رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نام على كنبة.. مواقف في حياة أحمد زكي في ذكرى وفاته

أحمد زكي
أحمد زكي

علي كثرة الشخصيات الفنية والدرامية التي جسدها الفنان أحمد زكي، والذي تحل اليوم الذكري السابعة عشرة لرحيله عن دنيانا، تظل شخصية عبد الله النديم التي قدمها خلال المسلسل الإذاعي “المتمرد”، واحدة من أيقوناته الفنية التي منحها من روحه أكثر من أي فنان آخر قدم شخصية خطيب الثورة العرابية عبد الله النديم، وربما هناك من القواسم المشتركة الكثير ما بين الشخصيتين واقعيا، سواء في التيه الذي لاقاه الفنان والخطيب المتمرد المطارد دفاعا عن قناعات كلا منهما.

وقد ترددت أصداء رحلة التيه أيضا في شخصية “يحيى أبو دبورة” التي قدمها أحمد زكي في فيلمه الأيقونة أيضا “أرض الخوف”، فــ“يحيى أبو دبورة” في نهاية رحلته بأرض الخوف قابل ذاته وهويته الحقيقة التي حاول الهروب منها وهو يقنعنا أنها شخصية المجرم مهرب المخدرات العتيد، بينما هي الذات والهوية الكامنة داخل نفسه. وهي تنويعة أخرى لشخصية “منتصر” في تحفته الفنية “الهروب”، فـ “منتصر” أيضًا كان في رحلة تيه ومطاردة لذاته من ذاته، تلك المحلقة تحت نخلة بيته في الجنوب.  

شاركت أحمد زكي أريكة العم “طوبيا”

 وكما تأخذني قدماي دائمًا لشوارع حي مصر الجديدة وميادينه حيث كل بناية وجدار وشرفة وحجر حكاية، وأعمار لحيوات رحل أبطالها لكن ظلت الجدران تنبئ بقصصهم.

وفي إحدى المرات وكنت بالقرب من ميدان سانت فاطيما خطر في ذهني الكاتب مجيد طوبيا، فهو يسكن بالقرب من حيث كنت، هاتفت الكاتب فتحي سليمان حامل أسرار العم “طوبيا”، فأجابني بأنه في حضرة صاحب “أبناء الصمت”، وبداخل صومعته أردت أن أنعش ذاكرته، خاصة وأن ذهنه دوما حاضر في حكاياته وذكرياته البعيدة داخل الزمن، وجاء الحديث عن السينما وذكرياته مع فيلمه “أبناء الصمت”، فقال لي مجيد طوبيا: “أحمد زكي ياما نام وقعد على الكنبة اللي أنت قاعدة عليها دلوقتي.”

 

 عندما نام أحمد زكي في ثلاجة الموتى

ويذكر المؤرخ خطاب معوض خطاب عن الفنان أحمد زكي أنه طلب من مخرج فيلمه “موعد علي العشاء” أن يكون المشهد واقعيًا وحقيقياً.

يقول “معوض”: "كان أحمد زكي إمبراطور التقمص والإبداع، ففي فيلم "عيون لا تنام" حمل أنبوبة غاز مشتعلة، وفي فيلم "طائر على الطريق" ألقى نفسه من سيارة مسرعة، وفي فيلم "العوامة 70" طلب من المخرج أن يتم ضربه ضربًا حقيقيًا، وبالفعل "أكل علقة ساخنة"، وفي فيلم "موعد على العشاء" دخل ثلاجة حفظ جثث الموتى، وتم إعادة هذا المشهد أكثر من مرة وهو داخل الثلاجة، وفي فيلم "ناصر 56" دخل الوزير صفوت الشريف الاستوديو فأخبر المتواجدون الفنان أحمد زكي بأن معالي الوزير موجود، فصرخ فيهم أحمد زكي متقمصًا شخصية الرئيس جمال عبد الناصر: "أنا رئيس الجمهورية.. ييجي هو يسلم عليا هنا".

ويضيف “معوض”: كإنسان كان أحمد زكي محبوبا من كل من يعرفه، فقد كان بسيطا لا يتكبر على أحد أو يتنكر لأحد، وفي نفس الوقت كان معتدا بنفسه لأبعد الحدود، فبعد طلاقه لزوجته الفنانة هالة فؤاد كان يقيم بصفة دائمة في فندق هيلتون رمسيس، وكان يركن سيارته أمام مدخل الفندق، لكنهم بسبب الإجراءات الأمنية طلبوا منه أن يقوم بركنها بعيدا عن المدخل فاستجاب لهم على الفور، لكنه يوما رأى سيارة تقف أمام المدخل، فأوقف سيارته بجوارها، فجاءه ضابط يطلب منه إبعاد سيارته فرد عليه بقوله أنا ركنت بجوار هذه السيارة، فقال الضابط هذه سيارة سمو الأمير ترك بن عبدالرحمن، فرد عليه أحمد زكي قائلًا: " ودي سيارة سمو الأمير أحمد زكي بن عبدالرحمن، قل لوزير الداخلية لما يسألك الكلام ده، لأن الأمير ترك مش من البلد دي ومش هيحب بلدي أكثر مني".

وكان أحمد زكي يجلس على مائدة طعام واحدة مع سائقه وكان يشاركه الطعام، وكان يقوم بمنح عمال المطعم بقشيشا كبيرا يفوق الخيال وكان يقول: "الناس دي من حقهم أن يعودوا لأولادهم ومعهم كيلو من اللحم مثلما أكلنا نحن"، ويقول الدوبلير "محمد النوبي، والذي كان يؤدي بعض المشاهد الخطرة بدلا منه: "كان الفنان أحمد زكي يستدعيني ويطمئن علي ويتأكد أن الطعام المقدم لي مثل ما يقدم له وكان يعطيني مبالغ كبيرة من جيبه الخاص بخلاف الأجر الذي كنت أحصل عليه من المنتج.

 

عندما غيرت الشاشة الزرقاء مقاييسها من أجل أحمد زكي

غيّر أحمد زكي التصورات الذهنية عن البطل السينمائي، فقد كانت مقاييس الوسامة لنجوم السينما المصرية٬ حتى منتصف السبعينيات٬ تتمثل في نموذج فنانين منهم "نور الشريف٬ ومحمود ياسين٬ ومحمود عبد العزيز"، إذ كانت السمة المشتركة بينهم البشرة الفاتحة أو الطول المتناهي أو العيون الملونة، إلى أن ظهر الفتى الأسمر "منتصر" الشهير بــ"أحمد زكي"٬ ليقلب تلك المعادلة لصالحه، بل وليرد على صفعات متعددة نالت منه بسبب "مقاييس الوسامة"، ومنها ما حدث عندما رفض المنتج رمسيس نجيب إسناد دور بطولة فيلم "الكرنك" لـ"زكي"، مفضلًا عليه نور الشريف، وبحسب رواية ممدوح الليثي، تساءل "نجيب" بسخرية: "سعاد حسني تحب الولد الأسمر ده؟".