رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من يتحمل مسئولية عودة الدواعش من جديد؟

جريدة الدستور

طرح محرر الشئون العسكرية والخارجية لدى صحيفة "التليجراف"، كون كوغلين، سؤالًا حول عودة الظهور المحتمل لتنظيم داعش الإرهابي ومقاتليه، ومن يتحمل مسئولية هذا الأمر، مؤكدًا أنه منذ نجاح التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في القضاء على معظم مقاتلي التنظيم الإرهابي في سوريا، بقيت قضية هامة معلقة تتعلق بمصير آلاف من مقاتلي التنظيم، الذين اعتقلوا واحتجزوا داخل مراكز اعتقال يديرها أكراد.

ويرى الكاتب أن المشكلة تبدو معقدة خاصة ما يتعلق بقرابة 2500 مقاتل أجنبي، يحمل معظمهم جوازات سفر أوروبية، وأسرهم الذين هجروا أوطانهم للقتال لصالح داعش، لافتًا إلى أنه بالنظر لحجم خيانتهم لدول نشأوا وترعرعوا فيها كي يلتحقوا ببرابرة داعش، يمكن فهم سبب تشكيك حكومات غربية برغبة مقاتلي داعش المهزومين وأسرهم في العودة إلى بلدانهم.

ففي بريطانيا، على سبيل المثال، دار جدل كبير في بداية العام الجاري بشأن قضية شميما بيجوم، التي غادرت، في 2015، بيتها في شرق لندن، عندما كانت مراهقة في الخامسة عشرة، كي تصبح عروسًا لأحد مقاتلي داعش.

وظهرت شميما من جديد، في بداية العام الحالي، وهي قابعة في معسكر يديره أكراد، ووجهت نداء عاطفيًا للسماح لها بالعودة إلى وطنها، رغم أنه، في فترة غيابها، ألغت الحكومة البريطانية جنسيتها، وقوبل طلبها برفض رسمي قاطع، وأكدت لندن أنها فقدت حقها في الجنسية البريطانية بسبب قرارها الالتحاق بتنظيم إرهابي محظور، من أحد أهدافه الرئيسية تنفيذ هجمات إرهابية ضد أهداف بريطانية.

ويشير الكاتب لتلقي هذا الموقف الرسمي البريطاني الصارم دعمًا شعبيًا واسعًا، وهو ما بدا واضحًا في دول أوروبية أخرى، كفرنسا، التي شهدت مغادرة عدد كبير من مواطنيها إلى سوريا والعراق للانضمام إلى صفوف داعش.

وحسب كون كوغلين، فإنه يرجع ذلك إلى النفور المؤسسي من قبل حكومات أوروبية للتعامل مع أي من هؤلاء الذين هجروا أوطانهم للقتال مع داعش، لافتًا إلى أنه تكمن المشكلة الوحيدة في هذا الموقف في أنه لا يحل قضية أعداد كبيرة من مقاتلين أجانب احتجزوا داخل معسكرات كردية، وقد يهربون اليوم نتيجة لتوغل تركي إلى شمال سوريا، وينضمون ثانية إلى صفوف داعش.

وأوضح "كوغلين" أن هذا الهاجس كان في صدارة اهتمامات إدارة ترامب، قبل وقت طويل من إطلاق الرئيس التركي أردوغان هجومه العسكري ضد ميليشيات كردية سورية في شمال سوريا، حيث احتجز عدد كبير من مقاتلي التنظيم، حيث سارعت واشنطن لتحمل مسئوليتها بشأن عدد من حاملي الجوازات الأمريكية الذين تطوعوا للقتال إلى جانب داعش، وقد أمل مسئولون أمريكيون بأن يقدموا مثالًا قد يقنع الأوروبيين باستعادة مواطنيهم.

وأكد "كوغلين" أنه نتيجة لتوغل أردوغان العسكري في شمال سوريا، فإن مخاوف واشنطن تحققت، وفيما يقبع معظم سجناء داعش في معسكرات بعيدة عن منطقة القتال بين الأتراك والأكراد، كمعسكر الهول في شرق سوريا، نشرت بالفعل تقارير حول هروب بعض السجناء من معتقلات في شمال سوريا، حيث حذر قادة أكراد، يحرسون معتقلات في أجزاء أخرى من سوريا، من أن حاجتهم لإعادة نشر قواتهم للمساعدة في مقاومة تقدم تركي نحو المنطقة الكردية يزيد بالتالي من احتمال هروب عدد أكبر من مقاتلي داعش.

ويشير "كوغلين" إلى وجود احتمال حقيقي الآن من أن داعش، بعد عام واحد فقط على هزيمته الكارثية عبر تدمير ما يسمى "الخلافة"، سيكون قادرًا على إعادة تجميع قواته مع انضمام مجموعات من المقاتلين الهاربين من أوروبا وأماكن أخرى إلى صفوفه، إذ يؤكد أنه إذا تحقق ذلك، ونجح التنظيم في إطلاق موجة جديدة من هجمات إرهابية ضد أهداف غربية، لن يلوم زعماء أوروبيون سوى أنفسهم لإخفاقهم فى تحمل مسئولية أعمال مواطنيهم، وإن كانت مستنكرة بشدة.