رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرصد الإفتاء يفضح أيديولوجيات العنف والتطرف عند جماعة الإخوان

جريدة الدستور

أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، عددًا خاصًّا من مجلة "Insight" التي أطلقها للرد على مجلتي "دابق" و"رومية" اللتين يصدرهما تنظيم "داعش" الإرهابي باللغة الإنجليزية.. وقد صدر العدد الجديد من المجلة تحت عنوان: "فضح أيديولوجيات العنف والتطرف في فكر الإخوان المسلمين".

وصرح الدكتور إبراهيم نجم- مستشار مفتي الجمهورية- بأن مرصد الفتاوى التكفيرية أصدر هذا العدد الخاص من المجلة في إطار جهود الدار في مواجهة جماعات التطرف والإرهاب، والرد على النشاط التحريضي المكثف لجماعة الإخوان الإرهابية مؤخرًا، وتواصلها مع وسائل الإعلام الأجنبية.


وأضاف نجم أن هذا العدد يفضح جماعة الإخوان الإرهابية ويكشف عن منهجها المتطرف منذ نشأتها وارتباطها بالتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش"، وهو ما تم توضيحه في عدة مقالات باللغة الإنجليزية تضمنها العدد، من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح وإظهار الحقيقة أمام وسائل الإعلام الأجنبية حتى لا تنخدع بهم.


جذور ومبادئ العنف عند الإخوان
يضم العدد الجديد من المجلة مقالات متنوعة تتناول عدة موضوعات بالغة الأهمية حول فكر جماعة الإخوان المسلمين، وأهم الأفكار المتطرفة التي تتبناها الجماعة، والشخصيات التي أسست ونظَّرت للعنف داخلها منذ إنشائها.

ومن ضمن المقالات مقال بعنوان: "جماعة الإخوان.. الجذور ومبادئ العنف"، ويتحدث المقال عن نشأة جماعة الإخوان المسلمين التي كانت نتاجًا للسياق السياسي في ذلك الوقت واستجابة للمشاعر المعادية للاستعمار في مصر، وكان خطابها مغايرًا للخطابات الأصولية المعادية للاستعمار، حيث اتبعت أسلوب المقاربة واستغلت الإسلام والنصوص الدينية كأداة ضد المجتمع من أجل تحقيق مكاسب سياسية تصب في صالح الجماعة بدلًا من نفع الأمة.


وذكر المقال أن جماعة الإخوان وضعت بذور التطرف وتبنَّت لغة المعارضة الهدامة، ووصفت المجتمع بأسره بأنه متدهور ومتجذر في الجاهلية، كما حرضت على إراقة الدماء.


ومما يدل على تبني الجماعة نهج الإرهاب والعنف منذ نشأتها اعتراف مرشدها الأعلى، مصطفى مشهور في ذلك الوقت، بضرورة استخدام العنف والقوة المسلحة، ونظَّر لذلك في محاضراته، فقال في إحداها: "لن نحقق النصر إلا من خلال الإرهاب والتخويف، ويجب ألا نستسلم للهزيمة النفسية".


كما أصَّل للعنف كذلك سيد قطب، المنظِّر البارز للجماعة، ومصدر الإلهام لمختلف الجماعات الإرهابية المسلحة.


وأشار المقال إلى أن جماعة الإخوان كانت تعمل بوجهين، الأول هو الوجه الظاهر لعامة الناس والجماهير حيث قدموا أنفسهم كمصلحين اجتماعيين وكقوة معارضة، أما الوجه الثاني فتمثل في إنشاء "الجهاز السري" للجماعة، الذي كانت مسئوليته تنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات، ونشر الخوف، والاستيلاء القسري على حكم البلاد في أقرب فرصة فيما يسمونه بالتمكين.


حسن البنا وبداية منهجية العنف
وعن "جذور ومنهجية العنف" عند جماعة الإخوان، تحدث مقال آخر عن مؤسس الجماعة حسن البنا الذي أسس لهذه الجماعة الراديكالية العنيفة منذ عشرينيات القرن الماضي، حيث يحوي تاريخ أدبياتها الكثير من الأدلة التي لا تعد ولا تحصى على تأييد البنا للعنف وتشجيعه كوسيلة أساسية لتحقيق هدف الجماعة النهائي المتمثل فيما سموه "استعادة الحكم الإسلامي".


وأوضح المقال أنه رغم أن حسن البنا قدم نفسه وجماعته على أنها حركة إصلاحية، فإنه شرع في العنف وأعطاه صبغة دينية تحت ذريعة "الجهاد، وضرورة إقامة دولة إسلامية، وإحياء الخلافة، وتطبيق الشريعة الإسلامية".


وأشار المقال إلى أن جماعة الإخوان سعت للهيمنة على جميع الطبقات الاجتماعية والفصائل، وصُنف الناس وفقًا لمدى تقبلهم للجماعة، ووصف الذين لم يتبنوا بعد رؤية جماعة الإخوان المسلمين على أنهم "يرقدون في سبات عميق، لا يرغبون في الخضوع له والتصرف وفقًا لمبادئ الجماعة".

العنف تحت ستار الجهاد
تحدث المقال عن الجهاد في فكر جماعة الإخوان، الذي يعد مفهومًا لا غنى عنه في أيديولوجية البنا، وهو الأمر الذي كان له النصيب الكبير من خطبه وكتاباته.


أما عن استخدام العنف فكان البنا حريصًا على إنشاء مجموعة قوية قادرة على استعادة الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية؛ لذلك اندمجت قوتان لا غنى عنهما عند حسن البنا، وهما: قوة الوعظ وقوة السلاح، من ثم دعا الجماعة إلى اعتناق القوة كهدف ووسيلة.


وأوضح المقال كيف أن حسن البنا لم يظهر رفضه للأنظمة الحاكمة بشكل صريح، فقد كان مترددًا في إحداث تغيير ثوري، ومع ذلك، فقد كان معاديًا للديمقراطية، ونبذ مبادئها، وازدرى مؤسساتها، لا سيما النظام الحزبي، لأنه اعتبرها غير متسقة مع الشريعة الإسلامية وأحد الأسباب الرئيسية وراء تدهور الأمة.


ولذلك، وجد حسن البنا أنه من الضروري توجيه رسالته في البداية إلى الحاكم والنخبة الحاكمة بشكل سلمي، في حالة فشلهم في تطبيق قيم الحكم الإسلامي، فإن جماعة الإخوان ستشن حربًا دموية ضدهم، وهو ما جاء في افتتاحية الطبعة الأولى من مجلة "الناظر"، حيث طالب البنا أتباعه بتطبيق هذا الأمر مؤكدًا أنهم "سيشنون حربًا على كل زعيم، رئيس، حزب، وسلطة لا يعمل من أجل نصرة الإسلام"، وتعهد بإعادة حكم الإسلام ومجده، قائلًا إنه إذا ما تخاذل الحكام عن ذلك: "سنعلن عداوة طويلة الأمد، وليس سلامًا، حتى يمنحنا الله النصر عليهم".


سيد قطب مُنَظِّر ومؤسس جماعات العنف
كما خصص العدد الجديد من المجلة مقالًا عن سيد قطب، المنظر والمؤسس لجماعات العنف، والذي قدم الإطار النظري الذي يبرر العنف داخل المجتمعات الإسلامية بحجة أن الناس ليسوا مسلمين لأنهم يعيشون في "جاهلية".


وأضاف المقال أن سيد قطب اعتبر أن حالة العالم الإسلامي اليوم مماثلة لحالة الجاهلية، لأنهم تخلوا- في رأيه- عن الإطار الديني والعقدي السليم الذي وضعه الله سبحانه وتعالى واستبدلوه بقوانين من صنع الإنسان.


ويمثل سيد قطب حالة من الانفصام الشديد بين حقيقة الإسلام والجاهلية، وهو الأمر الذي جعله غير قادر على الاعتراف بالتراث الحضاري والثقافي للإنسان، ويرفض رفضًا قاطعًا الاعتراف بإمكانية التعارف والتفاعل والتعاون بين المسلمين وغير المسلمين دون الإضرار بسلامة المسلمين وعقائدهم.


وذكر المقال أن سيد قطب قد نظَّر لتبرير استخدام العنف انطلاقًا من فكرة جاهلية المجتمع التي تتبناها سلطة سياسية حاكمة في البلدان، وأنه على الإخوان المسلمين أن يتحملوا مسئولية مواجهة هذه الجاهلية من خلال الإصلاح والتغيير، وتحويل المجتمع إلى مجتمع إسلامي حقيقي وإخراجه من الجهل.


ولفت المقال إلى أن دين الإسلام من منظور قطب هو حركة عملية، حيث يواجه مشكلات المجتمع بطريقة عملية بدءًا من الوعظ والإقناع وصولًا إلى القوة البدنية والعنف الذي يعتبره جهادًا تقوم به الطائفة المؤمنة.


وبعد إعدام سيد قطب، واصلت جماعة الإخوان نشر العنف تحت ستار الدين ومفاهيم الحاكمية والخلافة وتطبيق الشريعة، ومع ذلك، عندما أدركوا فشل مشروعهم المتطرف في استعادة الحكم الإسلامي، سعوا إلى اتخاذ مسارات متباينة والتأقلم مع السياسات والأيديولوجيات القائمة، لذلك بدأوا في البحث عن وسائل للتوفيق بين الشورى والديمقراطية والحرية والحداثة.


وأضاف المقال أنه على الرغم من ذلك، لم يراجع الإخوان المسلمون موقفهم من استخدام العنف كأداة لا غنى عنها، بل قاموا بدلًا من ذلك بإعادة هيكلة نمط الجهاد العنيف عن طريق اختراق وتغيير المجتمعات من خلال ما سموه "الجهاد الحضاري".


دعم الإخوان للجماعات الإرهابية
وعن بداية دعم الإخوان للجماعات الإرهابية، أوضح المقال أن ذلك يعود إلى بداية الثمانينيات، حيث تبنت جماعة الإخوان خطابًا ثنائيًّا متناقضًا، وهو تمسكها الشديد بأجندتها الأساسية التي ترفض النظم الحديثة، بالتزامن مع اعتناق الإصلاح وقيم الديمقراطية.


وأضاف أنه في هذا الوقت، بدأت جماعة الإخوان الإرهابية طريقًا جديدًا تمثل في دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تنشر العنف تحت لواء ما سموه "الجهاد المقدس"، وضمنوا استراتيجيتهم في وثيقة سرية صيغت في عام 1982، وتضع الوثيقة خطة طويلة الأجل لإقامة دولة إسلامية، بالإضافة إلى استراتيجية متعددة المراحل للسيطرة على مواقع القوة الإقليمية من خلال التسلل إلى مراكز قيادية داخل مؤسسات الدولة فيما يعرف بـ"التمكين".


وتمثلت العناصر الرئيسية لهذه الوثيقة في: حماية دعوة الجماعة بالقوة اللازمة لضمان أمنها على الصعيدين المحلي والدولي، والتواصل مع جميع الحركات الجديدة المشاركة في الجهاد، في كل مكان على هذا الكوكب، ومع الأقليات المسلمة، وإنشاء روابط حسب الحاجة لإقامة ودعم التعاون، والحفاظ على واجب الجهاد في جميع أنحاء الأمة الإسلامية.

نماذج من أذرع الجماعة المسلحة
استعرض العدد الجديد من المجلة أيضًا نماذج للجماعات المسلحة للإخوان المسلمين الإرهابية، وبعض النماذج لاستخدامهم العنف المسلح، فتحدث المقال عن رغبة حسن البنا التي أبداها في إنشاء أذرع للدفاع عن التنظيم وتحقيق أهدافه فأسس "الجوالة"، وانضم إليها حوالي 45 ألف كشاف يتم تدريبهم عسكريًّا، وذلك بالمخالفة للقانون المصري لسنة 1938م الذي يحظر إنشاء كيانات شبه عسكرية.


وأضاف المقال أنه في عام 1940م شكلت جماعة الإخوان الإرهابية جناحها السري المعروف باسم "الجهاد الخاص" أو "الجهاز السري"، وكانت المهمة الأساسية لهذه الوحدة، وفقًا لمحمد مهدي عاكف، هي تدريب مجموعة مختارة من أفراد الجماعة للقيام بمهام خاصة، والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي.


وكان الهدف المعلن وراء إنشاء الجهاز السري هو محاربة البريطانيين واليهود، إلا أن الواقع أثبت أن تشكيله جاء لحماية الجماعة وتخويف خصومها ومنع الانشقاق فيها.. وتحت قيادة السندي، شن الجناح العسكري لجماعة الإخوان حملة من الاغتيالات ضد الشخصيات السياسية والصحفيين والكتاب.



دعم الجماعات المسلحة خارج مصر
أما فيما يتعلق بمشاركة الجماعة في القتال خارج حدود مصر، فذكر المقال أنه في عام 1964 شاركت "طليعة القتال"، التابعة لجماعة الإخوان، في انتفاضة حماة، وقد ساهم هذا الأمر في تطور حركة متطرفة يقودها مروان حديد، وهو عضو شاب متطرف في جماعة الإخوان، وشكل جماعة متطرفة محلية معارضة لحزب البعث الذي وصفه بـ"المرتد"، والذي كان يحكم سوريا في الستينيات وأوائل السبعينيات.


وبعد إلقاء القبض على "حديد" وموته في السجن، قامت الخلايا المسلحة التي دربها، والتي انتشرت في جميع أنحاء سوريا، بعمليات انتقامية من خلال الشروع في سلسلة من الاغتيالات ضد كبار ضباط الأمن ورجال الدولة، التي تطورت في النهاية إلى هجمات إرهابية عشوائية ضد المدنيين العلويين في سوريا.


وحديثًا في مصر، وبعد أن سعت جماعة الإخوان الإرهابية إلى اختطاف مكاسب ثورة 25 يناير بعد عام 2011، لم يدخروا أي جهد للتسلل إلى مؤسسات الدولة للاستيلاء على السلطة عن طريق الاحتيال والخداع الانتخابي، وعندما فازوا في نهاية المطاف بالانتخابات الرئاسية، أكد مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان سلطته من خلال اتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية التي عزلت الناس تمامًا ودفعتهم إلى القيام بثورة ثانية ناجحة ضد جماعة الإخوان الحاكمة ومكتب الإرشاد التابع لها.


وأشار المقال إلى أن جماعة الإخوان حاولت استعادة حكمهم وإعادة محمد مرسي، رجلهم في السلطة، عن طريق إثارة الفوضى والعنف والإرهاب، وظهرت في نهاية المطاف العديد من الحركات المتطرفة والإرهابية كفروع للإخوان الإرهابية، ومن بينها حركة "لواء الثورة" عام 2016 التي قامت بعدد من العلميات الإرهابية الانتقامية، منها اغتيال العميد عادل رجائي، قائد الفرقة 9 مدرعات بدهشور، ومحاولة تفجير مركز تدريب للشرطة في مدينة طنطا.


كما تحدث المقال عن "حركة حسم"، إحدى الأذرع الإرهابية لجماعة الإخوان، التي ظهرت عام 2014، وقامت باستهداف عدد من قوات الأمن والشخصيات العامة والقضائية، منها محاولة الاغتيال الفاشلة لفضيلة الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، عام 2016، ومساعد النائب العام زكريا عبدالعزيز في العام نفسه.

الإخوان وعلاقتهم بداعش والقاعدة
وحول تواصل جماعة الإخوان مع الجماعات الإرهابية مثل داعش، بيَّن المقال أن هناك العديد من الأدلة على ذلك، من بينها تصريح محمد البلتاجي، العضو البارز في جماعة الإخوان المسلمين، عقب ثورة 30 يونيو، بأن العنف المستمر في شبه جزيرة سيناء سينتهي بمجرد رجوع مرسي.


كما انضم عدد كبير من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية إلى صفوف تنظيم "داعش"، خاصة بعد إعلان محمد مرسي عن تأييده للجهاد في سوريا، وبعد الإطاحة بمرسي وظهور داعش، أكدت تقارير ميدانية عديدة وجود الكثير من شباب الإخوان المسلمين في صفوف داعش في كل من سوريا والعراق.

وأخيرا.. ألقي القبض على الإرهابي هشام عشماوي الذي تسلمته مصر مؤخرًا بعد اعتقاله في ليبيا.. كان عشماوي يخاطب مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين في رسالة فيديو بعنوان "لكي لا تأسوا ولا تحزنوا" حيث حثهم على استخدام العنف وشن حرب ضد الدولة المصرية، كما حثهم عشماوي على ضرورة استهداف رجال الشرطة والجيش، وشرح لأعضاء جماعة الإخوان كيف يقومون بالتواصل مع الجماعات الإرهابية، سواء للانضمام إلى صفوفها أو لتنفيذ هجمات فردية كذئاب منفردة.