رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطيئة دعاة التشدد.. أفكارهم قادت الشباب لمعاقل الإرهاب وأوكار الإلحاد

جريدة الدستور

أثر دعاة الفكر المتشدد والمتطرف علي الشباب بشكل كبير فهم الدعامة التي كانوا يرتكزون عليها، مبدعين في إيجاد أدوات لاستقطابهم، مرددين دائما في دعوتهم كلمات العذاب والخوف والترهيب.

هذه الكلمات أحدثت حالة من الفزع والخوف لدي الشباب مما أدي إلي انقسامهم لفريقين فريق ألحد وخرج عن الدين نهائيا بسبب الاستبداد الديني والفتاوي الشاذة والمتطرفة.

وآخر انضم للجماعات الإرهابية بدافع الجهاد وعودة الخلافة الإسلامية مرة آخري. "أمان" بادرت بطرح سؤالا: كيف آثر دعاة الفكر المتشدد علي الشباب؟ وكيفية علاجهم والتخلص من تلك الأفكار، وعودتهم إلي الدين الوسطي المعتدل.

إلحاد مقنع

وقال الدكتور حسام بدر أستاذ الأديان بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، باختصار أثر دعاة التشدد والغلو علي الشباب في عدة أمور منها: لقد أدى التشدد في بعض الدول إلى حالة من النفور جعلتهم يميلون ما يمكن أن أطلق عليه الإلحاد المقنع.

وأضاف في تصريحات لـ"أمان": لا يقتصر الأمر عند الإلحاد المقنع فقط، بل حدث لدي بعضهم تخبط، وأصبح الشباب في حالة من الحيرة في أمر جدوى الدين، والأمر ليس عن مصر ببعيد ينتج عن ذلك أما تعصب مقيت أو كره للدين أو لقيوده.

قواميس العذاب

ويري الدكتور أحمد عشماوي، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الدعوة لها رجالها الأكفاء، فهذه مهمة كبرى تحتاج إلى كياسة وفطنة وحكمة بالإضافة إلى المؤهلات العلمية التي من خلالها يستولي الداعية على العقول ويمسك بتلابيب القلوب.

وقال عشماوي: عندما تصدر للدعوة أئمة ودعاة متشددون ليس عندهم من الرأي إلا المشقة والتكفير، ولا يوجد في قواميسهم كلمة الرحمة، بل تصدر كلمة العذاب والترهيب، وجهنم عندهم وافر فليس عندهم إلا جانب التشدد، وبلا شك أن هذا يؤدي إلي نتيجة عكسية سلبية يبرأ الإسلام من هؤلاء وهذا ما ظهر جليا في أيامنا هذه أيام الفتن والتقلبات السياسية والتغيرات الاجتماعية.

الفتاوي المتشددة 

وأضاف في تصريحات لـ"أمان": أن التشدد والخطأ في الفتوى يساعد أيضا على الصد عن سبيل الله، وعلى الدولة أن تضرب بقبضة من حديد على يد كل من انحرف في فتواه، لأن الفتوى من الخطورة بمكان فإذا انحرفت كانت الخسائر فادحة وعلى الجميع أن يتورع عن القول فيما يجهل.


برامج دعوية وسطية الحل

وطالب عشماوي الشعوب بضرورة ترك جانب الدعاة المتشددين بالتزامهم مدرسة الأزهر الوسطية، وإطلاق العديد من البرامج الدعوية التي توضح للناس علوم الدين السمحة من خلال دعاة الوسطية، وعقد ندوات ومؤتمرات للشباب لمراجعة فكرهم مرة آخري.

دعاة غير مقدسين

أكد الدكتور رضا عكاشة، أستاذ ورئيس قسم الصحافة، بكلية الإعلام، بجامعة مصر، أن الأفكار المتشددة عند بعض شريحة من شباب العالم الإسلامي قد التصقت ببعض المذاهب الدينية في كثير من الأحيان.

وأضاف في تصريحات لـ"أمان": أن دعاة التشدد أنفسهم ينبغي أن يقفوا أمام أنفسهم ويراجعوا بعض مواقفهم العامة في سياق النص الشرعي الثابت ومصلحة المجتمع وترتيب أولوياته الملحة.

مشيرًا أن أخطر ما يمكن أن يواجه بعض الشباب هو التعصب للأشخاص أكثر من فهمهم للفكرة نفسها، وعليه فإن تبيني كل ما يقوله الداعية فلان أو يرفضه الداعية فلان هو في الحقيقة الصورة البسيطة للتطرف، لأن التطرف في معناه تبني وجهة نظر آحادية دون الالتفات إلي وجهات النظر الأخري

وأوضح عكاشة أن جميع الذين يرصدون المواقف الدينية سواء علي مستوي الشعوب أو مستوي الدعاة ينبغي أن يدركوا أن لا أحد مقدس أو لا يمكن مناقشته، فكافة الأفكار ينبغي أن تكون في إطارها الصحيح ويمكن أن يؤخذ منها ويرد سواء في الفكرة الدينية أو القومية أو السياسية العامة

وطالب أستاذ الإعلام مؤسسات الدعوة بشكل عام، وفي مصر والسعودية بشكل خاص بضرورة عقد مؤتمر مغلق بين عدد من رموز الفكر الديني ليرصدوا مصدر الخلل، وهل هو في فهم النص أم في فهم بعض الشباب لأفكار العلماء أم ثمت خصم خارجي يدفعنا جميعا لأن نرمي أنفسنا بالتطرف ونطرق المتطرف الآخر الذي هو أشد قساوة من تصرفاتنا.

الأزهر هو الحل

ومن جهتها، قالت الدكتورة عزيزة الصيفي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، نحتاج إلى مشروع كبير لمحو الأفكار المتشددة التى تغلغلت فى أذهان شباب المسلمين، لأنها تحض على العنف والإرهاب والكراهية، وتكفير كل من يخالفهم الرأي.

وقالت الصيفي أن أجهزة الدولة الآن، وزارة الأوقاف والأزهر يعدون دعاة معتدلين ويراقبون المؤسسات الدينية والمساجد لوقف الفكر التكفيرى والمتشدد والشاذ المضلل لفئة من الشباب يصبحوا بعد ذلك قنابل موقوتة تصيب المجتمع.

وطالب بضرورة تضافر الجهود لوقف كل فكر ضال يدعم الإرهاب خاصة أئمة المساجد، والزوايا المنتشرة فى ربوع البلاد، لافتة لابد أن نسعى ﻻقناع الدول التى بها تطرفا فكريا أن تكثف الجهود، وأن يتضامن الجميع لمعالجة هذا الابتلاء بشتى الطرق. 

الاستبداد الديني

وقال البراء العوهي، الكاتب السعودي في بحث له نشره علي موقع المقال في عام 2012 بعنوان" لماذا يلحد بعض شبابنا؟" أن الغالبية العظمى ممن ألحدوا -في مجتمعنا، كان إلحادهم ردة فعل نفسية من التشدد الديني والاجتماعي!، التطرف الديني والتشدد الاجتماعي الذي يتربى عليه الشخص يؤدي به إلى نفور من الدين والتدين.

ويري العوهي لذا نجد كثيرا من هؤلاء الذين ألحدوا قد تربوا في بيئات دينية أو اجتماعية متشددة، بل إن بعضهم قد حفظ القرآن وتعلم الدين وربما تتلمذ على بعض المشايخ ثم صار به الحال إلى الإلحاد!، من المهم أن يدفعنا هذا إلى التساؤل والبحث عن الخلل الذي أدى لمثل ردات الفعل هذه.

وأضاف: أنه من الإشكالات التي يسببها التطرف الديني أنه يربي الأشخاص على التطرف والحدية في تبني الآراء فتجد أن عقلية هذا الشخص تتشكل بهذه الطريقة، وحين تتغير بعض أفكاره ويرتبك أمام بعض القضايا أو التساؤلات فإنه يتطرف بالاتجاه المقابل ويتخذ موقفا معاديًا للدين والتدين، وهذا ملاحظ لدى بعض من سلكوا طريق الإلحاد.

وأشار أن الاستبداد الديني بدوره أنتج نفورا من الدين والتدين فحينما يكون الدين خاضعا لسلطة دينية مقدسة ومستبدة، وقد تُوظَّف بوصفها ورقةً داعمة للاستبداد السياسي، فإن هذا قد يدفع الشخص لاتخاذ موقف من الدين نفسه!

وأوضح أنه من المسائل المهمة أيضا هي أن طبيعة الخطاب الديني عندنا تدفع الشخص لأن يعتقد أو يفترض بأنه سيوقن بكل شيء، التربية على اليقين (في كل شيء) لها تأثير سلبي، فبمجرد أن يدخل الشك في مسألة تبدأ المسائل كلها تنفرط لأنها بذات الدرجة من اليقينية! وهكذا يصبح الشك أو الارتباك أمام بعض القضايا سببا أو دافعا.

وتابع: لأن يشك هذا الشاب في كل شيء، وهذا أمر خطير، عدد من هؤلاء الذين ألحدوا كانت شرارة الإلحاد بالنسبة لهم هو أن إحدى المسائل التي تربوا على أنها مسألة يقينية ومحسومة اكتشفوا أن فيها خلافا شديدًا بين أهل الدين أنفسهم، فشعروا بأنهم كانوا مخدوعين أو أن ما تربوا عليه وغرس في عقولهم كان خاطئًا، وربما كانت هذه المسألة فقهية وبسيطة كمسألة اللحية أو الإسبال أو صلاة الجماعة ولكن هذا ما يحصل فعلا لدى البعض!

محو الأمية الدينية

وقال الدكتور أحمد البصيلي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، إن مجتمعاتنا في أمس الحاجة إلى رؤية مؤسسية متضامنة، ونظرة مجتمعية واعية، وجهود علمية متكاملة ومتراكمة، ووعي وسعي دعوي وثقافي ترعاه الدولة والأمة، لحماية شبابنا وتحصينهم ضد الانزلاق إلى منحدر التطرف المقيت، والإرهاب الأسود المميت.

وأضاف في تصريحات لـ"أمان": إن أوجب واجبات المرحلة الآنية، التي تعيشها الأمة ويحياها العالم، هو محو الأمية الدينية في المقام الأول، حتى تحيا الأوطان في بيئات صحية، محميّةٍ من براثن الإرهاب، وجراثيم الإلحاد، ومستنقعات الغلو والتطرف. 

المراقبة والمتابعة والإرشاد

 

وقال، محمد حبيب الباحث المتخصص في تعديل السلوكيات التربوية المتطرفة باستخدام مهارات التنمية البشرية: أن هناك كثير من الحلول العلاجية والوقائية للتخلص من الأفكار المتطرفة، أبرزها: العمل على إخراج المتطرف من بؤرة الفكر الخطأ بنفس الطرق التى دخل بها وهى إقناعه بخطأ ما يعتنقه بأدلة مباشرة باستخدام الدليل وعن طريق فعل السلف الصالح المعتدل.

 

إضافة إلي  الانطلاق من والتأكيد على مرجعية القرآن والسنة الصحيحة عند الكلام معه لتكون أرضية مشتركة بين جميع الأطراف، إثارة الشكوك وعلامات الاستفهام عنده بعرض مخالفات أفكاره للفعل الصحيح للنبى (صلى الله عليه وسلم) والصحابة والتابعين والإثبات له بأنه يخالف السلف الصالح.


وطالب حبيب بضرورة بيان الجوانب السلبية والسيئة للفهم الخاطئ لأحكام الإسلام عند غير المسلمين، وبيان أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يأخذ ذلك فى الاعتبار، حث الشباب على أخذ الدين من منابعه الأصلية، مع توفير الدولة لمنابع متاحة وسهلة.

 

وناشد حبيب الأسرة بإرشاد الشباب إلى حسن اختيار الصحبة مع تنمية مهاراتهم في التفكير السليم والأخلاق الحميدة، ومراقبة الأسرة والدولة لمواقع التواصل الاجتماعي، مع التعاون الدولي لحجب محتويات التطرف ، وكذلك التعاون الدولى في وقف الصراعات المسلحة في العالم.