رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقيقة أم خرافة.. هل يرجم الحجاج الشيطان؟

أرشيفية
أرشيفية

في موسم الحج كل عام تتوارد الكثير من المواقف الطريفة، التي تظهر مدى الاعتقادات الخاطئة لبعض المسلمين أثناء أداء المناسك، وأكثرها عند رمي الجمرات، التي يظن البعض خطأ أن الهدف منها رجم الشيطان الشاخص أمامهم، وأنه موجود في هذه البقعة المقدسة، فُيجد الحاج ويجتهد في تحقيق أقصى إصابة للشيطان الذي يكمن في ذهنه، ما ينتج عن ذلك الكثير من المشاهد الطريفة التي نشاهدها كل عام لحجاج في هذا الموقف العظيم.. فهل حقًا يرجم الحجاج الشيطان؟ أم أن هناك حكمة أخرى من هذا المنسك؟

يؤكد العلماء أن لكل عبادة حكمة، وأبرزها تحقيق طاعة الله في كل ما أمر، ورغم ورود حديث صحيح يؤكد أن نبي الله إبراهيم عليه السلام رجم الشيطان في هذه البقعة وأن أوَّل من رمى الجمار إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون).

ويشير العلماء إلى أن قول ابن عباس المقصود به أمر معنوي فقط، أما كون الشاخص بنفسه شيطانًا فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم أو أن الشيطان يقف لكي يرجم أيضا هذه لم ترد، وهو ما ذكره مركز الفتوى على الشبكة الإسلامية في الفتوى رقم 3621 بتاريخ 16 صفر 1420هـ.

وجاء فيها: ثالثاً : قولك : وهل يرجمون إبليس؟
اعلم وفقك الله ، أن المشروع في الحج هو رمي الجمار، اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا المكان الذي يرمى - وإن ذكرنا بحال خليل الله إبراهيم عليه السلام وهو يرجم الشيطان - إلا أنه الآن ليس شيطانًا، ولم يرد في الكتاب أو السنة ما يفيد إطلاق هذا التعبير" رجم إبليس" وإنما الوارد : رمي جمرة العقبة والجمرة الصغرى والوسطى .

لكن جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه الحاكم والبيهقي بعد ذكر ما كان من إبراهيم عليه السلام ورجمه للشيطان : ( الشيطان ترجمون وملة أبيكم تتبعون ).

وهو محمول - إن شاء الله - على الرجم المعنوي ، فإن الشيطان يؤذيه امتثال المؤمنين وطاعتهم ، مع ما يشتمل عليه رجم الجمار من التكبير والدعاء ، مما لا يود الشيطان سماعه...)

الثاني: ثم قول ابن عباس موقوف ليس له الحكم الرفع لأنه مما يمكن أن يقال بالرأي والظاهر كما مر أن مراده الرجم المعنوي الرمزي لا الحقيقي.

الثالث: ثم من المعلوم كما نص العلماء في أن الرامي يرمي الجمار اتباعًا لإبراهيم ولرسولنا عليهما الصلاة والسلام في ذلك وإن كان الرامي في زمننا لا يَعْرُضُ   له الشيطان عند الجمرات الثلاث كما عرض لإبراهيم عليه السلام ولذلك قال ابن عباس: (وملة أبيكم إبراهيم تتبعون) قال العلامة العثيمين في مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (24 / 500 و501) : (فكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يرميه بهذه الجمرات ، فإنه لا يستلزم أن يكون رمينا رميًا لإبليس، لأن إبليس لم يتعرض لنا في هذه الأماكن).

شروط صحة رمي الجمرات

وأكد العلماء أن هناك 6 شروط لذلك وهي:

الشرط الأول: أن يكون المرمي به حصى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وفعله.


الشرط الثاني: أن يكون الرمي مقصودًا بفعله، فلو رمى في الهواء لا يقصد رمي الجمرة فوقعت الحصاة في المرمى لم يجزه؛ لأنه لم يقصده، ولو رمى إنسان فوقعت الحصاة في ثوبه فنفضها فوصلت إلى المرمى لم تجزه، فلا بد من نية مطلق الرمى لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات).

الشرط الثالث: وقوع الحصى في المرمى في الحوض في مجتمع الحصى.

الشرط الرابع: غلبة الظن أو العلم بوقوع الحصى في المرمى.

الشرط الخامس: تفريق الرميات، فلو رماها دفعة واحدة لا تجزئ، وتعتبر واحدة فقط.

الشرط السادس: ترتيب رمي الجمرات، فيبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: (لتأخذوا عني مناسككم).