رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قائد عسكري وضابط وصحفي بالعراق يكشفون لـ«أمان» قصة زعيم داعش «الأعرج» صاحب أكبر مجزرة للنساء العجائز (خاص)

جريدة الدستور

في مدينة صغيرة تقع في شمال غرب العراق، وبداخل المستشفى الوحيد في تلك القرية التي يقدر عدد سكانها بضعة آلاف، ولد واحد ضمن أكثر الأشخاص دموية- حسب تصنيف الأمم المتحدة وقوائم الإرهاب- الملقب بالبروفيسور المدمر أمير محمد عبدالرحمن المولي الصلبي، أو كما يعرف باسم «أبوإبراهيم الهاشمي القرشي»، خليفة تنظيم داعش المزعوم بعد مقتل أبوبكر البغدادي.

هناك في مدينة تلعفر، التابعة لمحافظة نينوى، حيث يسكن التركمان المسلمون في العراق على الرغم من أنهم بداخل دولة عربية إلا أنهم يتحدثون إحدى اللكنات التركية، وهي لكنة زعيم داعش الجديد أبوإبراهيم القرشي، خليفة أبوبكر البغدادي، الذي نشأ في تلك القرية الصغيرة في العراق التي تقع بالقرب من الحدود العراقية السورية والتركية، وتبعد عن مدينة الموصل بحوالي 70 كم، وعن جنوب الحدود التركية بحوالي 38 ميلًا، وعن الحدود السورية بحوالي 60 كم، ما جعل موقعها مميزًا، فنقل إليها مقر الخلافة من الموصل بعد معركة الموصل ضد تنظيم داعش عام 2016، وسميت بمقر الخلافة المؤقت، لتصبح معقل التنظيم وطريقه نحو 3 دول في ذات الوقت.

لقب الزعيم الجديد لداعش بعدة ألقاب، منها: المدمر والبروفيسور بسبب ما ارتكبه من مجازر وحشية بحق الأقلية الإيزيدية في شمال العراق، أما نحن فى "أمان" فنسميه "الأعرج"؛ لأنه فقد إحدى ساقيه خلال غارة أمريكية أصابته، ما جعل تنظيم داعش يقدمه على أنه "الأمير" أبوإبراهيم الهاشمي القرشي، سعيًا منهم إلى إعادة بناء التنظيم الذي خسر سيطرته على مساحات شاسعة، كما أنه لم يكن المدعو معروفا على نطاق كبير، حيث عرف مؤخرا بعد أكثر من عام من مقتل أبوبكر البغدادي في أكتوبر 2019 الماضي.

◄ ضمن أشد الإرهابيين المطلوبين في العالم
حددت وزارة الخارجية الأميركية في 24 من مارس العام الماضي رسميًا بأن القرشي زعيم جديد لتنظيم داعش، وأدرجته على قائمة أكثر "الإرهابيين" المطلوبين في العالم، وأشارت في تقريرها إلى أنه قد يكون خيارًا مؤقتا لكونه من ذات أصول تركمانية في تنظيم اتسم بأنه كان جميع قيادييه السابقين من العرب، ومن نسب هاشمي قرشي كما كانوا يؤكدون.

◄ سجن بوكا الأمريكي
يقول اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، لـ"أمان"، إن المولى أو القرشي ولد تقريبًا حسب الأوراق الرسمية له في عام 1976، وتخرج فى كلية العلوم الإسلامية من جامعة الموصل، والتحق كضابط في جيش الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ثم انضم أثناء الاحتلال الأمريكي إلى صفوف تنظيم القاعدة، بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003.

وأضاف يحيى أن القوات الأمريكية سجنته في عام 2004 في سجن بوكا الأمريكي، الذي يعد أحد أكثر السجون كمساحة خصبة للفكر الإرهابي، بسبب تواجد أثقل القيادات الإرهابية بداخله.

وأكد، في حديثه لـ"أمان"، أن القرشي تعرف على أبوبكر البغدادي في ذلك السجن في عام 2004، والتقى به وصادقه وأصبحت العلاقة بينهما وطيدة، تلك العلاقة ظهرت بعد إعلان تولي أبوبكر البغدادي على تنظيم القاعدة في فرعها في العراق في عام 2010، وكان ضمن القيادات التي ساندته لتحقيق وإنشاء تنظيم داعش في العراق، ومن ثم تنظيم داعش في العراق والشام، وسعوا للتوسع في مناطق أخرى.

وحسب حسن "اسم مستعار"، وهو ضابط في الجيش العراقي وأحد أفراد الحشد الشعبي سابقًا في مدينة الموصل، قال لـ"أمان" إن المولى كان معروفًا إلى حد ما في الموصل ولكن على نطاق ضيق، حيث إنه كان أكثر تركيزًا على تصفية خصوم البغدادي من التواجد ضد المدنيين في المحافظة.

واستكمل قائلًا: "لقد عرفناه بالبروفيسور وبالأمير وبالحج، حتى وصل إلى ضمن مجموعة القيادة والصفوف القيادية في التنظيم، وكان تأخره في الوصول إلى تلك المكانة هو عدم تقبل البعض له كونه ليس عربيًا وليس من الأصول القرشية ككل من في القيادة، ولكن صداقته مع البغدادي ساعدته ليصل سريعًا، وصيته بلقب "المدمر" أكسبه سمعة الرجل المتوحش، خاصة بعد ما ارتكبه من جرائم شديدة البشاعة ضد المسيحيين في العراق وضد كل من حاول الوقوف ضد داعش والبغدادي".

واستطرد حسن أن المولى كان من مدينة بداخل محافظة نينوى التي تبعد نحو 70 كيلومترًا فاستطاع سريعا السيطرة على المحافظة بكافة مدنها وقراها، وصنع طفرة في مصانع المتفجرات وغرف التخطيط لشن هجمات على القوات العراقية والامريكية والكردية وغيرها من الجماعات المسلحة والسياسية التي وقفت أمامهم.

وأضاف: "استطاع خلق صورة مخيفة في قلوب من حاربوا داعش بعد مجازر تصفية الأقلية الإيزيدية، ولقبه العديدون بأنه متخصص في شئون الجهاد والإبادات الجماعية، حيث لعب دورا ضخما في حملة تصفية لأقليات كثيرة، منها قتل السيدات الكبار في السن تحت مسمى أنهن لا حاجة لهن، لا زواج ولا إنجاب ولا خدمة، بالإضافة إلى المسيحيين الذين هرعوا هربًا من إجرامه في حملة تصفية وصفت بأبشع المجازر والتهجير والسبي".

من جانبه، يقول الصحفي العراقي زيد الطائي، وأحد سكان محافظة نينوى، إن المولى يحاول الآن استغلال انسحاب القوات الأمريكية من العراق وانشغال القوات الرسمية بالمشكلات الداخلية وانشغال أجهزة الدولة العراقية في مكافحة وباء كورونا وغيرها من المشاكل اليومية.

وأكد لـ"أمان" أن التفجيرات الأخيرة في سوريا والعراق هما رسالته بأن التنظيم سيعود قريبا لما كان عليه، لا سيما أن بنيان التنظيم الأخير يقول إن الكابوس يبدو أنه لم ينتهِ رغم سقوط أمير الجماعة "البغدادي"

من جهة أخرى، رصدت الولايات المتحدة في أغسطس 2019 مكافأة مالية تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دولار مقابل أي معلومة تقودها إلى المولى، الذي كان لا يزال قياديا في التنظيم وليس أميرا عليه.

وحسب موقع "المكافآت من أجل العدالة"، التابع للحكومة الأميركية، فإنّ القرشي، الذي يعرف أيضًا بسم «حجي عبدالله»، كان "باحثًا دينيًا في المنظمة السابقة لداعش، وهي منظمة القاعدة في العراق، وارتفع بثبات في الصفوف ليتولى دور قيادي كبير في داعش.

وأضاف الموقع أنّه بصفته "واحدًا من أكبر الأيديولوجيين في داعش، ساعد حجي عبدالله على قيادة وتبرير اختطاف وذبح وتهريب الأقلية الدينية في شمال غرب العراق، ويعتقد أنه يشرف على بعض العمليات الإرهابية العالمية للجماعة.