رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كراهية وحب.. علاقة متناقضة جمعت «القصبجي» مع أم «كلثوم»

أم كلثوم والقصبجي
أم كلثوم والقصبجي

في ذكرى  رحيل الموسيقار محمد القصبجى، والذي توفي في مثل هذا اليوم الموافق 26 مارس 1966، نرصد  في التقرير  العلاقة الفريدة التى ربطت أم كلثوم والقصبجي، والتى وصلت إلى اعتراف القصبجي لتخليه عن دوره كموسيقار إلى أحد العازفين بفرقتها.

تقول المصادر إن تعارف القصبجى وأم كلثوم بدأ عن طريق شركة أوديون التى كانت قد اشترت منه أغنية "قال حلف ما يكلمنيش" من شعر أحمد رامي فطلبت منه تسجيلها بصوت أم كلثوم قبل ان يتم التعارف بينهما، فذهب إليها فى منزلها لتقديم نفسه، وبدأ القصبجى تدريب أم كلثوم على اللحن وعندما أتمت حفظه قالت للقصبجي "أنت الكنز اللي لازم أحافظ عليه وحنتعاون مع بعض على طول بإذن الله".

استمر التواصل مع أم كلثوم والقصبجي، قدم  لها  أغنية "قال حلف مايكلمنيش"، وأسس لها أول "تخت شرقي" يصاحبها في حفلاتها، وكان ذلك تمهيدا لانطلاقتها الكبرى بتلحينه لها أغنية "رق الحبيب"، وتبعها بأعمال ناجحة أخرى مع أم كلثوم ومنها "أوبرا عايدة" و"يا صباح الخير" و"ما دام تحب" و"إن كنت أسامح وأنسى الآسية" وغيرها. وكان القصبجي  ليس فقط الملحن العبقري لأم كلثوم ، بل كان أحد أعمدتها ، لا تمر حفلة إلا والقصبجي يأخذ مكانه خلف سيدة الغناء العربي ممسكا بعوده ، ليعزف من الحانه والحان غيره.

اسمهان وخلاف أم كلثوم والقصبجي 

 وعلى حد تعبير الباحث في التراث الموسيقي دكتور عصمت النمر "عرض القصبجي لحنا على كوكب الشرق، فرفضته  ولم تكتف بذلك بل قالت له: “يبدو يا قصب إنك محتاج إلى راحة طويلة”،  لحن  القصبجى لأسمهان  يا طيور غني حبي وانشدي وجدي وآمالى .. مقام: نهوند هذه الأغنية كانت سببا فى  اشتعال غضب أم كلثوم المكتوم من القصبجى.

واشار النمر إلى أنه فى حديث له لجريدة المدن اللبنانية قال "هل تريد أن أقول لك إن محمد القصبجي صاحب الأمجاد الطويلة هو مجرد عازف على العود الآن في فرقة أم كلثوم؟ هل تريد أن أقول لك إن أم كلثوم لم تهضم مدرستي وقذفتني إلى الصف الخلفي، مع الآلاتية؟.. أنا عبد في طاعة مولاته" .

عديدة هى خطابات القصبجي لأم كلثوم، منها ماجاء مباشرا، ومنها رسالة مقتضبه وقصيرة له جاءت عبر خطاب مطول تحت عنوان "أروح لمين" يقول فيه " حكايتي بدأت من 26عاما ، تعفت وقتها بأم كلثوم ، وكنت أعترها ملهمتي ،ووحي أنغامي وفني ، فلحنت لها أكثر من 150 أغنية ، ومازالت أم كلثوم ترددها حتى الآن! لحنت لها "ياما ناديت"، "مادان بتحب بتنكر ليه"، "ورق الحبيب: وغيرها !ولم أسأل أم كلثوم يوما كسائر الملحنين كم ستدفع أجر اللحن ، وكنت أقدم ألحاني إليها دون ان أنتظر من ورائها جزاء ولا شكورا، كان كل اجرى أن اسمع "ثومه" وهي تردد ألحاني، ولو لم تدفع لي هي مليما واحدا في لحن من الالحان !

ومن الخطابات الموجه لأم كلثوم بشكل مباشر تلك التي امامنا ويقول فيها  القصبجي " عزيزتي  أرجو أن تطمنيني عن حالة العلاج وحالة نفسيتك الآن وشعورك بالتحسن حتى أطمئن عليك فأنت عندي أغلى من نفسي التي بين جنبي ، لا أحرمني ألله منك مدى الحياة والله أسأل أن يبقيك لنا ذخرا وفخرا للشرق وللعالم أجمع ياسومه وختاما أرجو أن تتفضلي بتقبيل أياديك وتفضلي بقبول احترامي وتمنياتي لك الطيبة  من صديقك المخلص الوفي محمد القصبجي .

 في كتابه أنا والعذاب وأم كلثوم، أكد الناقد  طارق الشناوي، أن كوكب الشرق عندما قررت إعلان خبر زواجها من الموسيقار محمود الشريف نزل الخبر كالصاعقة على رأس  القصبجي  والذي  إقتحم منزلها حاملا خلف ظهره مسدسا ليجبر الشريف على إنهاء علاقته بأم كلثوم، لكن سيدة الغناء العربي إحتوت الأمر وقدرت مشاعر القصبجي

وظل القصبجي رغم تجاهل أم كلثوم لحبه لها حريصا عليها، فقد ضحى بمستقبله كموسيقار له بصماته الواضحة في الموسيقى العربية، مفضلا البقاء بجوارها عازفا في فرقتها حتى توفي في 26 مارس من عام 1966 عن عمر 74 عاما،ً تاركا وراءه أفضل الألحان وأروع تضحية يقدمها محب لمحبوبته رغم تفضيلها لآخرين عليه.