رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهادة خاصة عن تجنيد الداوعش عبر انستجرام

هندوسية أوقعها الحب فى شباك «داعش» تكشف لـ«أمان» أسرار مهام «خلية المكالمات الجنسية» لتجنيد عناصر للتنظيم

جريدة الدستور

«من الحب ما قتل».. قد ينطبق هذا المثل لكن ليس بشكل كامل، ففي حالة الفتاة الهندية لم يقتلها الحب بل قادها إلى الانضمام إلى داعش.

«لم تكن غايتي قتل أحد أو تصنيفي من ضمن العناصر الإرهابية»، بتلك الكلمات بدأت الفتاة الهندوسية «ديبي مالا» حديثها إلى محررة «أمان».

ديبي سيدة في عمر الـ27 عاما، والدتها أمريكية ووالدها من عائلة هندية، عاشت منذ كانت في عمر الـ17 عامًا في إحدى الدول العربية في منطقة الخليج العربي مع والدها وشقيقتيها ووالدتها.

وقالت، خلال حوار أجريناه معها عبر «تويتر»، إنها لم تكن تريد أن يتم تصنيفها كعنصر إرهابي، فقد التحقت بداعش بعد أن وقعت في حب شاب فلسطيني الجنسية كان يعمل في نفس الشركة التي يعمل بها والدها، وهي شركة عقارات عالمية وكبيرة.

وأضافت: "رأيته أول مرة في زيارة لمنزلنا، حيث جاء لوالدي لمناقشة عمل لكونه مهندسا معماريا ووالدي كان في مقام مديره أو مدير المشروع، كان شابا طويلا وجذابا وعيناه جميلتين، لكن ما جعلني أشعر بشغف كبير نحوه هو عندما توجهت لتقديم الضيافة لضيفنا الوسيم ذلك لم يرفع عينيه لينظر إلىّ على الرغم من أنني كنت منذ طفولتي أسمع ممن حولي أنني شابة جميلة.. شعرت بالفضول والأنانية، أردت أن أجذب إلىّ هذا الذي لم يرني كما رآني الجميع".

وسردت ديبي أنها بدأت تذهب إلى محل عمل والدها وطلبت منه أن تساعده في العمل وترتيب الملفات والرد على المكالمات وكل ما يتعلق بتنظيم مكتبه، مشيرة إلى أنها كانت تدرس في كلية إدارة الأعمال وأن ذلك كان سيساعدها لتنمية خبرتها بجانب كليتها.

وأكملت: "كنت في الـ19 عامًا من عمري، وبعد الانتهاء من محاضراتي الجامعية كنت أتوجه إلى مكتب والدي، وبعد مرور أكثر من شهرين لم أجد من الشاب الفلسطيني (أنس) أي مبادرة أو تواصل.. لقد كان يتجنبني تمامًا، ما تسبب بشعوري بضيق شديد وامتعاض، وبعد مرور 4 أشهر توجهت نحو مكتبه وأخبرته بإعجابي به، لكنه لم يقل أي شيء، اكتفى فقط بالنظر سريعا إلىّ وابتسم، وقال لي: (أنتِ صغيرة لا يجب عليكِ التسرع)، وتابع عمله".

"ديبي" توقفت عن محاولة التقرب منه لكنها استمرت في العمل في مكتب والدها، حتى تصادفت المواقف والفرص بأن تعمل معه على تنظيم اجتماع مع عدد من الأشخاص كان مطلوبًا منها مهاتفتهم وإبلاغهم بالاجتماع، بمن فيهم الشاب أنس الذي كان في عمر الـ29 عاما، ومن هنا بدأت ديبي التواصل معه عبر وسائل التواصل والواتس آب، وشعرت بقليل من التفاعل.

وتابعت: "أحببته بشدة ووقعت في شباكه"، موضحة أنه لم يكن صعبًا عليها بعد ذلك التخلي عن كثير من الامور في سبيل الاستمرار في البقاء معه، حتى أصعب شروطه لم تتمكن من رفضها.

بمرور الوقت أخبرها الشاب الفلسطيني بأنه مسلم ولا يمكنه الزواج إلا بمسلمة وأنه سيساعدها على اعتناق الإسلام إن أرادت ذلك.. لم تترد "ديبي" وقررت دخول الإسلام من أجله، وبدأ يُعلمها ويهديها كتبًا دينية لشيوخ وأئمة وفقهاء، ولم تكن حينها تدرك أن هناك الكثير من المتطرفين ممن يدعون الولاية.

وأكملت أنها بعد ذلك قالت لأسرتها إنها ستعتنق الإسلام، لتواجه العديد من الانتقادات منهم، إلا أنها كانت قد اتخذت قرارها وأصرت على موافقتهم على الزواج منه، لكن والدها كان متمسكًا بالرفض.

والد «ديبي» أخبرها كثيرًا بأن الشاب الفلسطيني متعصب ومتشدد للغاية، وإنها لن تستطيع مواصلة الحياة معه دون أن تستجيب، فقد أعماها الحب عن رؤية حقيقة الشاب، ومع إصرار والدها على الرفض، تزوجت الفتاة من "أنس" دون عائلتها وأثبتت اعتناقها الإسلام قانونًا لحمايتها من أي تدخلات عائلية لاحقة.

الانضمام إلى داعش

ديببي تقول إنه من هنا كانت البداية، فقد بدأت التصرفات المريبة تظهر على أنس، فقد كانت أفكاره وكلماته دائما مخيفة وليست منطقية، لكنه كان يوميا يقوم بتعليمها هذه الافكار، حتى قال لها في يوم 11 أبريل في عام 2016 إنهم سيسافرون إلى بلد آخر، من أجل عمل وبيئة أفضل، وقال لها: (سيكون لكي دور فعال في مجتمع مؤمن وقوي) مما أثار الشغف والحماس داخلها.

مؤكدة أنها لم تكن تعلم أنهم ذاهبون إلى حيث يوجد تنظيم داعش، كانت الرحلة عبر العراق إلى سوريا رحلة برية طويلة، وشاهدت فيها تعامل زوجها مع عدد كبير من الملتحين والملثمين الذين يحملون اسلحة على اكتافهم ونظراتهم مخيفة وحادة، بدا الأمر كرحلة في أحد أفلام هوليوود، قائلة: "كنت أشعر بالفزع والقلق الشديد فأشار علىّ زوجي بابتلاع حبة دواء لأنام قليلا"، لتستيقظ مفزوعًة على أصوات طلقات الرصاص، لتجد أنهم وصلوا إلى حدود مدينة درعا.

ديبي تقول إن الطلقات كانت للترحيب بزوجها، وإنها علمت فيما بعد أنه شخص مهم بالنسبة لهم، حيث كان يقوم باختلاس مبالغ طائلة من الشركة التى كان يعمل بها لتحويلها إلى "داعش" لدعمهم.

وتابعت: "لقد قام برفع سعر كل شيء كان يشرف عليه بمقدار الضعف، وكل تلك المبالغ كان يقوم بتحوليها لداعش، لكن ذلك بدا أمرًا وطنيًا جميلا عندما شاهدت كيف أن الجميع متشابهون، كان المكان كالقرية كل من فيها عائلة واحدة بمختلف جنسياتهم وأعمارهم، لكن أعينهم لم تكن بشرية، كان الجميع يبدو كأنه فقد روحه، وظاهره النفاق.

تصيد الشباب بمكالمات جنسية
بعد الوصول إلى داعش تلقت ديبي عددا كبيرا من التدريبات والمحاضرات التي يؤمن بها التنظيم وأخبروها بأن النساء يجب عليهن ارتداء الخمار والنقاب وتغظية وجوههن ومساندة أشقائهن وشقيقاتهن في رفع راية الإسلام ونشره، وحصلت ديبي خلال 7 أشهر على تعاليم مشددة حول كيفية جذب الآخرين للتنظيم ونشر الفكر.

ولصالح داعش كانت ديبي تعمل من خلال صفحة على موقع «إنستجرام» لإغراء الشباب الهندوس ومحاولة جذبهم للانضمام إلى داعش.

أصبحت ديبي، الملقبة بهاجر، إسلامية متشددة، الأمر الذي صعب عليها مهمة استقطاب الشباب وفقًا للمهمة المكلفة بها، إلا أن زوجها أنس عبدالرحمن وقريبه عمار عبدالرحمن، وبتعليمات وتوجيه من عمار، بدآ في تعنيفها نفسيًا بحجة أنها لا تحاول بشكل كافٍ من أجل دينها لينجحا في إقناعها بأن ما تفعله نوع من أنواع الجهاد على الإنسان فعله في سبيل تحقيق الهدف ورفع راية التنظيم في كل مكان.

فبدأت بإنشاء عشرات الحسابات بأسماء هندوسية عبر مواقع تواصل اجتماعية مختلفة، وقامت من خلالها بالتعرف على شباب هندوس في دول عربية واجنبية ومحادثتهم محادثات جنسية لجذبهم إليها وجعلهم يقعون في حبها، ومن ثم تقوم بمطالبتهم باعتناق الاسلام عبر قراءة كتب محددة كانت ترسلها لهم وتناقشهم فيها، ومن تشعر بأنه اعتنق تلك الافكار تبدأ بتوجيهه نفسيا نحو ما يفعله التنظيم في سبيل الناس ومن أجلهم ومن أجل الدين، وأنها تستطيع مساعدته للقدوم وإرسال الأموال إليه.

وأكدت أنها كانت دائما ما تتصيد الشباب الذين يعانون من مشاكل مادية وفئات مجتمعية يظهر عليها السخط والحاجة، وكان ذلك يسهل عليها إقناعهم وإغرائهم بالمال وقدرتهم لاحقا على الزواج من عدة فتيات إن أردوا ذلك.

وتابعت أن عمار كان يؤكد عليها أنها كلما قامت بتجنيد شخص ستحصل على مكانة عالية بين النساء اللاتي يقمن بنفس الشيء، لقد كنا خلية مكونة من سيدات وفتيات كل واحدة فيهن تفعل ذلك، وتم إقناعهن بأن ذلك في سبيل الله ومن أجله، وأنه نوع من أنواع الجهاد لتكبير وتوسيع رقعة المجاهدين والمقاتلين في سبيل الله في كل مكان، وأنهن سيصبحن من حور عين الجنة.

وأكدت ديبي أنها بفضل قدرتها على ضم أكثر من 82 شابا إلى داعش تلقت أمرا من أنس زوجها بأن تذهب الى كشمير في عام 2015 ومحاولة جذب الشباب في القرى الفقيرة وإغرائهم بالمال، وتمكنت بفضل ذلك من ضم 34 شخصا ومطالبتهم بتوسيع وإنشاء مكانة للتنظيم الارهابي في كشمير وجذب آخرين إليه.

ومنها توجهت إلى دلهي وإلى أفغانستان وكابول وأوزباكستان مع 3 فتيات أخريات، وعادت لاحقا الى درعا حيث وجدت أنه تم اعتقال زوجها أنس من قبل النظام السوري أثناء محاولته العبور الى العراق.

تزوجت لاحقا بعمار، وبعدها قُتل في قصف جوي، فتم تزويجها لقائد التدريب العسكري في التنظيم، وكان كندي الجنسية من أصول عربية، ولأنها لا تنجب تم التخلي عنها لاحقا من قبله، وحاولت الهرب فقبض عليها، وتتواجد حاليا في مخيم «الهول» حيث تعاني من حياة غير آدمية، ولا تستطيع الحصول على الطعام بشكل يومي، ولأنها بلا أسرة تعيش بداخل خيمة كبيرة مع أكثر من 30 سيدة وفتاة.

وختمت بقولها: أدرك أن الندم الآن لن ينفعني بشيء، إنني فقط أشارك قصتي حتى لا تقع فيها فتيات أخريات، مشيرة إلى أن قصة حبها لم تكن إلا وهمًا، وأن الشخص الذي ضحت بلا تفكير في سبيله لم يرَ فيها سوى مظهرها الخارجي وكيف يستطيع استغلاله من أجل أفكار جماعة إرهابية، تمارس ومارست كل أشكال التطرف والعنف والجهل على الفتيات، مؤكدة أن كل فتاة كان يتم إنجابها بمجرد أن تصل إلى سن البلوغ كان يتم تزويجها وأمرها بأن تنجب سريعا، متابعة: لقد كنا آلات للجنس وسبايا للمتعة وآلة إنجاب، ودورنا مختصر ومقتصر على تطرف هذا التنظيم وتوحشه، ومن كانت ترفض اتباع الأوامر التي يتم مطالبتها بها كان تكون وسيلة جنسية، كان يتم حجرها في أماكن محددة لهؤلاء، ويتم استخدامها بسادية من قبل عشرات الرجال واعتبارها كسبية، كما كان يحدث مع الفتيات اللاتي تم خطفهن من الديانات الأخرى، مجرد سبايا.

وأكدت أنها لا تريد شيئًا سوى الهرب من مخيم الهول حتى وإن كان سيتم سجنها في أي دولة.