية والإلكترونية" 5 مستشفيات نموذجية 2 فى الغربية، 2 فى الشرقية، والأخيرة جامعية تتبع جامعة القاهرة، لتوريد جميع الأجهزة الطبية لها خالية من الزئبق، وكونترات جديدة لتتمكن من فصل المخلفات، بحيث يتم وضع المخلفات المحتوية على مواد كيمائية والأدوية فى كونتينر مستقل لونه ازرق، وباقي المخلفات الصلبة فى كونترات، بالإضافة إلى الأكياس الخاصة بنقل المخلفات، والترولى للنقل من مكان لآخر، كل ذلك تتحمله وزارة البيئة للوصول إلى النموذج المرجو للتعامل مع المخلفات فى المنشآت الطبية.

إحصائيات

وتبلغ نسبة المخلفات غير الخطرة عموماً في المستشفيات 85 بالمئة من الكم الإجمالي لمخلفات أنشطة الرعاية الصحية، وتُعتبر النسبة المتبقية البالغة 15 بالمئة مواد خطرة يمكن أن تنقل العدوى أو أن تكون سامة أو مشعة، كما يقدر عدد الحقن التي تعطى كل عام بنحو 16 مليار حقنة في جميع أنحاء العالم، ولا يتم التخلص منها بالطريقة السليمة بعد استعمالها، بل يتم في بعض الأحيان حرق مخلفات الرعاية الصحية، وربما ينتج عن هذا الحرق انبعاثات في شكل "ديوكسينات وفيورانات وغير ذلك من ملوثات الهواء السامة.

يُذكر أنه على الصعيد العالمي حلّ مستشفى صن شاين كوست الجامعي في أستراليا المركز الرابع بين أفضل 6 مباني خضراء حول العالم. ولأنه ثبت أن الاستدامة البيئية ممكنة ومفيدة فلنسرّع عملية الانتقال إلى المستشفيات الخضراء.