رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يتجه الإرهاب نحو الصين فى الفترة المقبلة؟ خبير فى مكافحة الإرهاب يجيب

جريدة الدستور

نشر رافايللو بانتوتشي، باحث ومختص في جامعة جاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة ومؤلف كتاب «إرهابيو الضواحي» في بريطانيا، مقالا حول تزايد مؤشرات توجه الارهاب بأنظاره نحو الصين.

وقال رافايللو إنه في أوائل أكتوبر فجّر انتحاري من تنظيم «داعش خراسان» نفسه وقتل ما يقرب من 50 شخصًا في مسجد في قندوز بأفغانستان، مشيرًا إلى أن إعلان الجماعة المتشددة مسئوليتها عن الهجوم ليس مفاجئًا، ولكن في تطور جديد مقلق لبكين هو ربط المذبحة بالصين، حيث قال تنظيم داعش إن الانتحاري كان من الإويغور الصينيين، وإن العملية الانتحارية كان الهدف منها معاقبة حركة طالبان لتعاونها مع الصين على الرغم من أفعالها ضد الأويغور في شينجيانغ.

وأضاف رافايللو أنه على الرغم من أنه في السنوات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر مباشرة كانت الصين حذرة من طالبان، وحسبما ورد في الصحف والبيانات والتقارير فقد قاتلت جماعة من الأويغور جنبًا إلى جنب مع طالبان لسنوات، كما أوضح مقطع فيديو لزعيم القاعدة أيمن الظواهري في عام 2016، وكما أشارت معلومات المخابرات الأمريكية من خليج غوانتانامو في وقت سابق، وهو ما دفع بعض العناصر من الإويغور للانضمام الى داعش خراسان والهجوم على حركة طالبان التي اعلنت عن تعاملها مع الحكومة الصينية بشكل وثيق.

وأشار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية إلى أنه لطالما كان ينظر إلى الصين على أنها هدف ثانوي من قبل المنظمات الإرهابية الدولية، حيث ركزت مجموعات مثل القاعدة وأفغانستان بشكل كبير على استهداف الولايات المتحدة أو الغرب بشكل عام ولم تكن الصين هدفا رئيسيا لهم بل الغرب وخصومهم المحليين، لدرجة أنهم نادرًا ما رفعوا أسلحتهم تجاه الصين على الرغم من أنهم ربما أرادوا ذلك بسبب سوء معاملة الصين لمسلمي الأويغور.

وأكد في مقاله أن تاريخ الصين مع الجماعات الإسلامية العنيفة معقد، فلفترة طويلة كانت قدرة بكين على إبراز مكانتها كقوة في العالم النامي تعني أنها يمكن أن تختبئ إلى حد ما خلف أنها ليست قوة استعمارية، على عكس ما تفعله بريطانيا وأمريكا والتي أثارت استعداء المضطهدين في العالم الذي ينظر الى الصين على أنها دولة معادية للولايات المتحدة العدو اللدود للقاعدة والجماعات المتطرفة في العالم، وبالتالي فإنهم نظروا الى الصين كعدو عدوي صديقي، حسب قوله.

وذكر أن الصين عملت في الخفاء مع الحكومة الأولى بقيادة طالبان في التسعينيات، وكان المسئولون الصينيون مترددين لكنهم راغبون في التحدث مع نظام الملا محمد عمر، آنذاك، ولم تكن الصين أبدًا من مؤيدي طالبان المتحمسين، لكنها فضلت بدلًا من ذلك إيجاد طرق للعمل مع الجماعة في الخلفية واتخذت هذا في الغالب في شكل تقديم الصين استثمارات محدودة ودعمًا شجعته باكستان، مع توقع أن تقوم طالبان بكبح جماح جماعات الأويغور في الدولة الصينية، والتي أقامت لنفسها منفذا في أفغانستان تحت حماية الملا عمر بعيدا عن مهاجمة الصين.

وتابع أنه مع الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان وبعد ذلك العراق، انطلقت مشكلة الإرهاب الدولي على مستوى العالم، حيث استهدفت الجماعات مجموعة واسعة من البلدان.. وعلى الرغم من دفع الصين الناجح لإضافة بعض مجموعات الأويغور المحلية الخاصة بها إلى قائمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية، لم تجذب البلاد الكثير من اهتمام الجهاديين الدوليين.

وأوضح أنه بعد ذلك أصدر قادة القاعدة ثم تنظيم داعش بعد ذلك بعض البيانات التي هددت بكين بسبب معاملتها للأويغور والمسلمين بشكل عام، ولكن في الغالب كانت محدودة ولم تؤد إلى أي دفع كبير لاستهداف الصين.

مضيفا أنه على الرغم من ذلك لا يمكن إنكار أن الصين مستهدفة، خاصة مع نمو وجودها في أفغانستان في الأشهر الأخيرة، حيث قديما لطالما تجنبت بكين المشاركة الرسمية في أفغانستان لكنها مؤخرا كانت أكثر القوى الكبرى في المنطقة استعدادًا للانخراط مع طالبان مباشرة وبناء العلاقات بين الحكومتين، ومن الواضح أن تنظيم «داعش- خراسان» يرى أن انحناء طالبان لبكين هو نقطة ضعف للاستفادة منها، ما دفع «داعش- خراسان» لجذب الإويغور الرافضين وغير الراضين عن انحناء طالبان لحكومة الصين، مؤكدا أن هذه الخطوات رفعت من نسب الخطر المحتمل من الارهاب تجاه الصين، خاصة أن هذه التطورات بين طالبان والحكومة الصينية استفاد منها تنظيم داعش في خراسان عندما استخدم انتحاريًا في هجوم قندوز باسم ساحة المعركة، بمقاتل يدعى محمد الأويغوري، وتم توجيه رسالة للصين وللموالين لداعش في كل مكان، نشرتها القنوات الإعلامية التابعة لداعش، والتي ربطت الهجوم بتعاون طالبان والجانب الصيني، قائلة: «كان المهاجم أحد مسلمي الأويغور الذين وعدت طالبان بترحيلهم استجابة لمطالب من الصين».

ونوه بأن الرسالة تحتوي على طبقات عديدة، أولاها: إنها إشارة لطالبان، حيث تسلط الضوء على عدم قدرتها على حماية الأقليات في البلد الذي تزعم الآن أنها سيطرت عليه، وثانيًا: إنها رسالة إلى الصين ووعود بمهاجمة بكين لسياساتها في شينجيانغ، وثالثًا: إنها رسالة إلى الأويغور الذين يشعرون بأنه تم التخلي عنهم أو تهديدهم من قبل طالبان وربما يسعون للانضمام إلى مجموعات أخرى من شأنها تعزيز مصالحهم كداعش، وأخيرا إنها رسالة إلى العالم تُظهر أن «داعش- خراسان» هي منظمة قادرة على حماية المضطهدين وكونها أمينة على قيادة الأمة الإسلامية.

وأكد أن الصين كانت حذرة في ردها الذي استنكر الخسائر في الأرواح في التفجير الانتحاري، لكن لم يتم الإدلاء بأي تعليق رسمي حول هوية المهاجم، وفي المقابل نشر أكاديمي صيني مقال رأي في «جلوبال تايمز»، المملوكة للدولة الصينية، اتهم فيه وكالة «أسوشيتد برس» بتلفيق رواية أن الانتحاري من الأويغور، وأكد أن كل الأويغوريين الذين كانوا يقاتلون مع طالبان في أفغانستان قد غادروا البلاد وتم تسليم عدد منهم للصين، وأشاد بسيطرة طالبان وتعاونها مع الحكومة الصينية

وختم بأن بكين تعي أن هذا تطور خطير لا سيما في منطقة تواجه فيها تهديدات أكبر مع الانسحاب الأجنبي من أفغانستان وإعلانها ولاية إسلامية تغري المتطرفين في كل انحاء العالم، مؤكدا وجود تقارير جديدة تؤكد تنامي الوجود الأمني الصيني في طاجيكستان؛ بهدف تعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات المحتملة من أفغانستان.. وهناك مجموعة متزايدة من الجماعات المسلحة في باكستان تستهدف المصالح الصينية هناك أيضا، بالإضافة إلى تزايد الهجمات في داسو وكراتشي القادمة من البلوشية والسندية الانفصاليين المحليين.. وتعرض سفارة الصين في بيشكيك، قرغيزستان، للقصف في عام 2016، وكذلك قنصليتها في كراتشي في عام 2018، وهو هجوم أدى إلى مقتل أربعة أشخاص صينيين، بجانب حركات الاحتجاج المحلية وإضافة تنظيم «داعش- خراسان» إلى القائمة يضع البلاد بقوة في مرمى المتطرفين.

وختم بأن الصين غير مستعدة للتعامل مع مثل هذه التهديدات على الرغم من أنها تمتلك جيشًا كبيرًا ومجهزًا جيدًا لكن لديه القليل من الخبرة في مواجهة المنظمات المتشددة وغالبًا ما يعتمد على دول أخرى للقيام بذلك من أجله، وسيواجه نفس الصعوبات التي يواجهها الآخرون في المنطقة في قمع الجماعات المسلحة في أراضيهم وقد يجد صعوبة في حماية الصين بالكامل من المنظمات الإرهابية.