رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ننشر خطة داعش لغزو نيوزيلندا.. الحلقة (1)

جريدة الدستور

لم يكف تنظيم داعش عن أطلاق عبارات الوعيد والتهديد للدول الأروربية وخاصةً نيوزيلندا بعد الحادث الإرهابي الذي راح ضحيته 49 شخصًا فيما يرقد 48 آخرون في المستشفى بفعل بإصابات تتراوح بين الطفيفة والخطرة، وذلك بعد أن فتح يميني متطرف أسترالي الجنسية النار في مسجدين في مدينة كرايست تشيرش.

ورغم مرور أكثر من شهر على الهجوم الإرهابي الذي وقع في منتصف شهر مارس الماضي، إلإ أن داعش لم تنقطع محاولاته لاستغلال هذا الحدث لمصلحته يومًا بعد يوم، من أجل أظهار الحرب ضد التنظيم بـأنها عقائدية دينية ولابد من تجنيد أكبر عدد من الأنصار للثأر بحد زعمه.

 ولتحقيق هذا الغرض كانت المنشورات التي تهدد بقطع رأس قادة أوروبا وأمريكا والنشرات التحريضية التي تحمل صورة منفذ العمليات الإرهابية وسيلة التنظيم لحث ذئابه المنفردة لتنفيذ عمليات إرهابية في كل بقاع العالم.

وحدد التنظيم في خطة سرية لعناصره عبر قنوات خاصة بهم، كيفية الثأر من نيوزيلندا والدول الأوروبية وكافة الدول التي تحارب التنظيم والذي وصفهم بالأعداء وواجب التخلص منهم ليستعيد داعش قوته مرة أخري حيث بدأت الخطة الإجرامية للتنظيم بدس "السم بالعسل"، أي جذب عناصر جدد وإرسال طمأنينة لكافة الأنصار والمتعاونين بأن التنظيم لايزال حسب زعمه قادر على الحاق الأذي بأعدائه وذلك من خلال استعراض بعض التدريبات العسكرية الممزوجة ببعض الشعارات الدينية والتي يزعم التنظيم من خلالها بأنه المدافع عن الشريعة.

وكعادة التنظيم في استغلال أداته الإعلامية للتضخيم من انجازاته ورسم قوة وهمية لعناصره في كل مكان، حتى يكون بمثابة القدوة والمرجع الأساسي لهم في العمليات الإرهابية، حاول داعش في خطته الإعلامية أن يستعرض مهاراته في العديد من الجوانب أبرزها التكنولوجية وكيف يستطيع اختراق مواقع الأعداء (حسب زعمه) وينشر عليها ما يريد، فضلًا عن التباهي بوجود فروع للتنظيم في أكثر من بلدًا عربي وأفريقي بالإضافة إلي المتعاطفين معه والداعمين له في العديد من البلدان الأووربية. 

وحاول التنظيم المزج بين اللغة العربية والأنجليزية في رسم خطته التحريضية من اجل التفاخر بوجود عناصر أجنبية معه وأنه قادر على بعث رسالته بكل اللغات لعناصره.

 خطة التنظيم لغزو نيوزيلندا
وتضمنت خطة التنظيم للثأر (حد زعمه) من أعدائه وتحديداً نيوزيلندا، في التالي :أولأً التركيز على الاختراق الالكتروني واعتمد هذا البند من الخطة على تحريض الذئاب المنفردة وخاصةً العناصر التي لديها مهارات في التعامل مع التكنولوجية الحديثة أو ما يطلق عليهم "الهاكرز"، وحسب ما جاء في الخطة فأنه لابد أن يقوم المناصرين للتنظيم باختراق مواقع الأعداء ونشر بوستات وصور لداعش، وذلك من أجل بث الرعب في قلوبهم واثبات أن التنظيم قادر على اختراق مواقع العدو واثبات أنه "يستطيع في أي لحظة الدخول لعقر ديارهم" (حسب ادعائه)

أما البند الثاني من الخطة ركز على الاستهداف في الرأس، وذلك عن طريق تفجير رأس العدو عبر تصفيته بالمسدس الكاتم للصوت ونشر التنظيم ملاحق لكيفية تنفيذ هذه المهام، والتي حسب خطته سهلة ولا تتطلب مزيد من الوقت، حيث يحدد المُناصر الشخص المطلوب استهدافه وعادةً  يكون من العناصر الشرطية أو التابعة للحكومة النيزويلندية، ثم يقوم عضو التنظيم بشكل مفاجئ ودون سبق إنذار بتحديد مقدمة الراس بالاستعانة بـ "الاسبراي" (مادة تستخدم لتحديد الموضع المطلوب استهدافه) ثم يتم تصفيته بإطلاق الرصاص عليه، ونصح التنظيم عبر خطته بضرورة التصوير المرئي للعنصر المستهدف أثناء تنفيذ عمليه إعدامه.

أما الجانب الثاني من خطة الاستهداف في الرأس، اعتمد على اتباع الخطة التقليدية للتنظيم بقطع رؤوس الأعداء حسب تعبيره، حيث شرعن التنظيم هذا الامر انطلاقاً من الأية القرآنية والتي يأولها حسب رؤيته والتي تنص على :" أن الله أمر بضرب رؤوس الكفار والمشركين وأعناقهم"، كما استند إلي بعض الأحاديث النبوية واستنتج منها مشروعية جز الرقاب وقطع الأطراف. 


التبرير والتحريض علي القتل 

استند التنظيم لبعض التبريرات التي تحدث عنها أبي عبد الله المهاجر ( أحد أهم منظري التيار الجهادي وتتلمذ على يده الاب الشرعي للتنظيم أبي مصعب الزرقاوي) في كتابه فقة الدماء بخصوص أن الله لم يقل اقتلوا الكفار فقط،  بل شدد على عبارة ضرب الرقاب أي تصوير القتل (حسب زعم الكاتب) بإبشع الصور وهو  حز العنق). وأدعي الكاتب أن  قطع الرؤوس أمر مستحب عند الله ورسوله رغم أنوف الكارهين، واستشهد الكاتب بعدة وقائع ضرب للعنق، ابرزها على سبيل المثال :أن خالد بن الوليد في حروبه ضد المرتدين ضرب عنق أحد رؤسائهم، ثم أمر بالرأس فطُبخ في قدر أكل منه خالد تلك الليلة ليُرهب الأعراب من المرتدة وغيرهم".

وواصل الكاتب ادعاءته بأن قطع الرؤوس وحزها صفة مشروعة ودرج عليها الأنبياء والرسل، لذلك شرعن عملية التمثيل بأجساد القتلي وقطع أطرفهم وفقء عيونهم، زاعماً أنها جائزة شرعاً كنوع من الرد الحاسم وإرهاب للعدو حتي  لايجرؤ على الاعتداء أو محاربة التنظيم وعناصره. 

أما البند الثالث من الخطة الإجرامية للتنظيم تستند على جواز الاستعانة بالكفار والمرتدين سواء تابوا أو لم يتابوا لمساعدة التنظيم وخاصةً في الامور المتعلقة بالجانب التكنولوجي، نظراً لأن التنظيم عاني في الفترة الأخيرة من كم هائل من الاختراقات الالكترونية تسببت في حذف العديد من منتدياته الإعلامية، واختراق صفوف عناصره عبر المحادثات السرية التي يجريها التنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما تسبب في القبض على العديد من عناصره وافشال أكثر من خطة كان يرغب في تنفيذها في العديد من البلدان سواء العربية أو الأجنبية. 

وبرر التنظيم هذا الأمر لعناصره، مستعيناً بالتبريرات التي شرعنها أبي عبد الله في كتابه بخصوص جواز الاستعانة بالكفار والمشركين والطوائف الضاله حتي يتمكن التنظيم من النصر واستعادة قوته، ثم يجب عليه التخلص منهم على اعتبار وجوب قتل المرتد حسب زعمه وإن أظهر التوبة، ونفس الأمر لمن يقع في الاسر من المشركين فيجوز تعذيبه حسيب إدعائه. 

تكتيكات الذئاب المنفردة 

واعتمد البند الرابع على استخدام اسلوب الطعن بالخناجر لتصفية الأعداء، وهذا الجانب يعتمد حسب زعم التنظيم على استخدام الادوات الحادة للتخلص من المشركين (حسب وصفه) والمناهضين للإسلام في أوروبا، وهذا الاسلوب ليس جديداً  فقد نفذه عناصره في العديد من الدول، أبرزها الهجوم الذي وقع في 12 سبتمبر2017، حيث تعدى لاجئان فى العاصمة الألمانية برلين بالضرب والطعن على شخص لارتدائه أيقونة على شكل صليب، وفى 1 يونيو، قُتل شخص مسلم طعنًا فى مدينة أولدنبرج بسبب تدخينه فى نهار رمضان، وفى نهاية إبريل من العام نفسه، قتلت أمٌّ طعنًا أمام أطفالها بسبب قرارها ترك الإسلام والتحول للمسيحية. 

 وركز البند الخامس من الخطة على زرع العبوات الناسفة بالقرب من المركبات الشرطية أو التابعة لعناصر الأمن، أو بالقرب من مركبة تحمل عناصر مشركة (حسب وصفه)، حيث دعى التنظيم عناصره إلي التأني وعدم التعجل بالانصراف من المكان بعد الانتهاء من زرع العبوة الناسفة، ولابد من الانتظار حتى استماع صوت الانفجار، ثم يقتربوا من العربة ويقوموا بتصفية من تبقي من الأعداء حسب وصفه، لكي لا يلفت أي فرد من الموت ( أي لابد من يقتل الجميع حسب وصفه). 

والبند السادس من الخطة، ركز على ما سمي بـ العمليات الاستشهادية، باعتبارها وسيلة لاغنى عنها لايقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف الأعداء، مستنداً في شرعنة هذه العملية إلي ما قاله أبي عبد الله المهاجر في هذا الشأن، والذس استند إلي أحاديث نقلاً عن الصحابة، ليزعم أنها لا تُعدّ رمياً للنفس في التهلكة، باعتبار أن قتل النفس انتحاراً جرم، إنما الدافع هنا حب الشهادة الذي يغرر إلقاء النفس في غمرات القتال وإن تيقن الهلكة. ليس هذا فحسب، بل يرى أن هناك مشروعية في إتلاف النفس لمصلحة إظهار الدين أو رغبة في الشهادة.