رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قراءة لـ«أمان».. كيف أجبرت «كبار العلماء» الإخوان على إعلان التبرؤ؟

جريدة الدستور

مثل بيان هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، أمس الثلاثاء، صفعة قوية لتنظيم الإخوان، بعد تصنيفه إياها كجماعة إرهابية، محذرا من التعامل أو التعاطف معها، لكونها تستغل الدين الإسلامي لتنفيذ مخططها المتطرف.

- تحريم تأسيس الإخوان

أكد البيان أن الأفكار، أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم، أو غير ذلك، وتؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين، فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة، مشيرًا إلى أن تنظيم الإخوان في مقدمة الجماعات التي يحذر منها.

وجاء في البيان أن تنظيم الإخوان جماعة "منحرفة"، وتقوم على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، وهو ما يعد فصلا مهما في دحض مزاعم الجماعة بالانتماء إلى أبرز العلماء والفقهاء لدى الرياض، والذين كانوا يتخذونها ذريعة بعد تأويلها لتشويه صحيح الدين الإسلامي حول العالم، واستغلاله في تنفيذ خطواتهم لنشر الإرهاب.

- الإخوان جماعة الشرور والفتن

وسرد بيان هيئة كبار العلماء السعودية محاور الشر التي يعمل عليها تنظيم الإخوان، مؤكدًا أن الأخير منذ تأسيسه لم يظهر عناية بالعقيدة الإسلامية أو علوم الكتاب والسنة، لكن هدفه الرئيسي هو الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخه مليء بالشرور والفتن.

وتطرقت الهيئة السعودية إلى أن الأمر لا يقتصر على الإخوان فقط، لكنه يمتد إلى الجماعات الإرهابية المتطرفة التي انبثقت عنه، ونشرت الفساد وألحقت الضرر بالمسلمين، وهو أمر واضح في مشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم، والتي تتورط فيها الجماعة الإرهابية، في تأكيدٍ على أن التنظيم وأذرعه لا يعملون سوى على الصعود فوق دماء الأبرياء.

- الإسلام بريء من "إرهاب الإخوان"

وبعد سرد هيئة كبار العلماء الخطوط العريضة المشبوهة التي يعمل عليها تنظيم الإخوان الإرهابي، أكدت أنه لا تمثل "منهج الدين الإسلامي" بأي حال، وهو دليل واضح بأن تلك الجماعة تتخذ من الدين بوابة، تتلاعب بنصوصه، وتتخذها من بعد ذلك لشرعنة مزعومة بشان أفعالها الإجرامية.

وتابع البيان: "الإخوان تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب، وعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها".


- لماذا الآن؟

يعد تحذير هيئة كبار العلماء من السعودية من "التعاطف" مع التنظيم الإرهابي، دليلا جديدا على أن الإخوان تستغل نصوص الدين، التي تقتطعها من سياقها أو تؤولها بشكل يخدم أيديولوجيتها المتطرفة، في استمالة عناصر من أجل الانضمام إليها، وأن تغسل أدمغتهم لتحولهم إلى عناصر متطرفة في كافة جوانب الحياة.

ومثل توقيت البيان عاملًا هامًا في الصدمة التي تلقاها التنظيم الإرهابي، الذي يحاول استغلال مشاعر المسلمين حول العالم فيما يخص الإساءة إلى الدين والنبي محمد – صلى الله عليم وسلم – بدفعهم إلى تنفيذ عمليات الذبح والتفجير وغيرها، واعتبار ذلك السلوك بأنه "الطريقة الصحيحة التي يأمرنا بها الإسلام للدفاع عنه"، بل إن الدين بريء من إزهاق الدماء، والهيئات الإسلامية الصحيحة، تحديدا فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، خطت خطوات لمقاضاة هؤلاء الذين أساؤوا للرسول الكريم، فالإسلام لم يأمرنا بقتل نفسٍ.

- الدفاع الصحيح عن الإسلام

وضرب الأزهر مثلا في الدفاع الصحيح كما أمرنا الإسلام، ليس بالتوجه للقضاء فقط، بل اتخذ خطوة عملية بتدشين منصة دولية تبث بعدة لغات لشرح حياة النبي – صلى الله عليه وسلم- ومنهجه، وتصحيح الأفكار المغلوطة التي بثها التنظيمات الإرهابية، بل وعرض أن يتحمل تكاليف أي دعوات لنشر تعاليم الدين الصحيحة.

ولم يقف الدفاع عن تلك الإساءات بذلك فقط، بل إن الأزهر أدان بأشد العبارات أي خطوة تتم تحت شعار الحريات من شأنها الإساءة إلى الرسول، كما أدان – في الوقت ذاته - حادث ذبح المدرس الفرنسي بدعوى الدفاع عن الإسلام، الهجمات الإرهابية التي تلته، لأن الدين الإسلامي لم يأمر بارتكاب مثل تلك الجرائم الإرهابية، وهو ما هاجمته التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها الإخوان.

ولا تحتاج حقائق الجماعة الإرهابية جهدًا من أجل إثبات صحتها، وأن التنظيم لا يحمل في ثناياه شيئا سوى الإرهاب وإخراج المتطرفين من رحم تعاليمه الزائفة والكاذبة في حق الدين، عبر المراكز والمساجد التي يسيطر عليها في العديد من دول أوروبا، ويرسل منها إرهابه إلى كافة الدول.

- الإخوان تلجأ لـ"إعلان التبرؤ"

لم يستطع التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان إصدار أية بيانات، لنحو 20 ساعة، من إعلان كبار هيئة العلماء، لكنه دفعها إلى اللجوء لذراعها في سوريا لـ"إعلان براءة"، نقصه فقط أن يتبرأوا من أنفسهم تحت مسمى "الجماعة"، إذا كانوا يريدون الابتعاد عن الإرهاب كما يزعمون.

وفي محاولة بائسة لادعاء البعد عن الإرهاب، أصدر فرع تنظيم الإخوان في سوريا، بيانا بعنوان "براءة"، حاول فيه التملص من تهم الإرهاب التي يمارسها داخل سوريا، كما أنه مثل رد الفعل الوحيد على ما قررته هيئة كبار العلماء السعودية.

وجاء في البيان: "في ظل الظروف والمتغيرات الدولية والإقليمية، وما يتكشف لنا يوما بعد يوم من عمليات بعض الناس في إعادة الاصطفاف، حرصا على مصالح وقتية عارضة، نحب أن نؤكد في جماعة الإخوان المسلمين في سورية براءتنا من فكر الغلو والتكفير بمدارسه وتنظيماته ومنظماته على امتداد الجغرافيا الإسلامية والعالمية، ونبرأ من هذا الفكر ومن كل ما يصدر عن حامليه من تكفير وتقتيل وتفجير".

وأكدوا أن براءتهم تشمل تنظيمي القاعدة وداعش والمسميات الموازية وكذلك المشروع الصفوي، ونظرية الولي الفقيه، ومن دولة الملالي في طهران، وكافة التنظيمات والحركات التي تتبعها، أو أي جهة تشملها علاقة معها.

ويحاول التنظيم الإرهابي أن يدعى العكس في ظل الضربات التي يتلقاها واحدة تلو الأخرى، والتي لا تحتاج جهدًا لتثبت التاريخ الدموي والإرهابي للإخوان، ونشرهم المستمر للعنف والإرهاب واستغلال الدين لأغراضهم الدنيئة، ومن ثم تشويهه.