رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انفراد.. القصة الكاملة لـ "مبادرة الشباب المستقل بالسجون المصرية" الداعية للتبرؤ من الإخوان

جريدة الدستور


يقودها قيادي سابق في الجماعة الإسلامية... تدعو للوقوف خلف الدولة ضد المؤامرات الدولية.. وتسعى لتأهيل سجناء الإسلاميين للاندماج في المجتمع من جديد


ظهرت مرة أخرى داخل السجون مبادرات من شباب التيارات الإسلامية والتي تدعو إلى المراجعات الفكرية لكل سجناء التيار الإسلامي عن الأخطاء الذي وقعوا فيها بسبب دعمهم لجماعة الإخوان الإرهابية، والتأكيد على رغبتهم في العودة إلى حضن الدولة.

أهم وأشهر هذه المبادرات تلك التي تعرف باسم "مبادرة الشباب المستقل بالسجون المصرية" والتي يقودها أحد شباب التيار الإسلامي والذي يدعى محمد الريس والذي كان أول من حاول ترسيخ هذه المراجعات في السجون منذ عام 2016 لولا ظروف محاكمته التي كانت سببا في تأجيل إطلاق المبادرة لتنقله بين السجون وعدم استقراره في أي سجن.

القصة الكاملة للمبادرة

للتعرف أكثر عن هذه المبادرة، تحدثت "أمان" مع المحامي القائم عليها وهو محامي السجين محمد الريس الذي فضل عدم نشر اسمه والذي قال عن المبادرة: بداية تلك المبادرة كان في نهاية عام 2016 بسجن بنها العمومى، صاحبها ومطلقها هو الأستاذ محمد الريس مسجون سياسي وحاصل علي ليسانس الحقوق جامعة القاهرة ومعتقل سابق لمدة 8 سنوات في عصر مبارك ويتمتع بحسن الخلق ولباقة الحديث والقدرة علي الإقناع ومناظرة الافكار المنحرفة، وقد قام الاستاذ محمد الريس بعرض فكرته علي مجموعة من الشباب المنتمى الي عدة تيارات فكرية منهم الفكر الإخوانى والسلفي ومنهم من كان منتميا لفكر القاعدة وكان قاضيا شرعيا في إحدى البلاد التى تحولت فيها الثورة هناك الي ثورة مسلحة وعرض عليهم فكرة المراجعات الفردية وتقييم التجربة التى خاضوها بكل ادبياتها ووسائلها.

وأضاف: المبادرة قامت بالتواصل بقيادات الإخوان وما يسمى تحالف دعم الشرعية لسؤالهم عن تصورهم للحل والخروج من الأزمة فلم يجدوا ردودا شافية وكان الأستاذ منتصر الزيات المحامي وسيطا بينهم وبين قيادة الإخوان الهاربة في تركيا وأبلغوه أنهم لا يملكون أي حل حالي وأنهم ينصحون الشباب بالصبر داخل السجن حتى يأتي النصر من الله، الأمر الذي جعل شباب المبادرة يدركون أن من يتصدرون المشهد في الإخوان لديهم عقما في التفكير وليس لديهم تصور للحل.

وتابع: وبإستقراء الحال وما يدور في منطقتنا العربية من تمزيق للدول وتفتيت مؤسساتها لصالح قوى دولية وإقليمية ولصالح رأسمالية الكوارث التى تقتات بها القوى الكبري وتنهب ثروات الشعوب بتلك الرأسمالية الدموية والتى تسمح لمافيا السلاح ببيعه لاطراف الصراع فيضمنون تكافىء القوى لإستمرار الصراع وبالتالي ينهبون ثروات البلاد من آثار و بترول وتنشط تجارة الأعضاء لضحايا الصراع المسلح، كل هذا كان سببا في التحول لمناصرة فكرة الدولة الوطنية والحفاظ عليها و عدم تفتيت مؤسساتها وأن هذا واجب شرعي مهما كان الخلاف مع قيادة تلك البلد ومهما كان هناك مظالم ارتكبت بحق ابناء التيار الإسلامى ونحن نري دولا بالجوار تحن لديكتاتورية حكامها السابقين من هول المأساة والفوضى التى اجتاحت تلك الدول وانهيار مؤسساتها وانتشار للفكر التكفيري المنحرف كالنار في الهشيم فسالت الدماء وانتهكت الأعراض واستبيحت الأموال بدعوى تطبيق الشريعة وما اشبهة الليلة بالبارحة عندما خرج علي صحابة رسول الله صلي الله علية وسلم أحداث الأسنان وسفهاء الأحلام يقولون لصحابة خير الأنام إن الحكم إلا لله ورفعوا المصاحف بدعوى تطبيق شرع الله وخرجوا بالسلاح علي سيدنا علي رضى الله عنه وكفروا اغلب الصحابة بتلك الفكرة الضالة والبدعة المحدثة والله تعالي ورسوله صلي الله علية وسلم برىء من خوارج العصرين السابق والحالي مهما كان هناك تقصيرا من الحكام في تطبيق الشريعة فشريعة الله تعالي جاءت لتحقيق مصالح العباد ولحفظ مقاصد خمسة (حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العرض وحفظ العقل وحفظ المال) ولم نجد في تلك الصراعات الا انتهاكا وتضيعا لتلك المقاصد وعدم الحفاظ عليها.

واستطرد المحامي في تصريحاته قائلا: وفقا لكل ما سبق تؤكد مبادرة الشباب المستقل بالسجون المصرية علي أنها فكرة لحفظ مقاصد الشريعة الخمسة الدين والنفس والعرض والعقل والمال كما أنها توضيح للمؤامرة العالمية وتعرية مفهوم رأسمالية الكوارث التى تمارس ضد دول المنطقة العربية ونهب ثروات البلاد، وهي رؤيا واقعية للخروج من الأزمة في ظل عقم التصورات من أطراف الصراع وخاصة قادة التيار الإسلامى الذين يفتقدون الرؤيا والحلول ويفتقدون الشجاعة والإعتراف بالخطأ وأن مهمة قيادة بلد بحجم مصر كانت أكبر من قدراتهم ونقول لقادة هذا الوطن هناك ظلم ومظالم وقعت لأبناء التيار الإسلامى فهناك مظلومين كثر في السجون بسبب توسيع دائرة الاشتباة وهناك أحكام مشددة بالنسبة لحجم الخطأ المرتكب لأعداد كبيرة من الشباب وهناك خطأ فادح لوضع الشباب في سلة واحدة فأصبحت السجون مفرخة للأفكار المنحرفة وتبادل الخبرات الضارة فاين واجب الإصلاح والتهذيب الحقيقي في السجون؟ وأين معالجة الافكار ومواجهتها بالفكر والمنطق؟.

ومن أهداف المبادرة وفقا للمحامي تأهيل الشباب داخل السجون للخروج إلى المجتمع نافعين مصلحين لبلادهم كل في تخصصة فغياب الدولة وعدم احتضانها للشباب هو حضور للجماعات الضالة والأفكار المنحرفة، هذا بجانب مواجهة الفكر التكفيري المنحرف وأفكار الخروج علي الحكام بالسلاح والقوة ووضع حدا لتكرار تلك التجارب في المستقبل، وكل هذا سيتم من خلال تفعيل مادة العدالة الانتقالية والمصالحة الشاملة التى نص عليها الدستور المصري وتقنين العفو الشامل وبعدها تساعد المبادرة في وضع خطة لتوظيف الشباب ومد يد العون لهم بعد الخروج من السجون حتى لا يقعوا فريسة للأوضاع الصعبة والحالة الاقتصادية للبلاد وخاصة بعد غيابهم لسنوات عن الحياة العملية.

واختتم المحامي تصريحات قائلا: وفقا لهذا كله تدعو المبادرة الجميع إلي كلمة سواء بحيث نطوى صفحة الماضي ونصطف صفا واحدا لمواجهة التحديات خلف قيادة قوية وواعية حتى لا ياتى يوم نبكى فيه كالنساء علي وطن لم نحافظ علية كالرجال.

نص المبادرة

بدأ شباب المبادرة بقيادة محمد الريس في صياغة هذه المبادرة على شكل أسئلة وأجوبة للبدء في توزيعها على السجناء في السجون، وقد حصلت "الدستور" على نص ما تم توزيعه في السجون من بيان شامل يتحدث عن المبادرة، حيث جاء في البيان ما نصه: هناك فرق كبير بين اقرارات نبذ العنف الموجودة في أكثر من سجن كسجن الاستقبال بطرة وسجن القاهرة بطرة وسجن ليمان طرة وهناك سجون أخري وتقوم فكرة الإقرارات تلك علي نبذ العنف والتبرأ من الأفكار المتطرفة وهذا العمل يكون بشكل فردي من المساجين السياسين ودون اى اتفاق مع الاجهزة الأمنية ولا وعود وليس لأصحاب تلك الإقرارات تصور أو حل جماعي للأزمة ولا توجد لديهم مراحل ولا وسائل مناسبة لتلك المراحل وليس لتلك الإقرارات هيكل منظم ولا تعترف الدولة بمسمى مبادرة لهم، بخلاف مبادرتنا التي تعتبر خطة وتصور عملي للخروج من الأزمة بدأت بتقييم التجربة الفاشلة ثم الاشتباك مع الأفكار المنحرفة ثم التصحيح والمراجعة و اعتماد فكرة الإعتراف بالخطأ وفك الإرتباط بأي جماعة أو تنظيم والعودة لأحضان الدولة الوطنية وعدم الانجراف لمخططات هدم المؤسسات ثم تصور للتأهيل داخل السجون ثم تصور عملي لما بعد خروج الشباب والإندماج في المجتمع وتوفير كل الدعم لعودة الشباب للحياة العملية.

وأضاف محمد الريس قائد المبادرة في بيانه: مبادرتنا هى محاولة للضغط علي اطراف الصراع فهى ضغط علي التيارات والجماعات التى أوصلتنا إلي هذا المشهد المزرى والبائس كما أنها محاولة بالضغط الدستوري علي الدولة لقبول المراجعات الفكرية واحتضان الشباب العائد والمعترف بخطأ التجربة وتفعيل مادة العدالة الإنتقالية وتقنين العفو الشامل، وهى محاولة لتكوين رأى عام يتقبل الفكرة ويرحب بها ويساندها وقد بدا ذلك في طرح المبادرة في وسائل الإعلام وعلي القنوات الفضائية وفي مواقع إليكترونية عديدة، وهى محاولة لضم متعاطفين للفكرة سواء حقوقيين واعلاميين ونواب برلمان، وهي عمل جماعي منظم له هيكل أفراده وكوادره يتوفر فيهم الأمانة والكفاءة للوصول الي الهدف المنشود بأقصر الطرق وأقل وقت ممكن.

وتابع: هى خطة عملية لثقة الأجهزة الأمنية والدولة بصدق التوجه وصدق المراجعات لأفراد المبادرة وليس كلاما وإقرارا خطيا قد تصاحبة التقيه أو المراوغة كما حدث في إقرارات التوبة في تسعينات القرن الماضى عندما تم الإفراج عن بعض الشباب من السجون وقاموا بالإلتحاق بالجناح العسكري لإحدي الجماعات رغم إقرارهم خطيا بنبذ العنف، لهذا نقول أن مبادرة الشباب المستقل بالسجون المصرية هى دعوة للإصلاح لجميع الأطراف وهى نداء إلي الجميع بالحفاظ علي الدولة ومؤسساتها والحفاظ علي الشباب وحفظ عقولهم فهم مستقبل هذا الوطن وثروته التى لا تنضب ونقول لكل العقلاء تعالوا نبدأ من حيث إنتهى الآخرون ومن حيث إنتهى الدرس ولنحفظ مقاصد شريعة الله بحفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال ولننظر لدول حولنا اصبحت أكواما من تراب في غفلة من اهلها يتمنون اليوم أن يعودوا بالزمن للوراء أو أنهم في كابوس مخيف ومفزع.

يتمنى القائمون على المبادرة في أن تتبنى الدولة مبادرتهم وأن توفر لهم شخصية أمنية بقيمة ومقدار اللواء الراحل أحمد رأفت نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة كي يتولى بنفسه الإشراف على المراجعات الفكرية في السجون، ولحبهم واحترامهم للواء الراحل قاموا بعمل أغنية له ونشروها على صفحتهم الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تقديا منهم لدوره السابق في إنهاء العنف في مصر في تسعينات القرن الماضي ورغبة منه في أن يظهر شخص جديد مثله ينهي على العنف والإرهاب في الفترة الحالية.

من هو محمد الريس؟

بعد إطلاقه هذه المبادرة من سجنه وبدءه فعليا في جمع عدد كبير من سجناء الإسلاميين لهذه المبادرة الداعية للعودة إلى حضن الدولة، توصلت "الدستور" إلى القصة الكاملة لـ "محمد الريس" صاحب فكرة مبادرة الشباب المستقل بالسجون المصرية وقائدها.

محمد الريس هو شاب محسوب على الشباب الإسلامي، تم سجنه عام 1995 وهو عمره 19 سنة فقط لانضمامه للجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد حيث اتهم بالمشاركة في أحداث العنف التي شهدتها مصر في هذه الفترة.

يعتبر الريس من أصغر الشخصيات الذين انخرطوا في الجماعات الإسلامية المختلفة حيث بدأ نشاطه منذ عام 1993 وهو في عمر 16 سنة حيث أسس جماعة متخصصة في جمع أموال لأسر المعتقلين وكان للجماعة 5 فروع في 5 محافظات مما جعل أمن الدولي يدعو للقبض عليه وعلى أسرته مما جعله يهرب دائما وقد ظهر على غلاف جريدة الشعب يشكو أمن الدولة في هذه الفترة لملاحقته وملاحقة أسرته.

كان من أوائل الخاضعين للمراجعات الفكرية داخل السجن حيث أصدر كتاب في سجنه عام 1995 تحدث فيه عن "الجماعة الإسلامية من المراهقة إلى النضج" يدعو فيه قيادات جماعته لضرورة خوض المراجعات الفكرية التي كانت مجرد فكرة في تلك الفترة مما كان سببا في هجوم أعضاء جماعته الشرس عليه.

خرج محمد الريس من السجن عام 2003 عقب المراجعات الفكرية التي أجرتها الجماعة الإسلامية عام 1997وكان عمره وقتها 27 عام ليتزوج وينخرط في الحياة الاجتماعية بعيدا عن الجماعات.

شارك في ثورة 25 يناير وكان من الرافضين لفكرة أسلمة الدولة حيث دعا للدولة المدنية وصوت بـ لا للتعديلات الدستورية، واختفى عن المشهد تماما حتى القبض عليه بعد ثورة 30 يونيو بتهم دعم جماعة الإخوان الإرهابية.

مصادر مقربة من الريس باعتباره القائم على المبادرة أكدت أن قيادات جماعة الإخوان الإرهابية في السجون عرضوا عليه 6 الاف جنيه شهريا تقدم لأسرته مقابل أن يتوقف عن الحديث عن المبادرة ولكنه رفض بشدة مما كان سببا في أن يهاجموه ، ووصل هجومهم في البداية إلى السخرية منه حيث سألوه عن نواقض الوضوء لإظهاره لا يفهم شيء في الدين كما يدعي ثم تطور الأمر إلى تهديده بالإيذاء ثم تسببوا في سجنه أكثر من مرة بسجن انفرادي من خلال الإبلاغ عنه
تشير المصادر التي رفضت نشر اسمها أيضا أن ثلث سجناء الإسلاميين في السجون المختلفة اقتنعوا بتلك المبادرة فور وصولها لهم، والبقية وبالأخصم ن شباب الإخوان لم يشاركوا في المبادرة بسبب خوفهم قطع المعاش الشهري الذي يحصلون عليه من الإخوان والذي يبلغ 1000 جنيه تسلم لأسرهم هذا بجانب مساعدة هذه الأسر في الانتقال من بيوتهم إلى زيارة أبناءهم في السجن عبر أتوبيسات تابعة للجماعة هذا بخلاف توكيل المحامين، كل هذا سوف يقف حال مشاركتهم في أي فعالية داخل السجن ضد أوامر الجماعة الإرهابية.