رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجدد الخلاف بين أساتذة الأزهر وإسلام البحيري حول ضرب المرأة الناشز

جريدة الدستور

خرج بعض أساتذة الأزهر للرد علي مقال إسلام البحيري حول قضية ضرب المرأة الناشز، الذي نشره خلال الساعات الماضية.

من جانبه عقب الدكتور محمد جمعة عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر في رده على ما قاله إسلام البحيري في قضية ضرب المرأة الناشز قائلًا: إن النشوز الذي ذكر في القران في قوله تعالى " واللاتي تخافون نشوزهن" ليس قاصرا على مقدمات الفاحشة، والضرب غير المبرح أثبته أ. إسلام في حجة الوداع فأين التناقض التراثي؟!.

وأضاف جمعة قرأت مقال الأستاذ إسلام بحيري الطويل نسبيا، والذي أتحفنا به كالعادة وها هو يثبت لي ولكل محبيه في كل مقالاته أن الغرض الوحيد له هو الطعن في المفسرين والفقهاء والمحدثين؛ لكن الغريب الشيق في هذا المقال أن الأستاذ بدا متناقضا مع تراثه هو شخصيا وليس مع تراث الأمة فقط فها هو يحتج بالسنة النبوية بالبخاري ومسلم اللذين طالما شبعا نقضا واستهزاء فيما سبق، ولكن لا بأس من الاحتجاح بهما أو برأي الباحثة الأمريكية (لا لا) إذا كانت كل الطرق تؤدي إلى بيت ليلى وليلى هنا هي إثبات أن المسلمين المعاصرين والعلماء المتخصصين قد بنوا إسلامهم شريعة وعقيدة وأخلاقا فهما وعملا على ذلك الفهم التراثي السقيم للدين، هذا الفهم الذي ورثوه عن المفسرين والفقهاء والمحدثين.

وتابع قائلا: على أن المقال لم يقصر فجمع التناقضات كله في وجبة واحدة لا تصلح لصائم ولا لمفطر فقد تناقض مع نفسه فهو يثبت الضرب غير المبرح في الحديث الذي قال بصحته وقال إنه يفسر معنى النشوز والحديث صحيح وفيه إثبات لضرب المرأة من قبل زوجها ضربا غير مبرح كما هو في النص بحروفه ثم يعود لينفي الضرب مطلقا في آخر المقال ليتوافق من عنوان المقال !.

وأوضح عضو هيئة التدريس أيضا أثبته بعدم قبوله قول الطاهر بن عاشور ولا الباحثة الأمريكية ( المسلمة) (لا لا) ليأتي في النهاية بعد إثباته الضرب في الحديث واختصاصه عنده بحالة خاصة من النشوز (وهي مقدمات الفاحشة) فينفي الضرب كله وهذا التناقض طبيعي لأن الغرض لم يكن بيان المراد بالنشوز في الآية ولا الضرب فيها وإنما كان الطعن في المفسرين فسقط في إشكالية التناقض الاستدلالي.

كما أنه أراد في سبيل هدفه النبيل ( الطعن في التراث) لتبقى شجرة المسلمين بلا جذور في مهب رياح التغريب العاتية، فقصر النشوز على بعض معانيه ولم يأت بما يدل على أنه خاص بمقدمات الفاحشة فالذي ورد في الحديث الشريف الوارد في حجة الوداع هو بيان لبعض صور النشوز وليس في النص مطلقا ما يفيد قصر النشوز على هذا الفعل فقط بل في كلام الباحث ما يدل على النقيض وهو نشوز الرجل الذي أكد أنه بعينه نشوز المرأة ثم قال هو نفسه أن بينهما فرق فإن المرأة لا تجمع بين رجلين بأي شكل مشروع فأثبت بنفسه توسع معنى النشوز من حيث أراد إثبات العكس.

واستطرد قائلا: ثم لم يخبرنا الباحث الهمام ماذا يكون الحل في مخالفة أمر الزوج أو الاستعلاء عليه في القول وغيرها مما فسر به المفسرون معنى النشوز ما دام لم يدخل في مفهوم الحل القرآني الوارد ؟!. وهل سمع المرأة لزوجها وطاعتها له بالمعروف معصية لا سمح الله. حتى يوردها مورد السخرية من المفسرين وأقوالهم. أم على الزوج أن يصبر حتى تصل الأمور إلى مقدمات الفاحشة ليبدأ في تنفيذ التفسير الجديد ؟!.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور علي محمد الأزهري عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر إن قضية ضرب الزوجة وذلك بقصد تأديبها في حالة النشوز؛ قضية أقرها القرآن، ولم يأت بها فضيلة الإمام من عند نفسه، بل ساق الآية وبدأ يبين معناها، فاستغل البعض سياسة الاجتزاء ثم قاموا باجتزاء الكلمة، وقد اتضح من خلال هذا القطع أن الإمام يحرض على ضرب النساء، وهذا بالطبع لم يحدث، ففي آية سورة النساء دعوة صريحة لمعاقبة الزوجة الناشز، قال الله تعالى (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).

وأضاف الأزهري أنه في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف، كما قال الإمام النووي مبينًا حدود الضرب وواصفًا إياه: أما الضرب المبرح، فهو الضرب الشديد الشاق، ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق.


وتابع قائلا: ذهب الإمام الشافعي إلى كراهية الضرب وإن كان مباحًا وتركه أولى، فقال عن جواز ضرب الناشز للتأديب: ولو ترك الضرب كان أحب إلي، لقول النبي صلى الله عليه 8وسلم: لن يضرب خياركم، وقال الخطيب الشربيني من كبار فقهاء الشافعية: إنما يجوز الضرب إن أفاد ضربها في ظنه، وإلا فلا يضربها كما صرح به الإمام وغيره.

وأوضح أن صفة الضرب أنه يجب أن يكون على النحو الآتي: أن لا يكون الضرب إلا عند النشوز من المرأة واتباع التدرج القرآني الموعظة أولًا، ثم الهجر في الفراش، ثم المرحلة الثالثة الضرب، وغير مبرح أي الضرب الخفيف، ومن المعلوم أن أي فعل يصدر من الزوجين يؤثر نفسيًا في أحدهما.

وتابع: وأن لا يقبح الوجه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا، وأن يستخدم شيئًا خفيفًا في الضرب مثل السواك أو ما في مقامه، تجنبًا لإيلام الزوجة وعدم إحداث أي إصابة لها، أو عاهة كما يفعل بعض السفهاء، وأن لا ينال منها بالسب وغيره، فالمسلم لا يجوز له أن يسب غيره، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا فقال سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، وأن يتوقف عن هذا الأمر إن حدث ما يوده من إصلاحها وتهذيبها عند النشوز.

واختتم الأزهري قائلا: إن الإمام ما قال بدعًا من القول في هذه القضية؛ وإنما بين ما جاء به الشرع الحنيف، لكن يبدو أن هناك فريق اعتاد الطعن والتشكيك في الشرع الحنيف، فلم يسلم منهم الشرع ولا علماء الأمة.