رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرصد الأزهر: تكفير داعش للمسلمين بسبب البناء على القبور مخالف للعقيدة

أرشيفية
أرشيفية

قال مرصد الأزهر لمكافحة الإرهاب إن عقيدة داعش يصبغها بصبغة الدِّين حتى تلقى قبولًا شرعيًّا عند أتباعه للقيام بأعمال إجرامية، لافتًا إلى أنه في عقيدة الدواعش ما يثير العجب، ومنها ما لا علاقة له بالعقيدة وهو من باب الفقه أقرب، ومنها ما هو خاص بالأمور الجِبِليّة، ومنها ما هو من العادات الاجتماعية، ومنها ما هو كذبٌ محضٌّ.

وتابع: هذه العقيدة قد أعلنها أحد قادة التنظيم ويدعى "أبوعمر البغدادي" فقال: "رمانا الناس بأكاذيب كثيرة لا أصل لها في عقيدتنا فادَّعوا أننا نكفر عوام المسلمين ونستحل دماءهم وأموالهم ونجبر الناس على الدخول في دولتنا بالسيف".

ثم عرض "أبوعمر البغدادي" عقيدته التي خلت من وجهة نظره من التكفير، فقال: "وعليه فهذه بعض ثوابتنا، تردُّ على تلك الأكاذيب، وحتى لا يبقى لكذاب عذر، أو لمحب شبهة: نرى وجوب هدم وإزالة كل مظاهر الشرك، وتحريم وسائله".

ورأى المرصد أن النقطة التي ينطلق منها الدواعش، ومظاهر الشرك التي يعنونها إنما هي المشاهد على قبور الصالحين والأولياء، ويدخل فيها أيضًا القبور المشْرِفة كما هو الحال في قبور أهل مصر، فهدم هذه القبور وإزالتها عندهم واجب؛ لأن ذلك في نظرهم مظهرٌ من مظاهر الشرك.

وأشار إلى أن مسألة القبور من مسائل الفقه التي يقال فيها (يجوز أو لا يجوز) وليست من مسائل العقيدة بحال، ولذلك ذكر الإمام مسلم هذا الحديث في باب الجنائز وهو من أبواب الفقه.

وأوضح الأزهر الرد على هذه المسألة من وجهة نظر العلماء، فقال: "إن الأصل أن يرتفع القبر بمقدار شبر فقط؛ ليُعرف ويُزار، أما ما زاد على ذلك، ففيه تفصيل تبعًا للمقبرة الموجود فيها، فإذا كان القبرُ في مقبرة موقوفة على المسلمين ولم يكن هناك ضرورة تستدعي البناء عليه كخوف سرقة القبر، أو نبشه أو نحو ذلك فلا يجوز البناء عليه لما فيه من التضييق على المسلمين، وحرمانهم من مكان القبر بعد أن يبلى الميت؛ لوجود البناء عليه، وهذا معتمد المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية والمالكية، والشافعية والحنابلة".

واستطرد حديثه: أما إذا كان القبر في مقبرة غير موقوفة، كوجوده في مِلك الميت، أو أحد أقاربه، فيكره البناء عليه عند جمهور الفقهاء، ونص كثير من الفقهاء على استثناء قبور الصالحين، لافتًا إلى أن فكرة البناء على القبر في نظر الفقهاء لم تكن لأمر يختص بالعقيدة، وإنما لشيء آخر، واستدلال الدواعش بالحديث السالف الذِّكر استدلالٌ في غير موضعه، كما أنه ليس لهم فيه حجة؛ لأن المقصود به قبور الكفار والمشركين، بدليل أنه ذكر التماثيل مع القبور.

وردًا على حكم الصلاة في المساجد التي بها قبرٌ لأحد الصالحين والأولياء، فقد ذهبوا إلى أنَّ الناس يذهبون إلى هذه المساجد لا لعبادة الله تعالى، وإنما تعظيمًا وعبادة للقبر، وهذا لعمري فيه مغالطات شنيعة، إذ ترتب على سوء ظنهم أن قام المتشددون من الجماعات الإرهابية بنبش وهدم مشاهد الأولياء والصالحين، وقالوا: إنَّ الصلاة لا تصح في المساجد التي فيها قبور، مؤكدًا أن الصلاة في تلك المساجد صحيحةٌ مقبولة. 

ولفت إلى أن تكفير داعش للمسلمين بسبب البناء على القبور مخالف للعقيدة منشأه الوهم في عقول المتشددين من جهة، والجهل بأقوال العلماء المعتبرين من جهة أخرى، لا سيما والأمر مختلف فيه بين الفقهاء بناء على طبيعة البناء، ولم يقل أحدٌ من العلماء بتكفير من أقام بناءً على القبر إلا من شذَّ عن إجماع الأمة من أمثال هؤلاء.